اخبار السودان لحظة بلحظة

لينا يعقوب: لغز جمال

قصة اختفائه المحزنة رغم ما تحمله من آلام وتوتر وغضب، وما يحيطها من إثارة وشائعات وألغاز.. لكنها كشفت الوجه الآخر للإعلام الذي سيس كثيرٌ منه القضية، ليس بإضافات “بهارات” إنما بتزييف بعض الحقائق وغض البصر عما يذكره الطرف الآخر.
اليوم (الأحد) مر 14 يوماً على اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي بعد ذهابه إلى قنصلية بلاده في أنقرة، لا توجد معلومة مؤكدة إن كان حياً أو ميتاً، مسجوناً أو مُصاباً..  تسربت الاتهامات والمعلومات من كل الأطراف لكن الحقيقة أن اللغز بات يتسع يوماً بعد آخر.
ما يُقال يبعث على الخوف بأن يكون مصير الرجل، الذي ملأ الدنيا ضجيجاً وشغل الناس، أن يُدَوَّن ضد مجهول، وأن تبتلعه ذاكرة “النسيان”؛ فكبار المسؤولين السياسيين والأمنيين يتحدثون عن أدلة وتسجيلات ومعلومات، لكنها سرعان ما تتلاشى بعد نشرها بساعات.
على سبيل المثال، فقد خرجت صحيفة “صباح” التركية بأهم المعلومات عن اكتشاف اللغز وتقديم الأدلة، عبر ساعة “آبل” التي كان يرتديها خاشقجي، حيث وبكبسة زر، كان يسجل ما يجري داخل القنصلية وفي ذات الوقت يتم تسجيل نسخة احتياطية في هاتفه الآيفون الموجود مع “خطيبته” في تطبيق (ICloud). وذكرت الصحيفة أن المعتدين على خاشقجي عندما لاحظوا الساعة الذكية حاولوا فتحها باستخدام بصمة إصبعه، وتمكنوا من مسح بعض الملفات.
لكن المتحدث الرسمي باسم شركة “آبل” قال لقناة CNN، إن الساعات التي تنتجها الشركة لا توجد بها إمكانية بصمة الإصبع.
السعودية قالت إن جمال خرج من القنصلية، وهو ما يتوجب عليها أيضاً إثباته.
كثيرٌ من الإعلام العربي تناسى القضية الأساسية وظلوا يتحدثون عن “مؤامرة” قنوات معينة، لذا كانت جميع المعلومات الصادرة من تركيا والولايات المتحدة تُلقى في سلة المهملات!
وكانت تلك القنوات أيضاً، تغض الطرف عن المعلومات والتصريحات الصادرة من المملكة والدول الحليفة لها، وتؤمن وتُسلم بنطرية واحدة فقط هي مقتل خاشقجي.
وبحسب المتابعات، كانت “بي بي سي”  أكثر القنوات مهنية وموضوعية، مهتمة بالقضية وأبعادها وكل ما يرد فيها من معلومات من الأطراف المختلفة.
نأمل أن لا تضيع قضية جمال خاشقجي في زحام الصراعات، وفي أساليب الابتزاز والمساومات، وأن لا تنتقل إلى الأمم المتحدة “البطيئة”، التي تتبعثر هذه الملفات داخل أروقتها.
لا يجب أن تكون هذه الحادثة عابرة، فطريقة حسمها وكيفية التعاطي معها، تُعطي مؤشراً واضحاً عن مصائر الصحفيين في العالم.
من تسبب في إلحاق أي أذى بالصحفي السعودي، كائناً من كان، سيجد عقاباً جماعياً من “صحافة العالم الحرة”.

اترك رد