اخبار السودان لحظة بلحظة

الطاهر ساتي: المشروع ..!!

:: معتمد الخرطوم يتعهد بإيقاف الحملات ضد بائعات الشاي بعد اكتمال المشروع.. ومن يسمع بمصطلح المشروع الوارد ذكره في الخبر يظن أن لهذا المسؤول من الوعي بما يُمكنه من حل الأزمة، وذلك بإحصاء بائعات الشاي ثم إجراء دراسة أحوالهن ثم استيعابهن في المهن والمشاريع والصناديق التي توفر لهن ولأسرهن ما يسد رمقهن.. ولكن للأسف، هذا المسمى بالمشروع محض خدعة إعلامية يلجأ إليها معتمد الخرطوم (عند اللزوم)، أي ليمتص غضب الرأي العام أو والي الخرطوم أو إحدى وسائل الإعلام..!!

:: وعلى سبيل مثال لهذا (اللزوم)، قبل عام وسبعة أشهر، انتقدت حملات المحلية الانتقامية بشوارع وساحات الخرطوم، وطالبت السلطات الولائية والمحلية بتوفير البدائل بدلاً عن استخدام وسائل الإذلال، فدعاني معتمد الخرطوم الفريق أبوشنب إلى زيارة هذا المشروع الوارد في الخبر والمراد به إيقاف (الكشات).. وهناك وقفنا بجوار (بضعة أكشاك)، منصوبة في حوش المحلية، ومراد بها تجميل الشوارع والساحات، ثم لاستيعاب الآلاف من بائعات الشاي، أو كما قال..!!

:: عدت إلى المكتب حالماً بمشروع يقي حرائر بلادنا (ذل الكشات).. مضى عامٌ وآخر، ولم تبارح تلك الأكشاك حوش المحلية، وكذلك لم تستورد المحلية ما يكفي نصف بائعات الشاي ولا ثلثهن ولا ربعهن.. والأدهى، لست وحدي من خدعه معتمد الخرطوم بالمشروع (الوهم)، بل نجح في تحويل تلك الأكشاك إلى ما يشبه (المزار السياحي)، بحيث رصدت أكثر من زميل يكتب عن المشروع بفرح عميق، وذلك بعد أن يتلقى دعوة المعتمد الذي يحرص على التصوير بجوار الأكشاك.. وقبل أشهر أيضاً، وقع وفد من اتحاد الصحفيين – بقيادة النقيب شخصياً – في هذه خدعة..!!

:: ويبدو أن معتمد الخرطوم لن يتخلى عن هوايته، بحيث كان خبر الخميس الفائت صحف الخرطوم، ما يلي بالنص: (أعلنت محلية الخرطوم عن تدشين مشروع تقنين عمل بائعات الشاي في مواقع ثابتة، وكشف عن تخصيص (200 كشك) في المرحلة الأولى)، هكذا الإنجاز المراد المراد به تغطية الحملات القادمة.. بعد ثلاث سنوات إلا قليلاً من التباهي بالمشروع، نجح في صناعة عدد (200 كشك فقط لا غير)، وبهذا المشروع الهزيل تكون الآلاف الأخريات من البائعات – بشوارع وأسواق محلية – في مرمى حملاته..!!

:: فالشاهد أن آثار حملات معتمد الخرطوم الفريق أبو شنب في نفوس بائعات الشاي وأسرهن لا تختلف كثيراً عن آثار حملات الدفتردار الانتقامية في نفوس أهل السودان، وكثيرة هي الشواهد والمشاهد التي تريك بأن هذا المعتمد – الذي لا يحمل قلبه مثقال ذرة من الرحمة – دائماً ما يملأ نفوس الحرائر بالأحزان والغبائن، ولا يبالي بدموعهن و دعواتهن.. وإن كان جهده السلحفائي يصنع (200 كشك كل ثلاث سنوات)، فمتى يكتمل المشروع بحيث تتوقف حملات معتمد الخرطوم ثم عمليات ابتزازهن من قبل المسمى بالمتعهد..!!

:: نعم، تجد أحدهم من القادرين على هدم الجبال، وعندما تسأله عن مهنته يُجيبك بلا حياء: (أنا متعهد ستات الشاي).. فالمحلية تتعاقد مع هذا الخامل على تحويل أوضاع بائعات الشاي إلى ما تشبه (حال الجواري).. يستأجرن منه الكراسي والترابيز بالإكراه وبالأسعار الملزمة.. ولو فكرت إحداهن على استخدام كراسيّها وترابيزها بدلا كراسي وترابيز المتعهد، تصادرها سلطات المحلية ولا تعيدها إلا بعد الغرامة والالتزام بأن تستأجر من العاطل المسمى بالمتعهد.. وهكذا، ما بين مطرقة المتعهد وسندان المعتمد تصطلي بائعة الشاي في سبيل تحقيق الربط المقدر لخزائن الحكومة..!!

اترك رد