
يتحتم علي حكومة الدكتور حمدوك التي ستواجه مشكلات كبري في العبور بالاقتصاد السوداني من الأزمة الراهنة ضرورة التفكير بطرق مختلفة وإعمال المخيلة الاقتصادية لحلول أسهل من اللجوء الي سياسات الاصلاح الهيكلية والتي ترتبط بوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين( رفع الدعم وتعويم الجنيه) لأنها مهما كانت صحيحة وعلمية الا ان كلفتها السياسية باهظة ، مع الاخذ في إلاعتبار أن اهم موقومات نجاح هذه الحكومة تكمن في حاله الرضا الشعبي التي تمتع به والنظر لقائدها كمنقذ للوضع المتردئ.
لذا البحث عن حلول ذاتية تحقن الاقتصاد بموارد الشعب السوداني وتأتي علي رأسها مدخرات السودانيين العامليين بالخارج أمر ممكن وخصوصاً كل المؤشرات تدل علي أن الشعب السوداني أصبح مهيأ تماماً لنهضة تنموية شاملة ومشاركة المغتربين السودانيين في كل قارات العالم في الحراك الثوري تدل علي ذلك، ويجب ان تكون تلك الهمة وقود لربطهم إقتصاديا ببلدهم والإستفادة من التدفقات النقدية المتمثلة في تحويلات المغتربين والتي تقدرها بعض الارقام بأنها اكثر من ستة مليار دولار سنويا اي ضعف حجم الصادرات مجتمعة تقريبا .
ولكن التحديات كبري والامنيات وحدها لن تجذب تحويلات المغتربين الي الجهاز المصرفي وإنما يتوجب ان تكون هنالك تغير في النظرة الي مدخرات المغترب من الاستجداء عبر الحوافز التشجيعية الي خلق شراكات حقيقية يمكن تنفيذها من خلال :
* تأسيس بنك المغتربين برأسمال لا يقل عن 2 مليار دولار تطرح الاسهم الاولية فقط للمغتربيين ويجب ان تسبق عملية التأسيس دراسات وورش من خبراء الاقتصاد المصرفي والتمويل ودراسات التنمية وتصميم المشروعات في خارج وداخل السودان.
* أن يصمم البنك علي أسس وأهداف نوعيةو محددة تمكن المغتربين السودانيين من الدخول في مشروعات صغري ومتوسطة وإستثمارات كبري في كل المجالات أهمها مجالات الزراعة التقاعدية والصناعات المرتبطة بها لمحصولات الصادر والانتاج الحيواني وغيرها من المشروعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة.
* يمكن لروابط السودانيين المقيميين بالخارج والذين يعملون في أنشطة كثيفة الدخل مثل الأطباء علي سبيل المثال من إيجاد فرص لتمويل مشروعات إستثمارية ذات عائد مضمون ومخاطر قليلة مثل تأسيس مستشفيات حديثة توطن العلاج بالداخل وتستهدف الدول المجاورة للسياحة العلاجية كواحدة من مصادر تنويع الاقتصاد .
* أيضا ضرورة وضع حوافز تفضيلية في حالة طلبات تمويل أو شراء العقارات السكنية للمغترب بغرض المأوي اي أن تتحمل الدولة فروقات الاسعار بين السعر الرسمي والسوق الموازي للعملات الأجنبية مقابل العملة الوطنية وذلك في شكل تخصيص اراضي وشقق سكنية وفق محددات لسقف التحويلات المالية من الخارج عبر النظام المصرفي.
* العمل علي دمج الاقتصاد المهاجر لا يعني بالضرورة فقط إدخال أموال سوداني المهجر الي النظام الرسمي وإنما حقن العملية الإنتاجية بطاقات جديدة تتمثل في نقل التكنولوجيا وطرق حديثة تتعمد تغيير نمط الانتاج التقليدي وتعطي الصادرات قيمة مضافة وميزة تنافسية في الاسواق الخارجية .
كما ان ضرورة إستجلاب موارد السودانيين بالخارج يعتبر اذا ما أتعبت سياسات تشجعية وتم التشبيك بين كل الجهات ذات الصلة وأخذت الوقت الكافي من الدراسة وأهمها أصحاب المصلحة من الشراكة وهم ( شريحة المغتربين ) يعتبر أقل تكلفة وتساعد علي بناء احتياطي نقد أجنبي يساهم في إستقرار سعر الصرف ويساعد علي تهيئة البيئة لجلب إستثمار أجنبي مباشر ويسهل علي المدي المتوسط من رفع الدعم والتشوهات من الإقتصاد السوداني ومن ثم الطريق الي التعامل مع المؤسسات الدولية بكفاءة وصولاً الي أن تتحقق مرحلة الانطلاق لإقتصادنا الوطني.