وحين نتحدث عن المعارضة .. فنحن نتحدث عن جملة معارضات .. لا واحدة .. فهى وإن إتفقت فى الهدف وهو إسقاط النظام .. ولكنها تختلف فى الوسائل .. وليس هذا موضوعنا اليوم على كل حال .. بل سنحاول إستعراض المواقف كما هى .. قامت قيامة المعارضة ولم تقعد بعد .. لأن المجتمع الدولى .. و حين تقول المجتمع الدولى فالمصطلح يمكن أن يبدأ من امبيكى ولا ينتهى عند عتبات البيت الأبيض .. حين دعا هذا المجتمع الدولى المعارضة لبدء حوار مع النظام أغضبت الدعوة المعارضة بكل أطرافها وأطيافها .. المعنية منها وغير المعنية .. وأجمع هؤلاء واولئك أن الدعوة محاولة لتمرير أجندة النظام ..!
كان هذا إجماعا نادرا للمعارضة على موقف مشترك .. فماذا بعد ..؟ خلال مشاركته إحتفالات توقيع إتفاقية سلام لحكومته مع معارضيه بمبادرة سودانية .. قال رئيس جنوب السودان الفريق سالفا كير مداعبا الرئيس البشير وعلى رؤوس الأشهاد .. إنه سيرد التحية للسودان بطرح مبادرة سلام مع المعارضة .. ولكن حين إنفرد الرئيسان .. تحولت المداعبة الى طرح جاد .. وإن إختلفت الروايات فى من الذى بادر .. هل عرض سالفا خدماته .. أم أن البشير قد طلب مساعدته .. ولكن المؤكد أن معارضين بارزين يمثلون فصيلا مسلحا .. يتواجدون فى عاصمة أوروبية .. قد تلقوا دعوة عاجلة من سالفا كير للحضور الى جوبا على وجه السرعة للتفاكر فى كيفية العودة الى مائدة التفاوض .. ! وهاك قصة أخرى .. فبينما كان نداء السودان يبتدر فى الداخل حملة ضد تعديل الدستور .. بعنوان كفاكم .. وضد إعادة ترشيح الرئيس البشير لدورة إنتخابية جديدة .. فيما وصفت بأنها مواجهة إنتخابية مبكرة بين الحكومة والمعارضة .. ولكن على غير العادة هذه المرة .. فقد إختارت زمانها وموضوعها المعارضة لا الحكومة .. ! غير أن المفارقة كشأن المعارضة دائما .. أن قصة أخرى كانت فصولها تجرى على التوازى فى الخارج .. كانت شخصية معارضة معروفة تعرض على النظام صفقة .. وغير بعيد من ذات العاصمة الأوروبية .. الصفقة صاغها بذكاء ذلك القيادى البارز .. المحسوب على نداء السودان ايضا .. عبر السؤال المباغت التالى لضيفه .. ألا يخطط البشير لتعديل الدستور للترشح فى 2020 ..؟ قبل أن ينتبه المسئول لما وراء السؤال وقبل أن يصيغ إجابة دبلوماسية مناسبة .. لا تورطه لاحقا جراء ذلك السؤال الذى حسبه مفخخا .. كان محدثه المعارض يباغته مرة أخرى .. إذن قل له أن يدعو لـ (مؤتمر دستورى ) بضمانات معقولة .. وسنوافق عليها ونشارك فى المؤتمر الدستورى .. الذى سنعمل على خروجه بصيغة توافقية يقدم فيها النظام تنازلا حقيقيا .. وتحصل فيها المعارضة على مكاسب مقدرة .. ويحصل فيها الرئيس على فرصة ترشح جديدة .. وأردف المعارض بما معناه .. سنمنحه شرعية مثل شرعية نيفاشا .. قبل أن يختم .. التى لم يحسن إستغلالها .. يعنى شرعية نيفاشا بالطبع ..!
إذن .. ثورة فى المعارضة على دعوة المجتمع الدولى للحوار مع النظام .. ثم حماس لدعوة سالفا كير للتشاور حول آلية للحوار مع ذات النظام .. وحملة ضخمة مناوئة لتعديل الدستور ورافضة لترشح البشير لدورة رئاسية جديدة .. هذا فى الداخل .. أما فى الخارج .. صفقة تتحدث عن مؤتمر دستورى .. يحقق رغبة الرئيس فى التعديل والترشح .. ويحقق مطلوبات المعارضة فى تقليم بعض أظافر النظام .. ولا تعليق .. !