:: بما أن الدولار بسعر الآلية (47.7 جنيه)، فمن الطبيعي أن تحجم شركات الأدوية – كما أعلنت في صحف الأمس – عن الاستيراد لحين النظر في أسعار البيع للمرضى، إذ ليس عدلاً أن تشتري الشركات الدولار من الأسواق السوداء أو من البنوك بسعر الألية (47.7 جنيه)، ثم يلزمها مجلس الأدوية البيع بالسعر التأشيري المعلن قبل عام (30 جنيهاً)، هذا ليس عدلاً ما لم يكن المراد به ايقاف استيراد الأدوية .. و (فعلاُ)، كشفت الشركات أن طلبيات الصيدليات قد بدأت تتراكم منذ تحريك سعر الدولار عبر الألية إلى (47.7 جنيه)..!!
:: ثم قالت أن هناك متاعب في الاستيراد ، وأن هناك اجتماع مع المجلس القومي للأدوية والسموم ما إذا كان سوف يحرر سعر صرف دولار الدواء أم سوف يزيد السعر التأشيري للدولار عما عليه حالياُ (30 جنيهاً مقابل الدولار) ..هكذا الواقع الجديد، وليس هناك أي خيار آخر.. أي إما تحرير سعر صرف دولار الأدوية كلياً بحيث تستورد الشركات بسعر الآلية (47.7 جنيه)، ثم تبيع بذات السعر، أو زيادة السعر التأشيري لدولار الأدوية بحيث أكثر من ثلاثين جنيهاً و أقل من سعر الآلية (47.7 جنيه)، وليس هناك خيار آخر غير توقف الشركات عن الاستيراد ..!!
:: ومن المخاطر أن تغامر الحكومة بصحة الناس ما بين العدم أوالأدوية المُهربة.. وقبل وقوع فؤوس الأزمة على رؤوس الجميع، على البرلمان أن يتحرك عاجلاً ويستدعي وزراء المالية والصحة ومساءلتهم عن آثار تحرير سعر الدولار المخصص لإستيراد الأدوية، أي عن آثار رفع الدعم عن الأدوية .. لا يشعر به إلا المرضى وأسرهم، فما يحدث أمر مزعج للغاية ، حتى ولو أبقى مجلس الأدوية سعر دولار الأدوية (30 جنيهاُ)، وحتى ولو وافقت الشركات على هذا السعر، فان هذا السعر يرهق المواطن .. !!
:: فاليوم من كان يستخدم صنفاً دوائياً قيمته دولاراً مدعوماً (17 جنيه )، فعليه أن يموت أو يبيع أثاث منزله ليشتري ذات الصنف الدوائي بدولار المجلس (30 جنيه)، وربما يشتري غدا بدولار الآلية (47.7 جنيه) في حال التحرير الكامل، وكلها أسعار تضع الأدوية بعيدة عن متناول الفقراء .. نعم، تحريك سعر الدولار المخصص للأدوية عما عليه حاليا (30 جنيهاً)، سوف ترفع أسعار الأدوية عما هي عليها الآن، وهذا يرفع سعر الدولاء .. ثم أن هذا التحريك لن يكون حلاً مع الارتفاع المتواصل لسعر الدولار، ما لم يكن المطلوب تحريك سعر الدولار يومياً أو أسبوعياً، كما الحال في الأسواق السوداء.. !!
:: نسب الفقر في بلادنا تختلف حولها المؤسسات، وتعدد نسب الفقر تعني العجز حتى عن ( إحصاء الفقراء).. ميزانية الأدوية لا تتجاوز ( ثلاثمائة مليون دولار)، فلماذا تبخل الحكومة على مرضاها بهذا المبلغ الهزيل؟..من هنا يجب أن يسأل البرلمان وزارة المالية، ثم يرغمها على دعم الأدوية..( الكسرة أو البليلة ) قد تكون بديلاً للرغيف، ولكن لا بديل للدواء إلا الموت..ويجب تذكيرهم، نقلاً عن تقرير منظمة الصحة العالمية، بأن أسعار الدواء في السودان هي الأعلى في هذا الإقليم، وتضاعفت أسعار بعض الأدوية (18 ضعفاً)عن أسعارها في المؤشر العالمي، وكان هذا قبل قرار تحرير أسعارالأدوية ، فكيف يكون الحال اليوم ..؟؟