<
p dir=”rtl”>نشاط مكثف لنائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع الفريق اول محمد حميدان دقلو برز خلال الفترة الماضية، فالرجل ظل ينشط مؤخرا في مخاطبات جماهيرية عديدة عوضا عن تحركه في الشق التنفيذي بمهام الدولة وخلال الأسبوع الجاري ظهر حميدتي مخاطبا حشودا جماهيرية بمنطقة قري بالريف الشمالي عصر يوم السبت الماضي، رافقه خلالها عضو المجلس العسكري الفريق ياسر العطا ، ثم ظهر في اليوم التالي مخاطبا جمعا غفيرا من ولايات الوسط بقاعة الصداقة وأمس (الثلاثاء) خاطب الرجل حشدا من قيادات الزعامات الأهلية في ملتقى الادارات الأهلية بأرض المعارض بري، ويخاطب اليوم ما يُعرف بنداء مقرن النيلين للمرأة السودانية ،مع توقعات بان يستمر نشاط الرجل الذي سينتقل الى مخاطبات بالولايات ، (الإنتباهة) حاولت ان تقلب وراء النشاط الملحوظ لحميدتي خلال الآونة الاخيرة وذلك تحليلا واصطحابا كذلك لآراء خبراء في هذا الطرح:
النجدة.. النجدة:
وخلال فعالية ملتقى الادارات الأهلية (الثلاثاء) تحدث نائب رئيس المجلس العسكري في جملة من القضايا ، واستنجد في خطابه برجالات الإدارة الأهلية قائلاً : (نحن وقت قلنا الادارة الاهلية عايزين الفزع )، وأردف : (انحنا وقت قلنا الادارة الاهلية شايفين البلد ما ماشة قدام عشان كدا قالو الما عندو كبير وقع ليهو في بئر انحنا ديل كبارنا والآن ما في برلمان وتشريعي في البلد انتو البتمثلو البرلمان هسي انتو قبائل السودان ودي حقائق ما في زول بنكرا )…
حميدتي اشار الى انه قبل تفويض الادارات الأهلية للمجلس العسكري ولكن شريطة ان يكونوا هم جزءاً من التفويض منوهها الى انهم قابلوا كل مكونات الشعب السوداني وكل الأطياف والأحزاب عدا المؤتمر الوطني، مناشدا الشباب بان يكونوا حضورا في المسؤولية المشتركة.
البحث عن تفويض:
ويرى أكثر من مراقب سياسي أن تحركات نائب رئيس المجلس العسكري ونشاطه الخطابي في وقت توترت فيه العلاقة بين المجلس وقوى الحرية والتغيير ، تمضي باتجاه الحصول على تفويض شعبي ليمكن المجلس من تشكيل حكومة تكنوقراط بمفرده ، وهذا الأمر ربما يفضي لتعقيدات جديدة على المشهد بحسب رأي الكثير من المراقبين ، ويبدو ذلك جلياً في حديث حميدتي الذي أشار الى انهم موافقون على تشكيل حكومة تنكقراط ولكن لن يتحمل هذا القرار المجلس العسكري وحده، وانما كل مكونات الشعب وقال : نتحمل المسؤولية سوياً ونشيل الشيلة سوياً والأجهزة الامنية مهمتها حماية البلاد وأمنها وقانون الطوارئ وقوانين الأجهزة النظامية هي تبعيتها للقوات المسلحة مباشرة ومن أجل ذلك نريد ان نوضح للناس بان جميعنا كسودانيين، والادارة الاهلية هي صاحبة الحق ومعترف بها عالميا ونحن نريد حلا سودانيا سودانيا خاصة وان البلاد لا تحتمل الفراغ الدستوري.
مغازلة الأحزاب التاريخية:
ولم يقف نائب رئيس المجلس العسكري عند حد التفويض الذي حصل عليه المجلس من الإدارات الأهلية، بل مضى إلى مغازلة القوى السياسية الفاعلة في المسرح السياسي السوداني مثل القوى التقليدية حيث طالبها بتحمل المسؤولية في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد، حيث قال حميدتي على الأحزاب السياسية العريقة أن تتحمل مسؤولياتها خاصة وان التاريخ لا يرحم والآن جاء دور الحكمة ولذلك يجب على القوى السياسية ان تتحمل المسؤولية وتتجرد من المصلحة الشخصية والهوى النفسي وتعود للمصلحة الوطنية والعامة ، وخلال الملتقى تسلم نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق اول محمد حميدان دقلو (حميدتي) وثيقة عهد من الإدارات الأهلية .
تشكيل حكومة تكنوقراط:
بإلقاء نظرة فاحصة لتحركات نائب رئيس المجلس العسكري خلال الفترة الاخيرة ، وبقراءة لما بين سطور خطاباته المتواترة يلحظ انه ركز بشكل مباشر على مكونات المجتمع خارج إعلان الحرية والتغيير مثل الادارات الاهلية ومخاطبة الرموز والتيارات الدينية وكذلك الحشود الجماهيرية الجامعة لـكل الفئات وهو ما يعطي مؤشرات بعزم العسكري على تشكيل حكومة تكنوقراط خاصة وان خطابات حميدتي كلها حملت تأكيدات على تكوين وإعلان حكومة تكنقراط في اسرع وقت ممكن كما انها سانحة لإطلاق رسائل مباشرة خاصة بالتأكيد على ضرورة فترة انتقالية تسبقها انتخابات مع الاشارة الى ان حميدتي اشار خلال حديثه الأخير في ملتقى الادارات الاهلية عن ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة لتصريف وادارة أعباء البلاد، كما انها ايضا مثل هذه اللقاءات تبرز نوعا من السند الشعبي للعسكري الذي ظل يفتقد لهكذا إسناد منذ التغيير .
الانتخابات:
وبالمقابل فان طرق قيادات العسكري على ملف الانتخابات وقيامها خلال الموعد المحدد بـ 9 أشهر ومن ضمنهم حميدتي نفسه في كل الخطابات السابقة يشير الى ان المجلس لن يفاوض فيما يتعلق بهذه الجزئية حيث ظل يؤكد مرارا وتكرارا على ضرورة تسليم السلطة لحكومة منتخبة وهو ما يعني ان الفترة الانتقالية ستدار بوجوه لن تكون مرتبطة بأي انتماءات حزبية.
منعطف تاريخي:
النائب البرلماني في عدد من البرلمانات السابقة والخبير الأمني الفريق شرطة احمد إمام التهامي قال لــ(الإنتباهة) ان تحركات نائب رئيس المجلس العسكري تصب في اتجاه السلم الاجتماعي كما ان المجلس العسكري يحتاج الى توسيع قاعدة الشورى والمشاركة المجتمعية خاصة في محيط الادارات الاهلية بربوع الوطن عوضا عن رجالات الدين ورموز ومنظمات المجتمع المدني وفئات النساء والشباب وذلك لإشراكهم في تحمل مسؤولية البلاد التي تمر بمنعطف تاريخي خطير يتطلب وحدة جميع اهل السودان لعبور المرحلة الحالية بفترة انتقالية سلسة تسهم في تقوية النسيج الاجتماعي وتهيئة البيئة لانتخابات حرة. واضاف التهامي بانه يجب ان يستفيد العالم من الثورة السودانية وذلك بإبراز الجانب المشرق لها وليس ثقافة الإقصاء والكراهية التي تسيدت المشهد والساحة السياسية بشكل ملفت، ولكن مهما اختلفت التوجهات الايدلوجية يبقى المجتمع السوداني متسامحاً.
واعتبر التهامي بان تحركات نائب رئيس المجلس الانتقالي تصب في ناحية تنوير السودانيين عن الأوضاع الراهنة وخطورتها والتي تتطلب حكومة كفاءات بعيدا عن التوجه السياسي ..التهامي علق على تركيز حميدتي على طرح الانتخابات عقب الفترة الانتقالية وقال خلال افادته لــ(الإنتباهة) ان الانتخابات بإمكانها ان تقوم ولكن شريطة ان تمر الفترة الانتقالية ان كانت 9 اشهر او عاما أو عامين بان تكون مستقرة وآمنة .
الدعم الشعبي:
ولكن بالمقابل فان المحلل السياسي والكاتب الصحفي عزمي عبد الرزاق رأيا مختلفا عن السابق حيث قال لــ(الإنتباهة) في معرض الطرح بانه من خلال النشاط المكثف لنائب رئيس المجلس العسكري فانه يبدو عازما على إكمال خطوات اعلان الحكومة الانتقالية والحصول على دعم شعبي لها من قبل الادارات الاهلية واعيان القبائل ومكونات المجتمع السوداني وايضا القوى السياسية التي لديها تحفظات على اعلان قوى الحرية والتغيير الممثل الوحيد للحراك الثوري.
ويشير الى ان هذه التحركات تأتي في ظل فشل الوساطة الاثيوبية بالجمع بين الفرقاء من العسكري والتغيير وإعادتهم الى طاولة التفاوض عوضا عن التصعيد الذي قامت به قوى الحرية والتغيير من خلال العودة الى المواكب وجداول التظاهرات، وهو ما قطع الطريق تماما بين الجانبين ونتيجة لهذا الفراغ السياسي الذي تعيشه البلاد وغياب الحكومة لنحو ثلاثة اشهر من القيام بأدوراها كما ان البلاد في حاجة ماسة الى خطة اسعافية في الجانب الاقتصادي والسياسي والعمل الخارجي ما استلزم تحرك نائب رئيس المجلس العسكري الى الحصول على تفويض شعبي يعالج به هذا الفراغ .
عزمي علق على خطابات نائب رئيس المجلس العسكري خلال الفترة الماضية وقال انها حملت رسائل تشير إلى ان الخيار الوحيد للحصول على السلطة هو الانتخابات بجانب التعبير عن مشاركة شعبية واسعة لدعم كافة خطوات المجلس العسكري الانتقالي خلال الفترة المقبلة .
خطوة إيجابية:
امين الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية بحركة العدل والمساواة والقيادي بتحالف نهضة السودان نهار عثمان بدوره علق على موضوع الطرح وقال لــ(الإنتباهة) ان تحركات ونشاط حميدتي يصب في اطار نشاطات المجلس العسكري الانتقالي بالتواصل مع مكونات المجتمع السوداني بما فيها الادارات الاهلية والقطاعات المختلفة خاصة وان السودان كبير في تنوعه وكذلك في مشاربه حيث هنالك المنتمون لتنظيمات سياسية والمستقلون وبالتالي فان انشطة المجلس العسكري مؤخرا بما فيها الخطابات الأخيرة لنائب المجلس العسكري حميدتي كلها تصب في اطار التواصل وهي خطوة ايجابية في سبيل تمليك الحقائق خاصة وانها منصات مباشرة لمخاطبة الشعب السوداني عبرها ، وطالب نهار بان يستمر هذا النشاط ويمتد الى الولايات بمخاطبة اعضاء المجلس العسكري للمواطنين فيها كما انه يتطلب من الطبقات السياسية المختلفة بان تكون حاضرة لهذه اللقاءات خاصة وان المرحلة الحالية دقيقة وتحتاج الى تواصل وشفافية ووضوح.
من جانبه رئيس حزب الأمة الوطني عبد الـله مسار قال لــ(الإنتباهة) ان المجلس العسكري هو سيادي ومتضامن ويعمل اعضاؤه بتجانس كبير وبالاشارة الى الظهور الكثيف لقادة المجلس ولنائب رئيس المجلس حميدتي بصفة خاصة فانه يصب في اطار معرفة الرأي العام للمجلس ورؤيتهم في طريقة الحكم بالمرحلة الانتقالية كما انها مؤشر لكيفية تشكيل حكومة تصريف أعمال بصورة سريعة خاصة وانه ليس هنالك تفويض انتخابي وكل التفويض الآن هو شعبي وهو ما يجعل انشطة المخاطبات الجماهيرية تصب في هذا الاتجاه كما انه مؤشر على قربهم من الشعب ومعرفة قضاياهم بالاضافة الى التواصل مع رموز المجتمع وقيادات الادارات الاهلية وذلك للتأثير الكبير التي تتمتع به خاصة الادارات الأهلية والطرق الصوفية ، واضاف مسار بأن المجلس العسكري ينشط عبر جميع اعضائه في طواف بالولايات حيث ان الفريق العطا زار مؤخرا نيالا كما زار اللواء ابراهيم جابر الفاشر كما ان رئيس المجلس نفسه في طواف خارجي وزار عددا كبيرا من الدول وآخرها تشاد، ومن المتوقع ان يزور عددا من الولايات خلال الفترة المقبلة بجانب دول اخرى وكلها في اطار حراك سياسي داخلي وخارجي ليمكن العسكري من معرفة الرأي العام الداخلي والخارجي والبناء على النتائج.
تقرير : محمد جمال