من جانب آخر قال أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة جامعة الأزهر سابقًا الدكتور شوقي أحمد دنيا, إن البنوك في حاجة ماسة إلى الحسابات الجارية لحاجتها إلى تحقيق المزيد من العوائد والأرباح، ولذلك تقبل على فتحها لمن يريد، بل وباتت تعمل جاهدة على جذب أكبر عدد ممكن من الأفراد والأشخاص للقيام بفتح هذه الحسابات من خلال ما تقدمه لهم من مزايا عديدة ومتنوعة بل لقد سارت إلى ما هو أبعد من ذلك إذ في حالات عديدة تلزم البنوك العملاء بفتح هذا الحساب. وأكد في ورقة عمل شارك فيها بالمؤتمر بعنوان: (المزايا التي يقدمها المصرف لأصحاب الحساب الجاري “منظور شرعي واقتصادي”), أهمية عرض وجهة نظر البنوك والمصارف التي تقدم المزايا والخدمات لعملائها لكي يتم تكوين دراسة تخلص إلى رأي يجمع كل الآراء وفق منظور شرعي اقتصادي. وحدد الأستاذ بكلية التجارة بجامعة الأزهر الدكتور محمد عبد الحليم عمر, 10 ضوابط لمنح البنوك والمصارف جوائز لأصحاب الحسابات الجارية, موضحًا أن الضابط الأول هو أن لا تذكر المزايا في طلب فتح الحساب ولا الشروط والأحكام المرفقة باتفاقية فتح الحساب وأن لا تكون ملحوظة في الإعلانات بما يوحي بأنها من شروط الحساب, والثاني: أن تكون قائمة على التبرع من جانب البنك وبإرادة منفردة, والثالث أن تذكر المزايا في الإعلانات وعلى موقع البنك بعبارة” يجوز للبنك منح مزايا لأصحاب الحسابات الجارية في صورة” لأن الجواز لا يعني الالتزام، والرابع: أن لا تكون هذه المزايا نقدية لأنها بذلك تكون من جنس مبلغ الحساب في صورة زيادة على المبلغ فتكون من الربا، أما الخامس: بأن لا تعطى الجوائز لكل العملاء حتى لا تكون من جوهر هذه الحسابات وإنما تعطى لعدد محدود منهم ويتم اختيارهم بالقرعة سواء من الكل أو لفئة منهم، والسادس: أن لا تكون لها مواعيد ثابتة أو شكل واحد ولا تكون بشكل واحد متكرر حتى لا تصير بمرور الزمن عرفًا وبالتالي تصبح مثل الهدايا المشروطة، والسابع: أن لا ترتبط قيمتها بحجم مبلغ الوديعة داخل الفئة الواحدة، والثامن: أن الهدايا ذات القيمة الصغيرة والتي تمنح لجميع العملاء جائزة، والتاسع: يجوز منح المزايا المعنوية التي تمثل نوعًا من التقدير وحسن الضيافة لجميع عملاء البنك ومنهم أصحاب الحسابات الجارية، وأخيرًا الضابط العاشر: أنه يجوز للبنك منح هدايا وجوائز للعملاء قبل فتح الحساب كما يجوز أن يقدم جوائز نقدية أو عينية لبعض الجهات أو الأفراد لاستقطاب عملاء جدد. فيما رأى أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء الدكتور يوسف بن عبد الله الشبيلي أنه لا يمنع شرعًا من أخذ البنوك والمصارف أجرًا على الخدمات المتعلقة بالحساب الجاري، سواء على جميع الحسابات الجارية أو على بعضها، كرسوم فتح الحساب، أو رسوم دورية على الحساب، أو رسوم للسحب النقدي، ونحو ذلك؛ لأن المصرف في مركز المدين والعميل في مركز الدائن، والمحظور شرعًا أن يأخذ الدائن زيادة على المدين وليس العكس. وقال الدكتور الشبيلي خلال مشاركته في المؤتمر, إنه لا يجوز أخذ فوائد مشروطة على الودائع الجارية؛ سواء قيل بتخريجها على عقد القرض أم على الوديعة المضمونة ولا خلاف بين العلماء المعاصرين في ذلك، لأنها بالاتفاق دين مضمون في ذمة المصرف؛ فلا تجوز الزيادة فيه, مبينًا أنه لا خلاف بين العلماء في أن الودائع الجارية تعد دينًا في ذمة المصرف، وإنما الخلاف في توصيف هذا الدين هل هو قرض، أم أنه وديعة مضمونة؟ أم أنه دين ناشئ عن عقد جديد يجمع بعض خصائص العقدين. من جانبه لفت الأمين العام للمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم في دبي الدكتور عبد الستار الخويلدي, إلى عدم جواز منح الجوائز على الحساب الجاري في البنوك إذا كانت مشروطة في فتح عقد الحساب الجاري أو أعلن المصرف عن تلك الجوائز قبل فتح الحساب وكان الإعلان ملزمًا, موضحًا أن الخدمات التي تقدم للعملاء كإعطاء البطاقات أو دفتر الشيكات مجانًا فليست داخلة في دائرة المنع لأنها غير مشروطة وتنازل المصرف بصفته مقترضًا عن حقه. كما أوضح المفتي العام للمملكة الأردنية الهاشمية الدكتور محمد أحمد مسلم الخلايلة أن الحسابات الجارية في البنوك الإسلامية هي قروض بالمنظور الفقهي، إلا أنه ينبغي أن لا يجري فيها كل أحكام القرض في الفقه الإسلامي. مضيفاً بأن حسابات الاستثمار لدى البنوك الإسلامية تكيف على أنها مضاربة وتجري فيها جميع أحكام المضاربة في الفقه الإسلامي. وفي نهاية الجلسة طالبت المستشارة في المصرفية الإسلامية الدكتورة خوله فريز النوباني, بإعادة النظر في التكييف الفقهي للحسابات البنكية الجارية، إذ أنه باعتبارات العميل هو عقد وديعة وباعتبارات المصرف هو عقد قرض، كما أنه في حال الالتزام بتكييف المعاصرين له بأنه عقد قرض فمن الواجب انسجام الاجراءات والامتيازات المتعلقة بهذا الحساب مع ضوابط عقد القرض. // انتهى // 18:00ت م 0236