من أكبر مظاهر الإرهاب ونتائجه في بلادنا أن الناس يحنون رؤوسهم أمام كل من يتبجح بإسم الإسلام (( تبجح الشخص في معاجم اللغة يعني : افتخر وتباهى في صلف ، والعالم الحق لا يتبجح بعلمه )) أو ( أجاب بصفاقة ، لم يراع قواعد الأدب ) ” ويقول أهلنا في مصر : فلان هذا بقح ، إذ ينطقون الجيم قافاً ” .. نعم ، يحنون رؤوسهم لدرجة أن أغلب الكتاب عندما يتصدون لهم ويناقشون أطروحاتهم يفعلون ذلك في إطار من التأكيد المستمر علي أنهم مسلمون وينطلقون في دفاعهم عن قيم الديمقراطية والتقدم من منطلقات الدين أيضاً ، ويذهبون مذاهب شتى في أن الأنظمة قد شوهت الشريعة بالتطبيق الخاطئ ..الخ..الخ ، وكأنهم أمام الذي سيسألهم ويحاسبهم يوم الدين .. ذلك في الوقت الذي يلعن فيه الاسلامويون العلمانية ليل نهار جاعلين منها معادلاً موضوعياً للإلحاد ..
ليس من مهام هذه الزاوية البحث العلمي حول الأمر ، فقط نقول أن الإسلام قد لخص الأديان السابقة له تلخيصاً شاملاً ووضع كل قيمها في قالب معاصر وخالد ، ويمكن تلخيص أهم قيم وتعاليم كل تلك الأديان في محورين :
والإجابة (ببساطة كذلك) لأنها تدعي تمثيل الدين في الأرض وتطبق شريعته في الحكم وهي النتيجة المنطقية لذلك الإدعاء الذي في حقيقته يخفي مصالح طبقية ضيقة واحتكار متوهم للحقيقة ولمفاتيح الجنة وأبواب السماء ، ولذلك لا بد من ملاحقة الناس وحبس أنفاسهم ومصادرة حرياتهم تماماً ، وإذلالهم ، وللنساء نصيب إضافي خاص من ذلك الإذلال وفق منطوق اهوائهم لا حقائق الدين العظيم ..
وبالمقابل ، في الدول الغربية مثلاً نجد الازدهار في التعليم الإجباري ومناهجه وفي العلوم وأبحاثها ، في الاقتصاد والصناعة ، في تقديس حرية الإنسان وسلامته ، قيم الصدق والأمانة وسمو الأخلاق : فالمسؤول مثلاً يعتذر ويستقيل إذا اكتشف المجتمع انحرافاً لديه أو خطأً في مؤسسته ، المفقودات لها مراكز يودع فيها كل من وجد شيئاً فقده صاحبه (مهما كانت قيمة ذلك الشئ) ، وباختصار ، نجد في الغرب ثورة مستمرة علي كل الجبهات لمصلحة الإنسان اولاً وأخيراً ، الإنسان وسعادته ، ذلك لأنها ليست بلاد الكفر والاستكبار كما يزعم فقهاؤنا وإنما لأنهم يمارسون القيم والتعاليم النابعة من الفطرة الإنسانية ومن الأديان السماوية دون أي إدعاء بأنهم يحكمون بالشريعة أو بإسم الدين ، وهي القيم التي تتجلي في مناهج التعليم ومفردات التربية ، ولأنها القيم المرتكزة علي ديمقراطية مستدامة توصلت إليها تلك المجتمعات بعد صراعات دامية في العصور الوسطى ضد هيمنة الإقطاع المتحالف مع رجال الكنيسة ، رجال الكنيسة وتسلطهم علي الناس باسم الحكم الديني ، وبعد أن فصلت بين الدين والسياسة ، الدين يبقي في السلوك وفي علاقة كل إنسان بربه والسياسة هي ساحة الصراع بين المصالح والبرامج والرؤي بحثاً عن أفضل الأوضاع للإنسان واحتياجاته ..
الدعوة الدينية الاسلاموية هي “الإنقاذ” بأسماء وقيادات أخري وان تعلقت بأستار الكعبة ..