أكد رئيس حزب (السودان أنا) إبراهيم محمود مادبو رفضهم القاطع استئثار قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري برسم معالم إدارة قضايا الوطن والتحول الديمقراطي عبر إقصاء وتغييب الآخر المستهدف أصلاً بالتغيير، مؤكداً أن المشاركة في قضايا الوطن هدف يتمسكون به، قاطعاً بأن نظام الإنقاذ إذا عمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لما اندلعت المظاهرات وفقد حكمه. وقال إن تجمع المهنيين قاد الثورة في المرحلة السرية وعند انطلاقتها ثم قادها في العلن بعد نجاحها، وإن من حقه أن يحصل على النصيب الأوفر في الحراك وفي السلطة، ولكن ليس من حقه بالمطلق بأن يقصي الآخر وينفرد بإدارة الوطن ومستقبله بالأفكار والثوابت التي يمثلونها، وفي المساحة التالية نستعرض إجابات المهندس مادبو على أسئلة “الانتباهة”:ـ
> رفضتم عند اندلاع المظاهرات في ديسمبر الأسلوب القمعي للنظام البائد ولكنكم في ذات الوقت لم تفضوا شراكتكم معه إلى أن سقط؟
< نعم رفضنا بشدة قمع المظاهرات لانها كانت مظاهرات وحراكاً سلمياً مشروعاً شارك فيه كل الشعب السودانى ، والتظاهر السلمى حق يكفله الدستور والمواثيق الدولية ، اما قضية المشاركة فى السلطة اقول ان حزب “السودان انا” لم يشارك قط فى سلطة الانقاذ فى اى موقع تنقيذى فى المركز او الولايات منذ تأسيسه فى 2010 ، حيث خضت انا شخصياً انتخابات 2010 منافساً للمؤتمر الوطنى فى جنوب دارفور فى دائرة الوالى .
> ولكنك كنت وزيراً من قبل؟
< مشاركتى السابقة كانت فقط فى سلطة دارفور على اساس قسمة السلطة الموقعة فى اتفاقية ابوجا حيث كنت ممسكاً بملف السلطة فى التفاوض لجناح الاخ عبدالواحد محمد نور، اما فى المجلس الوطنى فقد فزت فى دائرة قومية وتحت قبته اعلنت رفضنا لتعديل الدستور الذى ارادوا به السماح للبشير بالترشيح لدورات مفتوحة غير محدودة ، ونجحنا فى ذلك وهو موقف مشهود لتحالف 2020 الذى كنت رئيسه انذاك.
> ألا تعتقد أن قراءتكم للأحداث كانت خاطئة باستمراركم في الشراكة مع الوطني؟
< قراءتنا كانت صحيحة جداً، وهاك الدليل، فقد تنبأت بهذه الثورة فى كتيب حجمه 36 صفحة نشرته ووزعته على نطاق واسع بعنوان مشروع ثورة ثقافية للبناء الوطنى بتاريخ اكتوبر 2013، عندما كنت وزيراً فى السلطة الاقليمية لدارفور ، ونشر الكتيب كاملاً فى صحيفة اخبار اليوم ، وروجت فى الكتاب انذاك لمفاهيم ومرتكزات ودواعى تلك الثورة ، وحرضت الشباب على القيام بها ، اما شراكتنا مع المؤتمر الوطنى فقد التزمنا فى اتفاقية ابوجا بالمساهمة فى التحول الديمقراطى وبسط السلام ، ووضع حد للاحتراب ،ومعالجة قضايا النازحين واللاجئين وتنمية دارفور وقسمة السلطة والثروة .
> ولكن فشلتم في تحقيق هذه الأهداف؟
< نعم هذه حقيقة وكل ما حصلنا عليه سلطة فى دارفور لم تحقق السلام والتنمية والامن والاستقرار فى الوطن وهى مشاركة لا قيمة لها وقد انتهت فى 2013 ، وبالتالى لا معنى لفضها اصلاً لانها غير موجودة على ارض الواقع لانها لم تحقق لا تحولاً ديمقراطياً ولا اى مشروع تم التوقيع عليه فى عهد الانقاذ ، وقد ظللنا ننتقد تلك التجربة فى مقالات وحوارات نشرت فى الصحف حول ازمات الوطن وعلاج جذورها.
> بعد نجاح الثورة فإن أحزاب الحوار الوطني ركبت مع الموجة ودخلت في تفاوض مع المجلس العسكرى .. ألا يعد ذلك أنها أحزاب كل هدفها هو السلطة؟
< أي حزب سياسى هدفه السلطة سواء منفرداً او مؤتلفاً او شريكاً او مشاركاً، وقد سعينا ونسعى للتوسط بين المجلس العسكرى والمهنيين ليس بهدف المشاركة فى السلطة ، بل بهدف المساهمة فى تقديم رؤيتنا فى الخروج من النفق المظلم وهذا حقنا ولدينا تجربة ، ونشرنا نصائحنا فى بيانات ، ولاننا كذلك نرفض ان تستأثر قوى المهنيين والمجلس العسكرى وحدهم برسم معالم ادارة قضايا الوطن والتحول الديمقراطى باقصاء وتغييب الاخر المستهدف اصلاً بالتغيير، والمشاركة فى قضايا الوطن هدف نتمسك به.
> لكنكم كنتم جزءاً من النظام البائد؟
< لقد نزع الله الملك من الانقاذ ، ونحن نرنو حالياً لمرحلة جديدة نرى فيها الامل والمستقبل بعد ان مكثنا ثلاثة اعوام فى حوار وصراع حول معالجة جذور ازمات السودان المزمنة ، ووقع المؤتمر الوطنى على مضض فى النهاية على مخرجات الحوار ، ولكنه نكس بوعده فى التنفيذ ، ولو نفذ المخرجات لما قامت مظاهرات ، وحزب السودان انا لم يتوقف عن الصدع برأيه ابداً و”الانتباهة” تشهد على ذلك.
> هذا يعني أن حزبكم يمضي على ذات خطاه؟
< نعم.. وكل ما نعمله الان وفعلناه فى السابق هو التركيز على تجاوز الاخطاء الجسيمة التى ارتكبت ومورست فى حق الوطن من فساد مالى وادارى وتنظيمى وانهيار اقتصادى واجتماعى وحروب وتدخلات اقليمية ومحاور دولية وتحالفات ، املين ان تعالج ثورة الشعب الظافرة تلك الازمات ، وننطلق منها لبناء سودان النهضة والتعمير.
> كثيرون يرون أن المشاركة في المرحلة القادمة ينبغي أن تكون قاصرة على قوى إعلان الحرية والتغيير لأنها صنعت الثورة مع الشباب؟
< تجمع المهنيين قاد الثورة فى المرحلة السرية عند انطلاقتها ثم قادها فى العلن بعد نجاحها ، ومن حقه ان يحصل على النصيب الاوفر فى الحراك وفى السلطة ، ولكن ليس من حقه بالمطلق بان يقصى الاخر وينفرد بادارة الوطن ومستقبله بالافكار والثوابت التى يمثلونها ، اما النصف الثانى من جماعة الحرية والتغيير الذين انتظموا فى 2019 فبعضهم ظل جزءاً من ازمة السودان من قبل الانقاذ ثم عارضوا ثم شاركوا فى السلطة ولم يصنعوا ثورة.
> لماذا طال أمد التفاوض بين المجلس العسكرى والمهنيين؟
< لقد طال امد التفاوض بينهم لعدة اسباب، اولها المفاجأة فى نجاح الثورة الداوى دون ترتيبات مسبقة فى كيفية ادارة الدولة ، وثانياً الانهيار الكامل للدولة خلال ثلاثين عاماً يصعب معه تحديد اولويات الاصلاح ، من اين تبدأ وكيف تبدأ ومع من تبدأ وكيف تؤمن محاور نجاحات الثورة ، ثالثاً الاهتمام والتركيز على الاعتصام ومخاطبة اشواق المعتصمين طغى على القضايا الموضوعية التى كان ينبغى حسمها بين المهنيين والمجلس العسكرى .
> هل هذه كل الأسباب؟
< لا.. واعتقد ان الوقت الضائع فى الاعتصام وانشغال الشباب برفع صوتهم عالياً شغل المجلس والمهنيين من اتخاذ قرارات مهمة استناداً على الشرعية الثورية ، وظلوا يتجادلون فى دستور يقنن تلك القرارات، وليس هذا وقت لمناقشة دستور ، كما وليس من حق المهنيين ان يديروا البلد بدستور من صناعتهم وحدهم ، وكذلك تجاوز المهنيين للدور المحورى الذى لعبه الجيش والدعم السريع فى تأمين الاعتصام ونجاح الثورة ، الامر الذى اضعف دور القوات المسلحة والدعم السريع فى المضى قدماً فى اخذ زمام المبادرة لاتخاذ القرارات المصيرية لتمكين الثورة بينما ركزوا على التبرير والجدل والاخذ والرد.
> ما هو المخرج لتشكيل السلطات الثلاث؟
< المخرج واضح جداً ويتمثل فى المرونة والوفاق وعدم الاقصاء والمشاركة والاعتراف بان نجاح الثورة كان بسبب استجابة الشارع السودانى لها ، وكان بحماية القوات المسلحة والدعم السريع للمعتصمين ، وكان برفع شعار شعب واحد جيش واحد ، وحزب السودان انا قدم ورقة للمجلس العسكرى من 14 صفحة وغيرنا قدم رؤاه ، ولكن الخلاف بين المجلس العسكرى والمهنيين يكمن فى عدم الاتفاق على تحديد الاولويات ، وحول هيكلة السلطة ومهامها التفصيلية ، وخلاف حول تفسير كثير من القضايا التنظيمية الشائكة التى واجهتهم . > وماهي رؤيتكم للخروج من النفق الحالي؟
< نرى ان السلطة الاعلى تكون لمجلس سيادى عسكرى ومدنى ، يتم تكوينه بالوفاق بين الطرفين ، ومجلس وزراء من كفاءات لا يحتكره المهنيون ويرأسه مدنى مع تخصيص وزارة الدفاع والداخلية للجيش والشرطة ، ومجالس تشريعية باى عدد يتم الاتفاق عليه ، والعمل بالدستور الانتقالى 2005 ويعدل حسب ما تقتضيه الضرورة، ثم تنطلق السلطات الثلاث لترتيب البيت وحسم القضايا المعلقة الاخرى وقلنا التفاصيل فى ورقتنا ، ودون ذلك الانتكاسة.
> تبدون ناقمين على الحرية والتغيير لماذا؟
< نحن لسنا ناقمين على احد لاننا لم نوقع على اعلانهم ، ولم يدعوننا للانضمام له بسبب تصنيفات حددوها ، وقد حملت احزاب كثيرة وحركات السلاح وفرضت نفسها وحصلت على سلطة ، واخرون لم يشاركوا اصلاً فى السلطة ، وهؤلاء لن يقبلوا بالاقصاء والاحتكار الذى تتبناه تلك القوى، ورفعنا صوتنا عالياً للمجلس العسكرى بهذا الخصوص.
> لماذا اعتذرت عن رئاسة تحالف 2020؟
< لقد اسست فى 2010 اول تحالف هو تحالف احزاب وحركات سلام دارفور ثم انفض سامر ذلك التحالف ، ثم شاركت فى تأسيس تحالف 2020 وترأسته لمدة قصيرة ، وتيقنت بعد التجربة من عدم جدوى هذه التحالفات التى لا توقع على تحالف اليوم حتى ينفض التحالف فى اليوم الثانى ، رغم اننى من اكثر الدعاة للتنسيق بين هذه الاحزاب المائة وعشرين لانها اصبحت جزءاً من الازمة السياسية ، واتمنى ان تحسم الثورة وضع هذه الاحزاب بتعديل قانون الاحزاب لازالة هذه الظاهرة التى شوهت المشهد السياسى كله.
> ما هي أهم مطلوبات الفترة الانتقالية؟
< فى الورقة التى قدمانها للمجلس العسكرى اقترحنا ان تقسم الفترة الانتقالية لثلاث مراحل الاولى مرحلة اسعافية ، اى مرحلة انعاش تشمل القضايا العاجلة جداً اهمها ازالة اثار الفساد والشمولية والدولة العميقة والتدخل الاقليمى والدولى فى الشأن السودانى مدتها ستة اشهر ، ثم مرحلة انتقالية لتنفيذ مخرجات الحوار وبسط السلام المستدام ومعالجة الازمة الاقتصادية وتأمين الثورة ومحاسبة المفسدين اينما وجدوا الذين تثبت ادانتهم ، وهذه تستمر لمدة عام ، ثم المرحلة المستدامة لمدة عام وفيها صناعة الدستور الدائم والانتخابات والتحول الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة.
> أخيراً ، كيف تفسر إطلاق النار على المعتصمين وقتل ستة منهم والقوات المسلحة؟
< الذي اطلق الرصاص هم المتربصون بالثورة لان مصلحتهم تكمن في اجهاض الثورة عبر خلق فتنة بين الثوار المعتصمين والقوات المسلحة والدعم السريع التي ظلت تحرس وتحمي المعتصمين طوال هذه المدة وقد توثقت العلاقة بينهم وخصوصاً مع افراد الدعم السريع الذي اعلنت قيادته اكثر من مرة بانها ستحمي المعتصمين من اي عدوان عليهم حتى اصبحت الثورة قريبة من تحقيق اهدافها في محاربة الفساد والمفسدين وتفكيك الدولة العميقة ومحاسبة الذين ظلموا وخربوا البلد واهدروا اماكنياتها وادخلوها في ظلمات السياسة والحروب والانهيار في كل مناحي الحياة وسيتم كشف هؤلاء المتربصين بعد التحقيق ،واعتقد ان العلاقة بين المفاوضين لن تتأثر بما حدث ولن تؤثر على مجرى المفاوضات التي اقتربت من نهايتها.