الخرطوم : فائز عبد الله
وصف “كاميرون هدسون” المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي، ووزارة خارجية الولايات الأمريكية، زيارة نائب رئيس دولة جنوب السودان “تعبان دينق” الأخيرة إلى واشنطن بالوقحة، وقال وقاحة الزيارة والرسالة التي جاءت بها تجاوزت المعقول.
وكشفت مجلة (فورن بولسي) ذائعة الصيت أن اجتماعاً مغلقاً جمع وفد حكومة جنوب السودان، الذي ترأسه “تعبان دينق”، مع صناع القرار في واشنطن، تعرض فيه “تعبان دينق” للسخرية والتوبيخ، ورد “تعبان” على زجر الأمريكان بالقول لا تحاولوا فهم الاتفاقية ـ يعني اتفاقية سلام الجنوب التي رعتها الخرطوم ـــ بعقلية غربية أو عقلية أمريكية، فنحن لا نزال مجتمعاً بدوياً حيث الاستيعاب مهماً لجلب السلام.
إستراتيجية الإدارة الأمريكية المتبعة نحو جنوب السودان قبل (14) عاماً، خلال إدارة الرئيس “باراك أوباما”، والتي منحت دولة جنوب السودان، مبالغ مالية ضخمة تقدر بأكثر من (16) مليار دولار، لتنفيذ المشاريع التنموية الخدمية وبناء المؤسسات الحكومية للدولة الوليدة، تلك الإستراتيجية تبدلت الآن وقال تقرير المجلة إن مزاج واشنطون تغير.
فمنذ اندلاع الحرب بين رفقاء السلاح داخل الحركة الشعبية وتبادلت قيادات الحركة الاتهامات فيما بينهم، تغيرت إستراتيجية واشنطون تجاه جوبا، لاسيما وأن التقرير السري الذي أعدته منظمة كفاية الأمريكية، وتم تسريبه ضم قيادات بارزة في الحكومة، الرئيس “سلفا كير” ونائبه “تعبان دينق” ووزير الخارجية السابق “دينق ألور” ووزير الإعلام “مايكل مكواي” وقيادات بالمعارضة المسلحة انشقت عن الحكومة في الجنوب.
الأمين العام للحركة الشعبية الجناح المعارض الذي يتزعمه “رياك مشار”، “تنقو بيير ربنقو” قال إن قيادات حكومة الجنوب أهدرت أموال الدول المانحة، وأضاف “تنقو” أن الإدارة الأمريكية فقدت الثقة في حكومة الجنوب وقياداتها، بعد أن فشلت في توظيف المبالغ التي قدمها المجتمع الدولي ودول الترويكا، وأشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي “ترمب” فقدت الثقة وأنها مترددة في تقديم الدعم وتتخوف من تكرار سيناريو ما حدث في العام (2013)م وأفضى للحرب بين “مشار” والرئيس “سلفا كير”.
وقال مصدر رفيع بحكومة جنوب السودان فضل حجب اسمه إن رفض إدارة الرئيس “ترمب” والمسؤولين الأمريكيين دعم اتفاق السلام، بسبب عدم التزام الرئيس “سلفا كير” بالشروط التي وضعتها الإدارة الأمريكية، وقال المصدر لـ”المجهر”، إن الإدارة الأمريكية أخبرت “تعبان دينق” أن الولايات المتحدة أنفقت مبلغ (16) مليار دولار، لتمويل الجنوب، وقال إن المسؤولين الأمريكيين اتهموا “تعبان” وقيادات الجنوب بالفساد وسرقة المليارات التي قدمتها الإدارة الأمريكية في العام “2005م” لتنمية الجنوب وتم تحويل المبالغ إلى حساباتهم الشخصية، وأشار المصدر، أن “تعبان” طلب من الإدارة الأمريكية، مبالغ مالية كبيرة أثناء زيارته الأخيرة إلى واشنطن، بشأن تنفيذ اتفاقية السلام، وقال إن الإدارة رفضت طلب “تعبان”، وردت أن واشنطن لن تدعم الاتفاقية بسبب تخوفها من عدم التزام قيادات الجنوب بالاتفاقية، وأضاف المصدر أن الإدارة الأمريكية طالبت حكومة جوبا بتنفيذ شروط الاتفاقية على أرض الواقع وتوظيف عائدات البترول من أجل السلام، وزاد أن الإدارة الأمريكية أخطرت “تعبان” بأن يتم استبدال القيادات الحالية في الجنوب خلال الفترة الانتقالية.
وقال عضو البرلمان بجنوب السودان، “قاروايج لام فول” إن الاجتماعات الأخيرة مع الإدارة الأمريكية ناقشت المسائل العالقة، والتزام الأطراف واللجنة التي يتم تكوينها من الحكومة والمعارضة ومجموعة (سوا) ومجموعة المعتقلين السياسيين في المرحلة المقبلة، بجانب مناقشة مسألة الخلاف بين الحكومة وتحالف الحركة الشعبية في المعارضة، وقال إن آخر اجتماع تم بعد توقيع اتفاقية السلام وتساءل عن موافقة الأطراف للمصفوفة وهل ستوافق على البنود المتعلقة بنواب الرئيس وصلاحياته أو المصفوفة، مضيفاً أن هذه القضايا ذات أولوية ولابد من معالجتها، وأشار إلى أن المادة 4 تنص تكوين لجنة مشتركة في المناطق الجديدة، وهي أحد بنود الاتفاق التي ناقشتها الحكومة والحركة الشعبية بالمعارضة ومجموعة المعارضة (سوا) ومجموعة المعتقلين.
قال القيادي بالحركة الشعبية بالمعارضة “جاستين جوزيف” لـ(المجهر) إن الخلاف بين الحكومة والمعارضة والمجموعات الموقعة على عملية السلام حول المادة 4 التي تتعلق بتكوين لجنة مشتركة لمعالجة القضايا العالقة في الولايات لا تزال قائمة، وأضاف أن تمسك الرئيس “سلفا كير” بـعدد الولايات الـ(32) ولاية يُعد خرقاً للدستور، ولا يتوافق مع الاتفاقية، لجهة أنها عقبة أمام حركة المواطنين في فصل الخريف أو العودة الطوعية.
وقال “جاستن” حال فشلت اللجنة المشتركة بين الأطراف في إنجاز مهامها خلال الـ(10) شهور المضمنة في الاتفاقية، وعدم معالجة الخلاف حول تقسيم الولايات سيتم إجراء استفتاء للمواطنين حول ذلك.
وقال عضو المكتب السياسي بالحركة الشعبية بالمعارضة “اقواك مكوك” لـ(المجهر) إن الأطراف تجاوزوا القضايا العالقة بنسبة 95% وتبقت التفاصيل المتعلقة بعدد الولايات والمصفوفة ومناقشة نص المادة 4 التي تشمل اللجنة المشتركة والقضاء وتسير لجنة مالية لمعالجة الوضع الانتقالي بالجنوب، وأضاف أن القضايا شملت إصلاح القضاء والدستور واللجنة التسيرية، وأوضح أن المعارضة والأحزاب السياسية والحكومة لا زال يناقشون بنود المادة (4) المتعلقة بنواب الرئيس ومنصب النائب الأول.
The post هل توقف واشنطن دعمها لجوبا؟ appeared first on صحيفة المجهر السياسي السودانية.