بقلم : محمد عتيق
تواصل تجارب الشعوب وتفاعلها ، اشتراكها في العام وانفرادها بالخاص ، هو القانون التاريخي الذي يجعل من تلك التجارب حالات إنسانية عامة ، تتجلي في الخاص منها الموروث المحلي لكل شعب وعبقريته وبالتالي إسهامه المتميز في الحالة الانسانية العامة .. فمن المهاتما غاندي ، مبتدع صيغة (العصيان المدني) التي قصد منها مقاطعة بضائع بريطانيا ومرافقها وخدماتها في الهند كجزء من مقاومة الاستعمار البريطاني ، الي شعب السودان الذي استعملها بصيغة اشمل في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية بعد رحيل المستعمر المباشر ، نجد التاكيد علي هذه العبارة ..
اقول هذا ونحن نستحضر ذكري ودروس ثورة شعبنا ضد النظام العسكري الاول في ٢١ اكتوبر ١٩٦٤ التي امتدت اثارها السياسية والثقافية والفنية حتي الان ، والتي يهمنا منها في هذه الوقفة القصيرة سلاحها (العصيان المدني) ، السلاح الجبار الذي استطال في وعي السودانيين وأفئدتهم ليبرز مرةً اخري في مارس/ابريل ١٩٨٥ فيبقي سلاحاً مجرباً وتجربةً سودانيةً ، بقدر إنسانيتها ، مطروحةً امام شعوب العالم الثالث وجيوشها وطلائعها الوطنية :
• كيف يمكن لشعب اعزل بسيط ان يفرض التنحي علي نظام عسكري يستند علي قوي الأمن والجيش والشرطة وترسانة من الأسلحة والأجهزة الحديثة ؟
• وهل هذا (العصيان المدني) اداة سحرية يمسك بها الشعب فجاةً عند الضيق ليقول للنظام الدكتاتوري ارحل فيرحل ؟
مناقشة وتأمل مثل هذه التساؤلات ، استناداً علي تجربتي اكتوبر ١٩٦٤ ومارس/ابريل ١٩٨٥ ، تقودنا الي استنتاج عوامل أساسية تجعل من (العصيان المدني) سلاحاً نافذاً :
يبقي ان هناك فرق كبير بين نجاح الجماهير وسلاحها (العصيان المدني) في إسقاط النظام الدكتاتوري وبين نجاح الثورة وانتصارها .. الردة والانتكاسة دائماً ما تكمنان في الظروف الذاتية للانتفاضة الشعبية التي تتيح لها ان تتصاعد وتتحول الي ثورة بالفعل الذي يجسد شعارات واهداف تلك الانتفاضة في إنجازات عملية مستمرة النمو والاتساع ..