اخبار السودان اليوم

تقرير / عسير .. تستعيد جمال هويتها العمرانية / إضافة أولى واخيرة

ومن جانبه أوضح التسعيني سعد بن محمد آل موسى من أهالي قرى آل حسين شمال مدينة أبها : أن البناء في عسير له أنواع تتضمن البناء بالحجر الخالص المأخوذ من جبال المنطقة ، ويتم تهذيب حجارتها وتثبيتها فوق بعضها بالطين، وقال : إنها أقوى أنواع البناء في منطقة عسير ، مؤكداً أنها لازالت صامدة لوقتنا الحالي لاسيما أن البعض منها مبني منذ عصور قديمة . وأضاف يكون الحجر أساسا للبناء، وهو ما يسمى عند أهالي منطقة عسير “الحيود” ثم يوضع فوقه الطين، كما يسمى “الخلب”، وهذا الطين يخلط بالتبن المتبقي من القمح، ويوضع الطين على شكل طبقات ” مداميك” ، وكلما جفت طبقة يوضع عليها أخرى حتى ينتهي بناء الجدران، مبينًا متانة البناء جعلت بعض البيوت تصل إلى خمسة أدواء في البناء. وأضاف بأن النوع الأخر من البناء يتمثل في البناء بالطين الخالص ، وهو يستوجب أرضاً صلبة يتم من خلالها الإستغناء عن الأساس الحجري، فيبنى بالطين مباشرة، وترص الصفائح الصخرية الرقيقة خلال بناء الجدران ، ودورها يكمن في حماية الطين من المطر والبرد ويعرف ذلك بمسمى ” الرقف”. وبين آل موسى أن الأسقف في البناء بمنطقة عسير لا تختلف عن بعضها كثيرا، إذ استغلت الموارد البيئية المحيطة في الأسقف، وتتكون من خشب العرعر وحزم من شجر ” الطباق والعرفج” والطين المخلوط بالصمغ المأخوذ من بعض أنواع الأشجار، ليتكون سقف قوي يمنع من دخول قطرات الأمطار ، ثم يأتي دور الأبواب والنوافذ التي لها أشخاص مختصون – في الماضي والحاضر- يأتون بجذوع الطلح والعرعر، وتفصل إلى شرائح ثم تنحت وتزخرف، ويشتريها صاحب البناء جاهزة للتركيب من الداخل . ولم يغب دور المرأة في قصة حضارة بيوت الطين بمنطقة عسير ، حيث تميزت بجمال الرسم قديما في المنزل الذي يعتبر عالمها الخاص ، فكانت تقوم قديماً برسمه ونقشه والتفنن بجدارياته ، وكان يتدرج على عدد من المراحل منها إعادة طلاء المنزل من الداخل بطبقة من اللبن والجص ومواد أخرى صمغية تشبه البلاط الوقت الراهن ، يلي ذلك كانت تستخدم ” الصهاد أو الصِخار” وهو عبارة عن مادة طينية شبه رملية تؤخذ من تجاويف أرضية من أماكن نادرة عبارة عن مناجم، تحضرها المرأة فهي أكثر خبرة في انتقاء هذه المادة ، وكانت تحضرها النساء في عسير على الدواب من مسافات مختلفة قد تصل إلى 40 و50 كيلو مترا ، فإذا ما رغبت المرأة صاحبة المنزل طلاء منزلها بعد إحضار هذه المادة تقوم بتخميرها فترة زمنية لا تقل عن ثلاثة أيام مضيفة لها مواد أخرى ، وهي ما تشبه في الوقت الحاضر المثبتات أو الملونات. ويأتي في مقدمتها الصمغ المأخوذ من شجر الطلح وهو من فصيلة السمر ، ثم تبدأ بالطلاء وتستخدم فيه قطعة من الجلد والشعر وهو جلد الماشية ” الأغنام” ، وتختار المرأة ألوانها بحسب توزيع غرف المنزل ، حيث لون قسم الرجال يميل إلى البياض الناصع أو إدخال الزرقة عليه بحكم طبيعة ونظرة الرجل لهذه الألوان، بينما تدخل لوناً إضافيا يميل إلى الاصفرار أو البني الفاتح في غرفة المعيشة وهي ما تسمى ” بالسقيفة” والممر الرئيسي ” الباسوط أو العابر” وكذلك ” الملهب ” وهو المطبخ لكثرة تعرض هذه المواقع لإيقاد النار والدخان . ويتنافس نساء المنطقة قديماً في إدخال حركة التلوين داخل غرف المنزل إبتداء من البوابة الرئيسية وانتهاء بالشرفات العليا أو النوافذ ، ومن الفنون الجميلة التي تستخدمها المرأة ما يسمى (بالقط) وهو عبارة عن نقوش ورسوم تشكيلية تشبه الأشكال الهندسية بالغة التعقيد والاتزان . يذكر أن فنون النقش ” القط ” اللائي أبدعن فيه سيدات عسير ، تصدر واجهة الاهتمام العالمي ، منتقلاً من جداريات بيوت الطين إلى العالمية ، حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ” اليونسكو ” ديسمبر العام الماضي إدراج فن القَط وتسجيله ضمن القائمة التمثيلية الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي لدى المنظمة . // انتهى // 11:24ت م 0021

Exit mobile version