* هل يمكن لأي عاقل أن يتوقع اختفاء السوق السوداء للدولار بين يوم وليلة؟
* هل تكفي جرأة وديناميكية ومبادرات معتز موسى وحدها لقهر مافيا استأثرت بسوق العملات الأجنبية سنين عددا، من دون أن تخشى سطوة الدولة، أو منافسة البنوك والصرافات لها؟
* من يتوقعون أن ترتدي السوق الموازية طاقية الإخفاء بسرعة البرق، لمجرد أن معتز (ولن نقول الدولة) ابتدع آلية صُنَّاع السوق، وضيَّق الهوة التي تفصل الرسمي من الموازي حالمون، بل واهمون، لأن تجارة العُملة أصبحت واقعاً ترسخ عبر السنوات، وفرض نفسه حتى على الحكومة، فأصبحت من أكبر زبائنه، وأكثر المتعاملين معه.
* طبيعي أن تتم مقاومة السياسات النقدية الجديدة من قبل تُجَّار الدولار، وطبيعي جداً أن يجتهدوا لقهرها، ويستميتوا في مصارعتها، ويبذلوا كل ما في وسعهم لدحرها، برفع السقف ليتجاوز سعر الآلية، لأنهم تعودوا على المناورة في الهامش الذي يفصل السعر الرسمي عن الموازي، كي يحتفظوا بأفضليتهم القديمة على حكومةٍ تعاني شحاً مقيماً في العملات الأجنبية.
* ذلك الوضع طبيعي ومتوقع، لأن تلك التجارة مُقيَّمة بمئات الملايين من الدولارات، ولأنها أصبحت واقعاً يصعب الفكاك منه إلا بإرادة قوية، ورغبة حقيقية في الإصلاح والتغيير، بالحض على الإنتاج، ودعم الصادر، والاجتهاد لوأد خلايا شُح الدولار السرطانية القاتلة للاقتصاد.
* سيستميت تجار العملة في مناهضة سياسةٍ جريئةٍ، تستهدف القضاء على وجودهم، وإنهاء سطوتهم، وتدمير تجارتهم.. ذلك أمر طبيعي ومتوقع، لكن غير الطبيعي ولا المتوقع أن تسمح الدولة وتتسامح مع الساعين لهزمها، وتتساهل مع المستميتين في إذلالها، المجتهدين لإفشال سياساتها، وتتفرج على رئيس الوزراء يقاتل منفرداً لإنهاء سطوة تجار العملة، من دون أن تعينه إلا بالفُرجة السلبية، والعاطفة النبيلة، ووضع اليد على الخد!
* السياسات الاقتصادية الجديدة محتاجة إلى دعم سياسي قوي، وسند أمني فعَّال، وروافع إعلامية مؤثرة، كي تعبر بالبلد من لُجج الْعُسْر إلى شواطئ اليسر، ومحتاجة أكثر إلى حواضن جماهيرية، كان من المفروض أن يوفرها الحزب الذي دفع بمعتز لرئاسة الوزراء، من دون أن يعينه بأي شيء.
* حتى اللحظة لم يحصل معتز موسى إلا على ثقة الرئيس ودعم الإعلام المستقل، أما الإعلام المنتمي للحزب الحاكم، والوسائط المملوكة للدولة من قنوات فضائية ومحطات إذاعية ومواقع إلكترونية فما زالت تحلق في عوالم الغفلة، وتتعامل مع الأمر بلامبالاة عجيبة، وكأنه لا يعنيها.
* ذلك بخلاف سطوة المثبطين للهمم، ومحترفي زراعة الإحباط، والناشطين توزيع أفيون اليأس بين الناس، ممن يكتفون بالتنظير الفارغ، والسخرية المقذعة من المستجدات الجريئة التي تحدث أمامهم.
* تجار العُملة يمارسون نشاطهم بلا وجل، ويهوون بالعملة الوطنية من حالق، وهم يدركون جيداً أنهم يخوضون معركة بقاء أو فناء، ومعدل ملاحقتهم لردعهم وتحجيم نشاطهم متجمد في محطة الصفر الكبير.
* نسأل: ماذا قدمت الدولة والحزب الحاكم لمعتز موسى حتى اللحظة، بخلاف إلقائه في يم الأزمة الخانقة، ومناداته: إياك.. إياك أن تبتل؟