أنشئت محاكم التفتيش كما تقول كتب التأريخ في عام 1233م (أي قريباً من منتصف القرن الثالث عشر) وذلك بقرار من البابا جرينوار التاسع وقد كان هدفها هو محاربة (الهرطقة) أي الزندقة في كل بلدان العالم المسيحي والهرطقة المقصود بها أي انحراف (ولو قليل) عن المعتقدات المسيحية الرسمية المعروفة آنذاك.
وقد تم تكليف (رجال الدين) في أي مكان (أي محلية يعني) في مختلف (الولايات) في كل العالم المسيحي بملاحقة المشبوهين، وعينك ما تشوف إلا النور حيث يكفي أن يشي أحدهم بك قائلاً: (الزول ده مهرطق) ويبقى على كده (موضوعك إنتهى)، فقد كان الناس يساقون إلى محاكم التفتيش (بالشبهة فقط) حيث كان (المشتبه فيه) يتعرض للاستجواب حتى يعترف بذنبه (كمرحلة أولى) فإذا (عاوز يعمل مفتح) ولم يعترف فليستعد (للطيارة قامت) و(أرنب نط) وجميع أنواع التعذيب التي كانت مستخدمة في ذلك الزمان البعيد، وقد كان الكثيرون من فرط التعذيب ينهارون ويعترفون ليواجهوا مصيرهم المحتوم!
ومن أشهر الذين ماتوا حرقاً المصلح التشيكي والراهب المشهور جان هوس الذي كان عميداً لجامعة براغ في بداية القرن الخامس عشر ومن أهم الذين مثلوا أمام محاكم التفتيش العالم الشهير جاليليو (القال إنو الأرض بتتحرك) والذي كان مهدداً بالحرق لولا أنه استدرك الأمر في آخر لحظة وتراجع عن نظريته المشهورة حيث تم العفو عنه هذا ولم تعترف الكنيسة الكاثوليكية بغلطتها في حق جاليليو إلا بعد مرور أكثر من ثلاثمائة سنة على محاكمته، وقد استمرت محرقة محاكم التفتيش متقدة حتى القرن الثامن عشر مثالاً لأكثر مؤسسات البشرية السيئة الصيت على مر العصور والأزمان!
طيب حكينا الكلام ده ليه؟
تذكرت محاكم (التفتيش) وأنا أقرأ خبراً بصحف الأمس وهو تصريح على لسان الأخ الأستاذ علي مهدي نوري (رئيس مجلس المهن الموسيقية) يقول فيه أنهم يعتزمون القيام بحملات لتفتيش الإذاعات بحثاً عن الأغاني الهابطة، حيث إستغرشت غاية الإستغراش لمسألة تفتيش الإذاعات دي وطافت بذهني سيناريوهات عديدة تشابه إلى حد بعيد تفتيش المتهمين بحيازة (الخمور) وهم يخرجون من (نقاط البيع) بعد أن (تلبد) لهم الحكومة!
فما أن يدخل (تيم) التفتيش إلى إذاعة (ياااي أف أم) حتى يقوم رئيس التيم وأعلاهم رتبة بتوجيه أفراده:
إتنين يدخلو البث المباشر المباشر، وتلاته (المكتبة) وأتنين يقيفو في الباب هنا عشان مافي زول يطلع ليهو بي أغنية وللا (كوبليه)! وما أن تنتشر (القوات) في مبني الإذاعة حتى يصيح رئيس التيم بصوت جهوري:
(الحتة دي) مديرا وين؟
وهنا تتدخل إحدى المذيعات (فاعلة خير وكده):
والله المدير ده أعتقد إنو……………………..
ولكن قبل أن تكمل حديثها تفاجأ برئيس المجموعة يخاطبها صارخاً:
أيواااا أنتي مش (ندى مايكات) المذيعة بتاعت برنامج (طيور المحبة).. أقيفي بي جاي نحنا ذاااتو دايرنك (وهو يتمعنها): وكمان لابسة بنطلون!
لا يلبث (مدير الإذاعة) أن يدلف إلى داخلها فيفاجأ بتيم التفتيش:
(مندهشاً): السلام عليكم، يا جماعة مالكم؟ في شنوووو؟
شنو الفي شنوو؟ يعني ما عارف؟ بكانا وين يا زول؟
هي شنووو البكانا وين؟
الأزمة أقصد الأغاني الهابطة
يا جماعة والله ما عندنا أي أغاني هابطة!
ما عندكم كيف.. أمبارح دي مش كنتو الصباح مشغلين أغنية المطربة علوية باغات البتقول (لما جيت البيت كان تنط بالحيط)!
ديل والله يا ريس ما نحنا دي تكون إذاعة تانية!
(في صرامة): إذاعة تانية كيف؟ وأنا ما بسمع غير إذاعتكم دي؟ فتشوا الزول ده شوفو عندو أي أغنية هابطة أعملو ليهو (حيازة).
يا جماعة أنا ذاتو موبايل ما قاعد أشيلو
موبايل شنو مش ممكن تكون شايلا (مكتوبة)!
بين الفينة والآخرى يقوم رئيس (التيم) بالإنزواء بعيداً وهو يضع جهاز اللاسلكي مخاطباُ (العربة) التابعة للتيم التي تقف خارج مبنى الإذاعة:
ألو.. 121 ت يتكلم
220 ط معاك.. سامعك يا رئيس
خليكم ضابطين راديو العربية على موجة (الهدف) نحنا في (الموقع).. قدام أستديو البث المباشر.. أول ما يبثوا أغنية هابطة (أرسل) عشان نقوم بالهجوم ونقبضهم بالثابتة
حاضر يا ريس!
يعود رئيس التيم ليقف أمام باب أستديو البث المباشر بعد أن جمع كافة العاملين بالإذاعة أمامه وهم في حالة وجوم:
أها الليلة تمشوا وين.. كدي بس خلو المذيع الجوه ده يذيع ليهو أغنية هابطة!
يخيم السكون والخوف على الجميع ثم فجأة ينطلق صوت علوية باغات (لما جيت البيت كنتا عاوزاك تنط بالحيط)، يتصبب مدير الإذاعة عرقاً من الخوف.. يسود الصمت الجميع إلا من صوت أحد أفراد التيم منبهاً الريس:
يا ريس موبايلك بيضرب!!
كسرة:
أنا شخصياً تعجبني أغنية المطربة (حنان مس كول) التي تقول:
لو خط هيثرو رجع أنا ما برجع ليك
إنتا قايلني هاملة وللا لعبة في أيديك
تبيعني بيعة الخــط
وتكسرني رط رط رط
يااخ حــرااام عليك؟
• كسرة ثابتة (قديمة):
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 102 واو – (ليها ثمانية سنين وستة شهور)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 61 واو (ليها خمسة سنين وشهر).
الجريدة