اخبار السودان لحظة بلحظة

الرئاسة توجه بالشراء بأعلي الأسعار … المحاصيل الزراعية.. الحكومة ترفع سقف (التركيزي)

 

ينتظر المزارعون بكل أنحاء السودان حصاد موسم مبشر بالانتاجية العالية، وهي الجزئية الأولى في مثلث الزراعة مع النقل والتسويق. والأخير شكل هاجسًا أرق المزارعين والمنتجين في السنوات الماضية حيث تنخفض أسعار المحاصيل وقت الحصاد وما يعقبه من فترات دون أن يجدي السعر التركيزي الذي تعلنه الحكومة سنويًّا في حل الإشكال، ومرد ذلك أن أسعار التركيز نفسها لم تكن موضع قبول للمزارعين، مع صعوبة شراء الدولة لكل كميات الإنتاج نظرًا للسعة المحددة للمخزون الإستراتيجي وما يحدد للشراء من ميزانية قد تكون أقل من كميات الإنتاج.

أعلى الأسعار

أمس الأول وخلال مخاطبته أعياد الحصاد بولاية سنار، وجه النائب الأول لرئيس الجمهورية، الفريق أول ركن بكري حسن صالح، ببيع المحاصيل بأعلى الأسعار لمصلحة المزارعين، وقال إن أسواق الحصاد تعتبر الركيزة الأساسية لدعم الإنتاج والتسويق للإنتاج العالي، ودعا لاستخدام التقانات لزيادة الإنتاج بالقطاعين المروي والمطري لتحقيق الأمن الغذائي، كما عقد لقاءً مع المزارعين وافتتح أسواق المحاصيل الزراعية ووصف ولاية سنار بأنها ولاية واعدة وتعهد بتوفير التقانات والتمويل عبر البنك الزراعي وجلب الآليات.

من جهته قال والي سنار، عبد الكريم موسى،إن الإنتاج وفير في كل المحاصيل، موضحًا أن مجتمع الولاية مفجر للإنتاج ودعا لإنشاء مواعين إيرادية لافتًا الي تشييد سوق المحاصيل لدعم الإنتاج بالإيرادات والقيمة المضافة عبر الصادر.

تبدو التوجيهات الرسمية مبشرة للمزارعين خاصة وأنها جاءت من “مركز ثقل الزراعة في السودان” ،ولاية سنار، ولكن عند النظر من زوايتين تتباين الآراء حول ذلك، فثمة ما يؤرق المزارعين حقيقة من الوعود الحكومية التي يقولون إنها غير قليلة والمطبق منها أقل، فكيف تستطيع الحكومة شراء المحاصيل بأعلى الأسعار، وقبل ذلك هل هي قادرة بالفعل علي تطبيق هذا التوجيه.. سنرى.

أهمية السعر المجزي

على مدى سنوات ماضية، شكلت تسعيرة المحاصيل السائدة بالأسواق، نقطة فاصلة تحدد مدى إقبال “الترابلة” على الزراعة من عدمه، والثابت أن الأسعار التشجيعية التي تعلنها الحكومة كلما كانت مجزية ومحفزة زادت المساحات المزروعة، والعكس بالعكس، وتشهد على ذلك مطالبات المزارعين المتكررة من الدولة بجعل السعر التركيزي مجزيًا وهو ما تم مؤخرًا برفع السعر التركيزي لجوال القمح إلى “1800” جنيه بدلًا عن “750” جنيه.

رؤية مختص

وزير الزراعة السابق بولاية البحر الأحمر، عوض الله إبراهيم أحمد، أقر بمواجهة القطاع الزراعي بشكل عام معوقات تحد من قدرته على إعطاء أفضل إنتاجية ممكنة، ورغم إشارته لجهود حكومية بالمركز والولايات لدعم عوامل نجاح العملية الزراعية إلا أنه يقول إن الجهود المبذولة “دون الطموح” ورهن قدرة الحكومة على شراء المحاصيل بسعر مجزٍ بتحديد ميزانية كبيرة مناسبة لحجم الإنتاج الكبير.

سعر بعيد عن المعطيات

يشكك وزير الزراعة الأسبق بولاية نهر النيل، بشير بساطي، في مقدرة الحكومة على شراء المحاصيل الزراعية بأسعار عالية، مفسرًا قوله بأن تحديد سعر التركيز الآن “بعيد عن المعطيات”، ودعا للتفكير جديًّا في جعل الإنتاج يتزايد بتقديم التسهيلات اللازمة للمزارعين وإعطائهم ضمانات كافية بتسويق كميات المحصول وبسعر مجزٍ وعدم تركهم نهبًا للتجار.

برأي عدد من المزارعين فإن الحكومة لا تستطع الوفاء بوعدها حال أرادت شراء المحاصيل بأسعار عالية، وما تزال تجربة الموسم الماضي بمشروع الجزيرة حاضرة حيث رفعت الحكومة يدها عن شراء القمح من المزارعين بالسعر التركيزي، وهو ما قلل منه المزارعون في حينه بأن سعر السوق أصلا أعلى وأفضل من السعر الحكومي.

يقول عبد الرحمن عجبنا، مزارع بمحلية المناقل، إن الحكومة رفعت يدها كليًّا في الموسم الماضي عن شراء القمح من المزارع وتركت الأمر للتجار بسبب أن سعر السوق كان أقوى من حسابات الحكومة، موضحًا أن الحكومة تقبل تكلفتها فقط، ولا تشتري الفائض، وكانت تكلفة تمويل الفدان الواحد بحساب 4 جوالات قمح، ويقول إن الادارة لم تكن قد سعرت لهم القمح لأنها لا تتسلم منهم مبالغ بل تأخذ من الإنتاج قمحًا يساوي تكلفة التمويل التي قدمتها، لافتًا إلى أن سعر التركيز لا يتعلق بكل الإنتاج بل يحدد حسب تكلفة التمويل التي قدمتها الحكومة عبر البنك الزراعي، وبموجب ذلك فإن المزارع في بداية الموسم كان يأخذ من الإدارة أو البنك الزراعي الجهة الممولة، وكانت الادارة تصرف للمزارع مقابل الفدان الواحد 60 كيلو تقاوى و50 سيوبر، و100 كيلو سماد يوريا.

لافتا إلى أن المحك هو تطبيق السعر التركيزي المعلن عند الحصاد، وقال لـ “الصيحة” قد تعلن الحكومة سعرًا لكنها تعجز عن الوفاء به في خاتمة المطاف، وأشار إلي أن الحكومة تعلم جيدًا أن زيادة السعر الحكومي هو سلاح ذو حدين، مفسرًا قوله بأن وضع سعر عالٍ ومشجع سيدفع بالمزارعين للتوجه نحو الزراعة وبالتالي سيكون الإنتاج وفيرًا حد أن الحكومة لن تستطع معه شراء كل كميات المحاصيل المنتجة وإن استطاعت لما تحملت السعة التخزينية أكثر من طاقتها الاستعابية المحددة، وهو التفسير الذي قال إنه يشكل قناعة العديد من المزارعين.

تقرير : جمعة عبد الله

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

اترك رد