ومن آثار وزير المالية السابق الفريق محمد عثمان الركابي، والتي بحاجة التي مراجعة من قبل رئيس مجلس الوزراء، ما كان خبرا بالأمس ، وهو إعلان شركة سوما التركية عن استعدادها لوضع حجر الأساس لمشروع مطار الخرطوم الدولي (الجديد) ، وذلك بعد أن فازت بمناقصة المشروع البالغ قدره مليار ومائة وخمسين مليون دولار ..انتهى الخبر، ليبقى السؤال كيف فازت الشركة بهذا العطاء الضخم (1.105.000.000 دولار) ..؟؟
:: فالشاهد، في مارس الفائت، فاجأت وزارة المالية كل أجهزة الدولة بإتفاقها مع شركة سوما التركية لتشييد مطار الخرطوم بنظام ( البوت)..وبلا مقدمات، قال وزير المالية السابق الفريق الركابي أن تكلفة العقد بلغت (مليار و 150 مليون دولار)..وبلا أي عطاء أو منافسة، وقّع الركابي على العقد الملياري مع رئيس مجلس إدارة الشركة التركية (سوما)، ثم احتفلوا ..!!
:: ويومها كتبت بالنص : مهماً كانت حاجة البلاد إلى هذا المطار، ومهما كانت متانة العلاقات السودانية التركية، فان مشروعاً تكلفته بهذا الحجم يستدعي طرح عطاء عالمي، ثم فرزه بشفافية، ثم إختيار العرض الأفضل بنزاهة، ثم الإعلان عنه بكل وضوح، ثم كتابة مسودة العقد، ثم تحويل المسودة إلى وزارة العدل لتراجعها إدارة العقود، ثم التوقيع عليها بحيث تصبح (عقداً قانونياً)..هذا ما يجب أن يكون ..!! :: ولكن، رغم أنف النفرة المسماة بمكافحة القطط السمان، لم يمر هذا العقد الملياري بتلك المراحل التي تنص القوانين ..لقد فاجأ الفريق الركابي وآخرين كل أجهزة الدولة الرقابية، وكذلك باغتوا قوانين ولوائح المال العام، ليفرضوا – على الشعب والبلد – ديون عقدهم الذي فيه وحدهم يشهدون ويوقعّون ثم يحتفلون ..!!
:: إدارة العقود بوزارة العدل هي حجر الزاوية التي يجب أن تتكئ عليه كل العقود الحكومية.. وعلى سبيل مثال لسلطات هذه الإدارة القانونية، المشاركة في لجان فرز العطاءات الحكومية وتقييمها، والمشاركة في المفاوضات الأولية التي تجريها أجهزة الدولة داخلياً وخارجياً بشأن العقود المراد إبرامها، ومراجعة وصياغة العقود الحكومية المحلية والأجنبية، وإبداء الرأي القانوني حول اي امر يتعلق بنصوص العقد ، ثم تتولى سلطة توثيق العقود التي تكون الدولة طرفاً فيها..هكذا سلطات إدارة العقود، واضحة وليست بحاجة إلى تفسير ..!!
:: ولكن الأدهى، كان وزير المالية السابق الفريق الركابي قد شكل لجنة قانونية لدراسة عرض الشركة التركية، وحين أصدرت اللجنة تقريراً بعيوب العرض، استبدلها بلجنة أخرى أسماها بلجنة التفاوض مع الشركة.. وإليكم أهم نصوص تقرير تلك اللجنة : (أولاً) لم يتم إتباع الإجراءات المثالية في إختيار الشركة، وذلك باللجوء الى التعاقد المباشر دون طرح الأمر في عطاء عالمي كما هو متبع في مثل هذه المشاريع الإستراتيجية ..!!
:: (ثانياً) لاتوجد دراسات قانونية وفنيه ومالية للمشروع .. (ثالثاً) لم يتم تقييم أرض المشروع ، بما يحويها من مباني ومعدات موجودة حالياً، لوضعها في الاعتبارعند تحديد التكلفة .. (رابعاً) لم يتم تحديد العائد السنوي المتوقع للمطار بدراسات دقيقة والتي بموجبه تحتسب فترة الامتياز .. (خامساً) ترفض اللجنة القانونية دفع أي رسوم من الجانب السوداني في فترة تنفيذ العقد.. (سادساً) لابد من الفصل بين المطار القديم والجديد، حيث أن موضوع العقد يتعلق بالمطار الجديد ، ولكن هناك بنود في العقد والتزامات تدور حول المطار القديم ..!! :: ثم ختمت اللجنة تقريرها بالنص : ( وعليه، تتحفظ اللجنة القانونية على توقيع العقد بصورته الحالية، ويمكن لحكومة السودان – إن رأت – أن تستعين بمكتب قانوني عالمي متخصص في عقود البوت)، هكذا رأي اللجنة التي ترأسها الخبير القانوني بوزارة العدل آسماء حامد كشه، وعضويتها رئيس إدارة العقود بوزارة العدل المستشار العام منى محمد علي ، ورئيس الإدارة القانونية بوزارة المالية المستشار العام عمر محمد ادريس، والمستشار العام بإدارة العقود بوزارة العدل سلمى محمد عثمان، وآخرين، فما رأي رئيس مجلس الوزراء..؟؟