بعد أن اشتدت أزمة السيولة النقدية وتحديد سقف مالي لا يتعدى ألفي جنيه وتزامنها مع إعلان البنك المركزي أن الأزمة في طريقها للحل لأكثر من مرة، وأن كل العوامل التي تسببت في الأزمة قد زالت منذ أكثر من ستة أشهر، لكن ما زالت معاناة المواطنين تزداد.
وكشفت جولة (الإنتباهة) بعدد من البنوك في العاصمة، عن معاناة كبيرة يواجهها موظفو الدولة في الحصول على رواتبهم، وكانت التجمعات بأعداد كبيرة من أبرز المشاهدات أمام بوابات البنوك والصرافات الآلية ويتكدسون في طوابير داخل صالات البنوك، التي تضيق بهم. لكن بعد تحملهم تلك المعاناة، بما فيهم عدد كبير من النساء، لا يستطيع موظف البنك صرف سوى ألفي جنيه او أقل حسب ما توفر بالبنك من نقد، فيما تحدد بنوك أخرى سقف 500 جنيه كحد أقصى للسحب من مرتباتهم.
حالة قلة السيولة بالبنوك جعلت البنوك في حالة من التذمر بسبب تراكم العملاء وعدم مقدرتهم على الإيفاء باستحقاقهم المالي، لجهة عدم تلقيهم لأرصدتهم المعتادة من المركزي خلال الفترة الأخيرة دون ذكر أسباب ومطالبتنا بالتصرف حسب الظروف فكان أن قلصنا حصة المتعاملين مع ازدياد حالة الطلب من العملاء لسحب أموالهم .
وشرع البنك المركزي منذ أيام في تغذية الصرافات الآلية بشكل خاص مع حالة من الاستنكار من قبل بعض المصارف التجارية المختلفة لجهة عدم رفدها بالأموال للقيام بالأمر، والتي عندما طرحناها على الخبير المصرفي عبد الله الرمادي قال في حديثه لـ (الإنتباهة) إن قضية شح السيولة لن يتم حلها بـ”الفهلوة” والإجراءات الإدارية والبوليسية، ووضع سقف معين للسحوبات وغيرها. وأكد أن السبب الأصلي يعود لتراكم الشح في الكاش منذ أكثر من 20 عاماً، لأن التغذية لا تتم بالكمية المطلوبة نتيجة لفهم خاطئ للبنك المركزي بأن أية زيادة في الطباعة ستحدث تضخماً، والذي ليس سببه الكتلة النقدية والتي تُحسب خطأ بنسبة 10% كما في أوروبا ، بينما ـ والحديث للرمادي ـ أن العادات والتقاليد هنا تحتم ارتفاع النسبة من الناتج المحلي والتي يجب ألا تقل عن 25% من حجمه والمحافظة على هذه النسبة التي إن انخفضت سيحدث الشح والأزمات، بينما الزيادة سترفع التضخم، والتي لم ترتفع خلال الربع القرني الماضي.
وقال الرمادي إن الطباعة هي الحل الأمثل وتوفير نسبة 25% من الناتج الإجمالي ككتلة نقدية يوفرها بالصرافات والبنوك بدون استثناء والتي تحرم قطاعات من المجتمع. وأكد في ذات الأثناء أن الإجراءات الإدارية هي العقدة ونقطة الضعف وهو ما قاد لتغذية الصرافات الآلية بخصوصية من المركزي، وجدد حديثه الرامي الى ضرورة إعادة الثقة في المصارف حتى يصل المواطن الى حالة الإشباع التام بتوفر النقود في كل المنافذ.واقترح تشديد الرقابة مع سحب بنك السودان الفائض من الكتلة النقدية وحفظها في المخازن لمواجهة الأزمات.
وزاد:على المركزي أن يتحمل نتيجة الخطأ بحجب السيولة. وقال :على بنك السودان ألا يتعامل بالخيار والفقوس في منح الأموال للبنوك بإعطاء بعضها وحرمان أخرى فكل البنوك تستحق سواء أكانت حكومية أم قطاعاً خاصاً، وتمويلها بنسب متساوية لأن المركزي لا يعطيها للمصارف، بل للمواطن ووصفه بسوء الإدارة.
تقرير : رباب علي
الخرطوم (صحيفة الإنتباهة)