*ومفردة عنواننا هذا سودانية خالصة..
*وهي تعني (لوحده)… أو من تلقاء نفسه… أو – أحياناً – إنه ليس (على بعضه)..
*وقد ارتبطت بطرفة مصري ادعى معرفته ببلادنا..
*وطفق يذكر أسماء مدن قال إنه زارها؛ ومنها شندي… وعطبرة… وكسلا..
*فدهش من معه من السودانيين… وسألوه (وبراك ؟!)..
*فأجاب بلهجة الواثق من نفسه فوراً (أهو براك دي بالذات زرتها مرتين)..
*وهنالك مفردات أخرى تخصنا (برانا) أيضاً..
*ومنها (هسع) وتعني الآن… أو الحين… وهي اختصار للجملة المركبة (ها الساعة)..
*وكان يرددها الشوام أيضاً قبل استبدالها بـ(هللا)… أي ها اللحظة..
*أما مفردة براه بمعنى (مش على بعضه) فلكاتب هذه السطور معها طرفة كذلك..
*فقد استوقفته حكاية عدم وضع المهدي طعماً للسمك في صنارته..
*وذلك خلال إحدى حصص التاريخ… بالابتدائي..
*وفلسفة المهدي من ذلك (عدم خداع حتى السمك)..
*فسأل بكل براءة الأطفال – أو شقاوتهم – (وهل حصل اصطاد سمكة يا أستاذ؟!)..
*فانفجر الفصل ضحكاً وصخباً… والأستاذ غضباً..
*وضاحكٌ من هؤلاء صاح معتذراً للمدرس (معليش يا أستاذ… أصلو ما براهُ)..
*ولكني كنت (براي ونص وخمسة)… فهو كلام غير (منطقي)..
*ونأتي الآن إلى مفردة (براهُ) بمعنى وحده…. ولكن بصيغة الجمع (براهم)..
*وهي من أعراض محاولة إجابة عن سؤال طرق ذهني أمس..
*فقد تساءلت : لماذا صار هكذا إعلامنا؟… مرئياً كان أو مسموعاً أو مقروءاً؟!..
*فهو لم يعد يحظى بمقبولية…. ولا قبول..
*والدليل هذا التراجع الملحوظ – والموثق – في نسبة القراءة… والمشاهدة… والاستماع..
*فلا شاشاتنا مشاهدة… ولا إذاعاتنا مسموعة… ولا صحافتنا مقروءة..
*وصحفنا تحديداً يتم (ضبط) تراجعها – سنوياً – بأرقام لا تكذب… ولا تتجمل..
*والسبب هو عين الذي صرف الناس عن إذاعاتنا وشاشاتنا..
*فمن منكم يقدر على مشاهدة أخبار تلفزيوننا القومي… على وجه الخصوص؟!..
*فكلها تبدأ بعبارات لدى لقائه… ولدى استقباله… ولدى تشريفه..
*والذين يربط بينهم هذا القاسم المشترك (الأعسم) جميعهم ذوو انتماء واحد..
*بل حتى المذيع الذي يقرأ أخبارهم هذه هو منهم… وفيهم..
*والآن بعض من هم (منهم وفيهم) هؤلاء تمددوا في الصحافة المقروءة… و(تمكَّنوا)..
*وصارت أخبار الجرائد نسخة من نشرات القومي..
*وبقي التميز فقط في مجال الرأي ؛ أعمدةً… ومقالات..
*ولكن حتى هذا طغت عليه أقلام (الأغلبية الميكانيكية)… بأجندتها الخاصة..
*وأعني الخوض في قضايا لا يحس القارئ أنها تهمه..
*أو الكتابة عن أسماء – ومسميات – يشعر أنها غريبةٌ عنه… وهو غريب عنها..
*ويحس – من ثم – أن هؤلاء يعيشون في عالم يخصهم (براهم)..
*وفي المقابل ؛ هو بالنسبة لهم (ما براهُ !!!).