اخبار السودان اليوم

نازك شمام: برداً وسلاماً

في حوار أجرته الصديقة المتميزة، رحاب عبد الله، على موقع صحيفة الأحداث الإلكترونية، نُشر الجمعة الماضية، أكد نائب رئيس الغرفة القومية للمستوردين، حسب الرسول محمد أحمد، بأن السياسات الاقتصادية الأخيرة وقعت برداً وسلاماً على القطاع الخاص ويقصد بالسياسات ما جاء مع بداية تولي حكومة معتز موسى لمقاليد الأمور الاقتصادية وفي مقدمتها السياسة الخاصة بآلية صناع السوق والتي حددت سعر 47.5 جنيه لشراء الدولار في أسبوع عملها الأول ومن ثم انخفض إلى 46.95 جنيه في الأسبوع الثاني حتى يتسنى للمصدرين والسودانيين العاملين بالخارج بيع حصائل الصادر ومدخراتهم للآلية بسعر اعتبرته الحكومة سعراً واقعياً ومجزياً.
أن تساند شريحة المصدرين السياسات الجديدة أمر منطقي ويمكن للعقل تقبله ولكن أن تأتي الإشادة من قبل المستوردين فهذا ما يُستعجب له، فالإجراءات الاقتصادية لم تفصح حتى الآن عن إجراءاتها الجديدة للاستيراد سوى عبر إلغاء الاستيراد دون تحويل قيمة والسماح للمستوردين بالاستيراد من مواردهم الذاتية ودون موافقة مسبقة من بنك السودان وبالطبع ليست هذه كل مشاكل المستوردين الذين طالما جأروا بالشكوى من ارتفاع قيمة الدولار الجمركي إلى ثلاثة أضعاف قيمته السابقة دفعةً واحدة دون سابق إنذار أو تمهيد فضلا عن أنه وعقب ارتفاع السعر الرسمي للدولار من 30 جنيها إلى 47 جنيها بما سيؤدي إلى مضاعفة الرسوم الضريبية والتي ستنعكس سلباً على تكلفة السلع وزيادة الأسعار.
السياسات الاقتصادية الأخيرة أقصت المستوردين بصورة واضحة جداً وهذا ما أكده رئيس غرفة المستوردين، مالك جعفر، في برنامج (حال البلد) والذي عُرض على فضائية (سودانية 24) خلال الأسابيع الماضية، فهذه السياسات لم يكن المستوردون جزءا منها أو من تكوينها بحيث لم تجتمع معهم جهة رسمية وتشاورهم وتناقشهم حول السياسات الجديدة ومدى انعكاسها على عملهم وإنما تعرفوا عليها من خلال وسائل الإعلام.
هنالك عشرات الأسباب تجعل من الجهات الاقتصادية تستمع بأنصات لشريحة المستوردين والتي تقوم بدور بارز في حركة الاقتصاد القومي، ومن أبرز هذه الأسباب أن التوقعات التي دفعت بها الغرفة القومية للمستوردين من خلال منتداها الاقتصادي الذي أقامته في شهر نوفمبر الماضي والمنبر الصحفي الذي عقدته بوكالة السودان للأنباء قبل إجازة موازنة العام الجاري قد تحققت على واقع الأسواق وأصبحت عياناً بياناً لكافة المواطنين.
يُعاني المستوردون من جملة تحديات، تجعل من الأسواق بورة مشتعلة الأسعار، لتقود في نهاية الأمر إلى اتهامات متبادلة بين الحكومة والمستوردين إلى ممارسات الجشع من قبلهم ومن وطأة ما تسنه الحكومة من قرارات تجعل المستورد الذي يستورد من موارده الذاتيه يشتري الدولار بسعر 52 جنيهاً بالإضافة إلى أزمة السيولة التي تشتد تفاقماً صباح كل يوم، علاوة على إجراءات المواصفات والمقاييس والتي ترفع من رسومها كل فترة وأخرى من دون سابق إنذار ورسوم أخرى من جهات أخرى لتكون المحصلة النهائية ارتفاعا كبيرا في أسعار السلعة التي ليست بالضرورة أن تكون من السلع الكمالية ودونكم ما يحدث في أسواق الأدوية خلال هذه الأيام بما يستدعي أن تنهي الحكومة حالة العداء غير المبرر على شريحة المستوردين باعتبارهم جزءا رئيسيا من نهضة البلاد وتنميتها الاقتصادية وأن تعمل على سن سياسات تسهل من عملهم لعكس صورة مشرقة للسودان في التعامل الخارجي وأن تسن سياسات تكون بالفعل برداً وسلاما عليهم

Exit mobile version