أصبحت مشاعر الشك والتوجس هي التي تتقدم اغلب ردود أفعالنا عند كل قول أو حراك جديد على الصعيد العام ، ولا غرو فالازمة الوطنية في ذروة شمولها وتضييقها الخناق على رقاب البلاد والعباد ترفع درجات التوتر والضغط فتتولد مثل تلك المشاعر عند بعضنا ..
مناسبة هذا الحديث هو بعض ردود الأفعال المظللة بالتشاوم والإشفاق و (الشماتة) على قرار السيد الصادق بالعودة الى البلاد عبر رسالة صوتية بثها في الاسافير ، ومقال الاستاذ ياسر عرمان الذي أعلن فيه تأييده لعودة السيد الصادق وللحل السياسي الشامل ، وهي ردود الافعال التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي والمجالس متهمةً الرجلين باستجداء النظام لمصالحته والالتحاق به وبانتخاباته في 2020 ..
ابتداءاً أود التأكيد على أن العودة إلى الوطن حق أساسي وبديهي للإنسان ، حق مشروع لا يجب أن تصحبه تبريرات او اعتذارات ولا حتى تسبيب وإلا فما معنى الوطن ؟؟ وان المكان الطبيعي والمناسب للسيد الصادق المهدي هو وطنه/مقره الذي يمارس منه مسؤولياته الحزبية والوطنية وأن المحاكم والمعتقلات محطات عادية في حياته وحياة كل المناضلين الوطنيين في بلادنا ..
أما مسألة الحوار والحل السياسي الشامل فإن الذين توجسوا أو شكوا لم ينتبهوا او يهتموا للاتي :
اولاًً : أن تحالف نداء السودان ، وفي انسجام تام مع مصالح الشعب والوطن ، هدفه محدد في تفكيك الدولة المعقدة ل (الإسلامويين) لمصلحة دولة الجميع المزدانة بالديمقراطية والعدالة وسيادة حكم القانون ، ووسيلته المفضلة لتحقيق هدفه هذا هو الحل السياسي الشامل المتفاوض عليه والذي يقود إلى التحول الديمقراطي الكامل ، هي الوسيلة المفضلة لأن تكلفتها البشرية والمادية اقل بكثير من الوسائل الأخرى .. وفي نفس الوقت يعمل نداء السودان على تهيئة مستلزمات (الخطة ب) وهي الانتفاضة الشعبية عبر العمل مع الجماهير بالتعبئة والتحريض علي التظاهر والعصيان المدني و الإضراب السياسي (وسائل شعبنا المجربة تاريخياً) .. وهذا أمر واضح تؤكده وثائق نداء السودان ثم وثيقة (خلاص الوطن/ يناير 2018) ..
ثانياً : ان أقترح السيد امبيكي لنداء السودان بالدخول في حوار مع النظام استكمالاً لحوار وثبته والمشاركة في وضع الدستور وخوض انتخابات 2020 ، هذا الاقتراح تم رفضه باجماع المجلس الرئاسي وهو رفض معلن ، وصفها السيد الصادق في رسالته الصوتية بأنها دعوة على (وليمة فطيسة) وأن نداءالسودان ملتزم فقط بخارطة الطريق التي وقع عليها والتي تنص على عقد اجتماع تمهيدي بينه وبين النظام لتحديد مستلزمات تهيئة المناخ من إجراءات وتحديد أجندة الحوار ..
ثالثاً : أن الاخ ياسر عرمان في مقاله لم يقل غير تأييده لحق السيد الإمام (الإنساني والوطني) في العودة إلى وطنه ومباشرة اعباءه من مكانه الطبيعي ، وتأكيده على أفضلية الحل السلمي حسب رؤية نداء السودان محذراً النظام أن يسيء فهم هذه الدعوة لأن هنالك أيضاً المتغيرات المحلية والإقليميه التي تسهم في تصعيد الكفاح المسلح ..بل انه (ياسر) قدم لمسات مؤثرة عن طبيعة الحرب ومصالح المدنيين في مناطقها وفي ان المنقسمين عنه ليسوا أعداءاً وإنما رفاق في نفس الخندق ..
رابعاً : ان المجلس الرئاسي (القيادي)لنداء السودان قد حدد بوضوح أن الانتخابات الوحيدة المشروعة التي سيشارك فيها هي تلك التي تقوم بعد المؤتمر الدستوري وتحت اشراف الحكومة الانتقالية (سواء كنتيجة للحل السياسي الشامل او الانتفاضة الشعبية)، وهو الموقف الذي تم إبلاغ بوضوح للسيد ثامبو امبيكي رئيس الآلية الافريقية ..
الأزمة الوطنية الشاملة التي تعيشها بلادنا لا تسمح بانصاف الحلول ولا الشارع السوداني يقبل بها ..
ومن المتوقع أن السيد الصادق المهدي رئيس نداء السودان -وكما أعلن قراره بالعودة إلى وطنه وأعرب عن استعداده لمواجهة كافة الاحتمالات - من المتوقع أن يعلن عن أجندة محددة سيعمل على ضوئها مع أبنائه ورفاقه في مؤسسة نداء السودان ..