اخبار السودان اليوم

داخل سرادق عزاء المشير سوار الذهب … مآثر تُذكَر ومشاهد تُرصَد… من أصدقاء ومقربين

كما أحبَّ واشتهى وأوصى، ووري جثمان الفقيد سوار الذهب ببقيع الغرقد بالمدينة المنورة، توافد السودانيون من كل أنحاء المملكة ولم يتخلف السعوديون وجاليات أخرى، صلى عليه خلق كثيرون بعد صلاة الجمعة بالمسجد النبوي أمس، ثم تبعوا جثمانه وشيعوه.

لعل الصور المرفقة تغني عن كل حديث، وتشهد على محبة الناس له، إنها ألسنة الخلق أقلام الحق.

أول من أمس، طُويت مسيرة حافلة بالبذل والعطاء، استمرت ثلاثة وثمانين عاماً، لفقيد البلاد المشير عبد الرحمن سوار الذهب، الذي ظل وفياً ووطنياً غيوراً على بلاده.. حيث تم تشييعه أمس في موكب مهيب إلى مقابر البقيع بالمدينة المنورة.

“الصيحة” ظلت منذ صباح أمس داخل سرداق عزاء الفقيد بمنزله بضاحية الرياض، فالتقت بكثير من عارفي فضل الراحل، فاستنطقتهم فجاءت إفاداتهم بمثابة مآثر عنه .. فكانت الإفادات والمشاهد التالية…

فقدان المشير

بداية التقت “الصيحة” بالقيادي الإسلامي د. أمين حسن عمر، الذي تحدث عن الراحل بكلمات تقطر حزناً على فقيد البلاد والأمة والإسلامية، وقال في حديثه للصيحة من داخل سرادق العزاء:(كل إنسان في السودان يشعر بفقد المشير سوار الذهب، ويشعر بفضله على السودان كوطن وكشعب، من خلال مساهماته السياسية وانحيازه لثورة الشعب وانحيازه لقضايا الحوار والوفاق ولم الشمل، هذا غير أعماله في أعمال الخير والبر والدعوة لجمع الناس بعضهم لبعض والمصالحات)، وأضاف أمين بقوله: (كل حديث عن الرجل في هذا المجال وكأنك تحدث الناس بما يعرفون).

قائد بمعنى الكلمة

وفي السياق، اعتبر الفريق عبد الرحمن سعيد عبد الرحمن لـ(الصيحة) لحظات التحدث عن الراحل الأخ والقائد المشير عبد الرحمن سوار الذهب محزنة، مشيرا إلى أنه كان قائداً للقوات المسلحة فى فترة ما، وأن فترته في القوات المسلحة تعد الفترة الذهبية لها، فقد كانت من أنصع الفترات تدريباً وتأهيلاً، وإن كانت مليئة بالحسنات والإنجازات فكذلك للراحل إسهامه في العلاقات التي كانت بين ضباط الجيش وضباط الصف والجنود، ويضيف سعيد: (لقد كان قائداً بمعنى الكلمة وكان يهتم بالجندي قبل اهتمامه بالضابط، وكان اهتمامه بالقوات المسلحة واضحاً وبائناً لكل إنسان)، ويزيد بقوله: (كانت شخصية سوار الذهب رحمه الله تتسم بالأمانة والصدق).

أما عن إنجازات الراحل السياسية، فإن الفريق عبد الرحمن يرى أن الوقت لن يسعه لتعدادها، ويكفي فقط أنه أول شخص يتنازل عن السلطة طواعية، ويردف بقوله: (كان زاهداً في السلطة، ولا أظن أن يكون هنالك شخص يستولي على السلطة ويتركها بمحض إرادته، ولهذا فهو شخص نادر بمعنى هذه الكلمة، وسيرته أصبحت مضرباً للأمثال، وستظل عالقة في أذهان الناس على مر الأجيال. فقد تنازل عن السلطة، وهو في قمة عطائه، وفي قمة شبابه).

وشهد شاهد

من جهته، يقول مدير مكتبه اللواء ركن “م” عز الدين أحمد حسن هريدي في حديثه للصيحة، إنه عمل مع المشير سوار الذهب لمدة عام كامل مديراً لمكتبه في القيادة العامة، وأضاف في حديثه للصيحة: (سعادة المشير استلم السلطة فى وقت حرج جداً، وقاد البلاد إلى بر الأمان، وهو رجل فيه من الصفات الكثيرة، وهو رجل وطني ظل مهموماً بقضايا الوطن والشعب إبان فترة استلامه للسلطة، وهو شخص متفانٍ فى عمله لا يكل ولا يمل، وقد ظل يهتم بالقوات المسلحة طوال فترة حكمه والتى تعتبر من الفترات العصيبة، لكنه استطاع أن يوصل البلد إلى مرافئ الأمان ويعبر بها).

وحول إسهامات الراحل في الدعوة الإسلامية، يقول عز الدين إن الراحل استطاع عبر منظمة الدعوة الإسلامية نشر تعاليم الدين الإسلامي في مجاهل أفريقيا، وكان له إسهام كبير جداً في نشر الدعوة الإسلامية في داخل القارة الأفريقية، وقدم العون للاجئين والنازحين عبر المنظمة التي كانت لها إسهامات كبيرة. وله بصمات واضحة في منظمة الدعوة الإسلامية لا تخطئها العين.

وحول زهده في السلطة، قال مدير مكتبه: الفقيد كان زاهداً في السلطة، وقد ظل يسألني دوماً عن الفترة المتبقية لتسليم السلطة، وعندما اكتمل العام، بدأ المشير عبد الرحمن في خطوات تسليم السلطة ومقاليد الأمور، ولكن تم تمديد فترته لثلاثة أشهر وقبل بها على مضض شديد، ولهذا فهو شخص مختلف جداً، وقد تعلمتُ منه الكثير.

رفيق دربه

وفي سرادق العزاء، التقت الصيحة برفيق دربه إبان الفترة الانتقالية، وساعده الأيمن ورئيس وزرائه د. الجزولي دفع الله، الذي بدا متاثراً برحيل رفيق دربه المشير سوار الذهب..

الجزولي تحدث للصيحة باقتضاب مصحوباً بتأثر بادٍ على الرجل حين قال: (المقام ليس مقام حديث عن الفقيد الذي تتحدث عنه سيرته العطرة)، إلا أنه عاد وقال (سنفرد له مساحات للحديث عنه في أوقات لاحقة).

إنسان بسيط

فيما قال عنه ابن عمه عثمان عبد الله.. بأنه إنسان بسيط ومتواضع يحب الخير للجميع وهو معروف بعفة اللسان واليد وخدمة الناس بكل ما يملك، ولهذا بكاه الناس بحرقة لأنه رجل طيب وإنسان خلوق ونادر أن تجد شخصاً مثله، فهنالك أشخاص تجعلهم السلطة يتكبرون على الناس، إلا أنه ظل متواضعاً ومتواصلاً مع الجميع ومع أهله، ومع جيرانه ولم يتأذّ منه أحد، ولم يظلم شخصاً طيلة حياته، ومن يره أول مرة لا يعرف بأنه كان في يوم رئيساً للدولة.

مشاهدات

– عند وصول الصيحة إلى سرداق العزاء الذى يقع شمال تقاطع الجزار مع شارع المشتل، وجدت المكان يلفه صمت رهيب، وكأنه يشارك أهل الدار في فقيدهم وفقيد البلاد التي توسدت الحزن على الفقيد الزاهد في السلطة.

– كان الحزن بادياً على وجوه الموجودين داخل سرادق العزاء، حيث انخرطت مجموعة تضم عدداً من القيادات الإسلامية منهم القيادي بالمؤتمر الوطني د. أمين حسن عمر وعلي كرتي والإعلامي بابكر حنين في حديث ونقاش طويل.

– رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية، د. الجزولي دفع الله دخل في حديث مطول مع أحد المعزين.

– مجموعة من قدامى العسكريين شكلواً حضوراً لافتاً في سرادق العزاء، وبدأوا يتحدثون عن سيرة الراحل العطرة وفترته في القوات المسلحة والتي شهدت في عهده تطوراً واستقراراً غير مسبوقين كما قالوا.

– وعندما حان وقت صلاة الجمعة توجه الموجودون في سرادق العزاء صوب المسجد الذي يقع شمال منزل الراحل، وكان خطيب المسجد قد خصص خطبة الجمعة لسيرة الراحل وتعداد مآثره، عقب صلاة الجمعة أقيمت صلاة الغائب على روح الفقيد.

تقرير :عبد الهادي عيسى

الخرطوم (صحيفة الصيحة)

Exit mobile version