تقرير: اماني قندول
الخرطوم 9-8-2021ر (سونا)- كثر في الاونة الاخيرة الحديث عن المسح التتبعي فما هو؟ و ماهي فوائده؟ وكيف يستخدم ؟ ماهي نجاعته في تمكين الاجهزة التخطيطية والاستراتيجية من وضع السياسات والخطط ؟ ماذا يعني للشخص العادي وكيف يساهم اقتصاديا؟ وسياسيا واجتماعيا في تحسين وضع الاسر؟ هذه بعض الاسئلة التي حملناها لمجموعة من المختصين و الاقتصادين والسياسين للاجابة عليها وتسليط الضوء بما يمكن من فهم المصطلح والتعامل معة بصورة بينة مستقبلا؟
المسح التتبعي:
يعرف الخبراء المسح التتبعي بانه مسح لجمع بيانات تختص بالتوظيف والبطالة (التشغيل والبطالة) وايجاد مؤشرات خاصة بالاسر والافراد والهجرة وانواعها وذلك لوضع السياسات والخطط الاستراتيجية للعمل والاسثمار المستقبلي فيهآ
وهو يهتم بقياس مدى توفر فرص العمل مقارنة بمخرجات المؤسسات التعليمية وحوجة المؤسسات الفعليه للكوادر المؤهلة، ويركز على قياس الرضى الوظيفي للعاملين ومدى ولائهم لوظائهم ومؤسساتهم التي ينتمون إليها والعوامل المؤثر عليه من أجور ومرتبات وسياسات وقيم مشتركة وعلاقات العمل وأساليب الادارة والنظم الادارية ويعمل على قياس معدل دوران العمل وأسبابه ودراسة القوانين والسياسات ومعدل العرض والطلب في الوظائف وتحليلها وذلك يشكل القطاعين العام والخاص.
اي انه في ابسط تعريف للمسح التتبعي هو ان تقوم جهة ما بمتابعة الوضع الاقتصادي والمالي والمعيشي للافراد والموظفين والعاملين في القطاع العام والخاص ولمجموعة من الاسر كيف تعيش؟وكيف تاكل؟ وكم تصرف؟ وما هي اوجه الصرف؟ وما هي الاولويات للاسرة المحددة؟ بما يعني ان كل حياة الاسرة المالية والاقتصادية والمعيشية تكون محل دراسة بحيث انه لوطبق هذا الامرعلى مجموعة من الاسر، يخرج الباحثون بنموذج يكون هو المتوسط ، وعليه تبنى السياسات والتخطيط لمجموع الاسر السودانية ويكون التخطيط مبنيا على نتائج هذا المسح.
ويمثل المسح واحد من الوسائل التي يخطط لإجرائها الجهاز المركزي للإحصاء ضمن خطة العام 2021، ويهدف لدراسة سوق العمل السوداني وتوفير بيانات وإحصاءات لاستخدامها في وضع سياسات التشغيل والعمالة في السودان.
ومن ذلك ان تحدد مجموعة من الاسرعشوائيا اواختياريا وتسمى العينة وتجري متابعة اسر من العينة بعدد من الزيارات للاسرة الواحدة لمعرفة التغيرات التي تحدث في الاسرة لفترة زمنية معينة.
ويكتسب المسح التتبعي لسوق العمل 2021 والذي تنوي وزارة العمل والإصلاح الإداري انفاذه بشراكة مع الجهاز المركزي للاحصاء ومنتدى البحوث الاقتصادية بالقاهرة أهمية كبرى للسودان لوضع الخطط والبرامج التي تستند على أدلة إحصائية حديثة تساعد حكومة الفترة الانتقالية في وضع السياسات والبرامج بمؤشرات حقيقية.
وفي ذلك يؤكد الخبير الاقتصادي دكتور محمد خير حسن محمد خير، اهمية دور الجهاز المركزي للاحصاء بما يمتلكه من خبرات تقنية وبشرية متراكمة في مجال جمع وتحليل البيانات الإحصائية والتأكيد على أن يظل المصدر الرسمي لبيانات كل المؤسسات الحكومية والمراكز البحثية والجامعات.
وقال”ان الاستراتيجيات والسياسات والخطط التنموية الراشدة هي التي تبني على مؤشرات إحصائية علمية حديثة وموثقة وحقيقية تعكس واقع الأداء في القطاعات الاقتصادية المختلفة”. وعزا سبب ضعف التخطيط والأداء الاقتصادي في السودان إلى عدم وفرة البيانات الإحصائية وتباطوء عمليات تحديثها وعدم اتساقها وضعف مستوى جودتها وصدقيتها.
لكن المسح يساعد على قراءة العلاقة القائمة بين النمو الاقتصادي والاجتماعي والتوظيف والمجالات الاقتصادية التي لها الريادة في المستقبل وقراءة التباين الذي يحدث في الولايات في أسواق العمل ونوعيته وفي معدلات التوظيف بالنسبة للعاملين وإعطاء مؤشرات للهجرة الخارجية أسبابها.
لذلك يتداعي لهذا المشروع الضخم خبراء وطنيون من داخل البلاد وخبراء من خارج البلاد، فضلاً عن بعض المنظمات ذات الصلة على المستوى الإقليمي والدولي، ورصد تمويل لهذا المسح التتبعي بحوالى 351 الف دولار ممولة من المنتدى الاقتصادي.
ومن شأن هذ المسح التتبعي ملء الفراغ في مجال البيانات العلمية الموثوقة في سوق العمل السوداني والتشغيل، فضلاً عن بعض المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الكلية والذي سيفضي إلى إحسان تخصيص الموارد ودعم الإنتاج والإنتاجية بالبلاد.
ويؤكد الخبير المصرفي دكتور لؤي عبد المنعم أن المسح التتبعي لسوق العمل في السودان يحتاج إلى احصائيات حديثة، وان آخر إحصاء سكاني تم في العام ٢٠٠٨ وأشار إلى تقارير تابعة لوزارة الرعاية الاجتماعية تتحدث ان قوة العمل في السودان حاليا 9.3مليون في حين أنه في عام ٢٠١١ كان ١٣مليون قبل إنفصال الجنوب.
وتناقص سوق العمل في السودان لاسباب منها جائحة كرونا التي تضرر منها قطاع الخدمات بشكل كبير وهو يشكل ٧٠% من سوق العمل كما أن هناك انكماش اقتصادي عالمي بسبب كساد وبالإضافة إلى تدني القيمة الشرائية للنقود و الهجرة المتزايده للخارج
و يؤمن على اهمية تغطية الدراسة والمسح التتبعي لسوق العمل الحكومي و سوق العمل الخاص والعمل الحرفي بشفافية مع دراسة العرض والطلب والقوانين والسياسات التي تحكم هذه الأسواق من حيث الأجور والامتيازات واللوائح وعلاقات العمل.
فيما دعا دكتور اسامه محمد عثمان حمد مستشار تنمية الموارد البشرية والتطوير الأدارى الى التاكيد بانه لابد أن تشمل الدراسة كل فئات المجتمع السوداني وفقا لتوزيعات السوق اعلاه مع مراعاة الكثافة السكانية وتوزيعات القوى العاملة حتى يحقق المسح أهدافه في توفير الإحصاءات والمؤشرات الإقتصادية والإجتماعية التي تستخدم في صياغة السياسات والاستراتيجيات والتخطيط لسوق العمل في السودان.
وطرح سؤالا حول معدل الرضاء الوظيفي لدى العاملين بصورة عامة؟ والقطاع العام بصورة خاصة، ونبه إلى ان نسبة رضا العمال في القطاع العام والاعمال العام انخفض بنسبة كبيرة جدا ولابد من قياسه بصورة دقيقة خاصة في الفترة من ٢٠١٩ الى ٢٠٢١، وهي الفترة التي يغطيها المسح لأنها الفترة التي حدثت فيها تغيرات جذرية في كل شئ يتعلق بالرضا الوظيفي ، إلا أن نسبة الرضا ارتفعت في القطاع الخاص.
وأشار لوجود عاملين أساسيين يؤديان إلى رضا العاملين، وهما مدى الاستقرار في العمل، ونمو الأجر، مشيرا الى ان أجور القطاع الحكومي زادت بنسبة كبيرة ولكن نسبة التضخم المتضاعفة تآكلت على إثرها القيمة الشرائية للنقود مما افقد المرتبات القدرة على تلبية احتياجات العاملين مما أثر سلبا على رضا العاملين.
وأكدت وزيرة العمل والإصلاح الإداري رئيس اللجنة العليا لمسح سوق العمل التتبعي الاستاذة تيسير النوراني ان المسح يوفر بيانات عن المتطلبات المستجدة لسوق العمل ومدى تأثير ذلك على المجتمع وكيفية استخدامها في البعدين الاجتماعي والاقتصادي، بجانب أنه يرتب اولويات تخصيص الموارد، مشيرة الى إنه تتبعه دراسات تحليلية تساعد واضعي السياسات في توفير فرص العمل والأنشطة والمشروعات المدرة للدخل، والتخطيط للتنمية، ودعت الشركاء في القطاعات المختلفة للعمل بمهنية لتوفير بيانات دقيقة نوعية تظهر فيها الحوجة الحقيقية. كما دعت تيسير المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات لتقديم الدعم الفني والمالي لكافة القطاعات تمكن من أداء العاملين من تقديم بيانات وافية.
من جانبه أكد مدير جهاز الإحصاء الدكتور على محمد عباس ان المسح التتبعي هو احد المسوحات الوطنية التي تندرج ضمن استراتيجية جهاز الإحصاء ومسوحات هذا العام والتي تأتي ضمن اولويات الجهاز المركزي والحكومة الانتقالية للعام ٢٠٢٠، وهو ضمن مجموعة من المسوحات الوطنية التي تم وضعها لهذا العام وتندرج ضمن اولويات العمل الإحصائي.
وكشف أنه أول مسح ينفذ في السودان بتمويل من مركز البحوث الإقتصادية وأشار لإكتمال الترتيبات لتنفيذ التعداد السكاني والمساكن والتعداد الحيواني في أبريل المقبل.
تشير (سونا) الى ان المسح التتبعي سيغطي كل ولايات السودان ( 18 ولاية) وفق ما اوضحت مديرة المسح الاستاذة انعام مبارك، ويقدر حجم العينة ب (٥٠٠٠) الف أسرة مقسمة بين الولايات وتستخدم في المسح التقنية الحديثة من خلال أجهزة الحاسب اللويحي (Tablets) البرامج واستصطحاب البرامج المعدة خصيصا لعملية جمع البيانات وذلك لضمان سرعة وصول البيانات ومراقبة جودتها.
ويرى الاستاذ يوسف العبيد النقابي المصرفي أن المسح التتبعي لسوق العمل في السودان سيساعد على قياس القطاعات التي تحقق مستوى الرضا والقبول الوظيفي للعامل والتعرف على المنافع التي تحققها الأسر من الحماية الاجتماعية وتكوين الأسر وأسباب العزوف عن الزواج وارتباطها بالعمل وتوفره ويحدد القصور الموجود في سوق العمل وتحديد القطاع الذي يكون رافعه للإقتصاد كما يساعد التعليم العالي في تحديد الاتجاه ووضع الخطط والاستراتيجيات.
وأضاف ان المسح التتبعي “يمنح الدولة القدرة على تخطيط القطاع المعين الذي به وفره ويكون رافعه للاقتصاد” الوطني.
وكالة السودان للأنباء ” سونا ”