اخبار السودان اليوم

د. حسن محمد صالح يكتب: الجنائية مع سبق الاصرار

كما هو معلوم فان مجلس الوزراء اعتمد بالاجماع مشروع قانون يقضي بالانضمام لنظام روما الاساسي للحكمة الجنائية الدولية لسنة ١٩٩٨م وقال رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك في صفحته علي توتير :اجزنا اليوم في الجلسة الدورية لمجلس الوزراء وبالاجماع مشروع قانون انضمام السودان لنظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية تمهيدا لعقد اجتماع مشترك بين مجلس السيادة والوزراء للمصادقة عليه واضاف بان العدالة والمحاسبة هما الاساس الراسخ للسودان الجديدالملتزم بسيادة حكم القانون الذي نسعي جميعا لبنائه. ((التوقيع)) علي ميثاق روما كما هو معلوم ليس جديدا فقد وقعت حكومة السودان علي الميثاق في ذات العام ١٩٩٨م ولكن حكومة الانقاذ الوطني رفضت المصادقة علي ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية ومن اهم الدول التي رفضت المصادقة علي ميثاق روما الولايات المتحدة الامريكية التي هللت اليوم لتوقيع مجلس الوزراء السوداني حيث علقت الخارجية الامريكية علي اعتماد السودان قانون الانضمام للجنائية بتغريدة علي توتير جاء فيها ((اخبار سارة من الخرطوم : اجاز مجلس الوزراء السوداني مشروع قانون الانضمام الي نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية واضافت الخارجية الامريكية بكل قوة وقاحة وتبجح بان المجلس السيادي للحكومة الانتقالية سيصدق علي هذا القرار في جلسة مشتركة تالية)) وهذا يعني ان شعارات سودانية ظلت مرفوعة لسنين عددا من شاكلة ((لن يحكمنا البنك الدولي ولن تحكمنا السي اي ايه)) اصبحت من الماضي وتم الدوس عليها مع الدوس علي الكوز؛ اي كوز ندوسه دوس؛ وها نحن نعرف من الخارجية الامريكية قبل ان يجتمع المجلس التشريعي (الغريب من نوعه في العالم) ان حكومتنا سوف تفعل كذا وكذا ولن تفعل كذا وكذا. علما بان الولايات المتحدة الامريكية ترفض رفضا باتا التعامل مع محكمة الجنايات الدولية وتمنع قضاة المحكمة من دخول الاراضي الامريكية وترفض للمحكمة توجيه اي اتهام للجنود الامريكيين المنتشرين في انحاء العالم وهم بطبيعة الحال يرتكبون جرائم ضد الانسانية في العراق وافغانستان والصومال وداخل الولايات المتحدة الامريكية نفسها وتقول الولايات المتحدة للناس(( انها تحاكم الجنود الامريكين بواسطة المحاكم الامريكية)) وكذلك الحال مع اسرائيل التي ترفض لمحكمة الجنايات الدولية اتهام الجنود الإسرائيليين وهم يرتكبون الفظائع في الاراضي المحتلة.
اما في السودان ((الجديد)) كما قال رئيس الوزراء والذي صرح قبل اعتماد القانون في مجلس الوزراء لقناة فرنسا ٢٤ يوم الخميس المنصرم بان حكومته عقدت مباحثات مع محكمة الجنايات الدولية تشمل مسالة تسليم الرئيس السوداني السابق عمر حسن احمد البشير وشدد حمدوك علي ضرورة ان يري الضحايا وذويهم تحقيق العدالة وهذا يعني ان القضية منتهية واعتماد القانون ما هو الا مبرر لمسالة التسليم وتحصيل حاصل حتي يقال ان التسليم جاء انفاذا للقانون الذي سوف تتم اجازته ليطبق باثر رجعي علي المتهمين من قبل محكمة الجنايات الدولية وبمساعدة الحكومة السودانية وعلي راس من يتم تسليمهم الرئيس السابق عمر البشير والعدد الكلي غير معلوم والاتهام مثلما شمل قادة الجيش السوداني يجب ان يشمل قادة الحركات المسلحة(( وعلي حد سواء)) والا من قتلهم الجيش السوداني وهو يدافع عن الارض السودانية ضد المتمردين المدعومين من الخارج بشر (( نترحم عليهم ونطالب بحقهم في العدالة)) ولكن هل من قتلهم المتمردون الخوارج ونهبوا مواشيهم ودخلوا قراهم في مليط وكتم وحمرة الشيخ وغبيش وام روابة وهجليج ليس باناس ولهم حقوق متساوية ام ان محكمة الجنايات الدولية تكيل بمكيالين وتعتبر سودانيين ضحايا واخرين لا قيمة لهم؟ هذه هي الفتنة الاجتماعية بعينها تسوقها محكمة استعمارية غربية. وينشا سؤال كيف تسني للمجتمع الدولي ان يتعامل في قضية مصيرية تهم السودان والعدالة فيه مع حكومة(( انتقالية)) تفتقد للشرعية والتفويض الشعبي وسبق للرئيس الفرنسي ماكرون ان تحدث عن ضرورة ان تكون في السودان حكومة منتخبة حتي يتم التعامل معهافي قضايا مصيرية وحيوية كقضية الدين الخارجي. هذه الحكومة وبتأييد من حاضنتها السياسية تريد ان تنتقم من خصومها السياسيين بالتعاون مع ما يعرف بالمحكمة الجنائية الدولية وقد اصدر الحزب الشيوعي السوداني(( وهو الذي ظل يدعو لاسقاط حكومة الدكتور حمدوك)) بيانا ايد فيه مشروع قانون المصادقة علي ميثاق روما الذي اصدره مجلس وزراء الفترة الانتقالية ودعا لتسليم المتهمين الي المحكمة ورفض حتي المقترح الذي تقدمت به المحكمة الجنائية الدولية نفسها بان تتم محاكمة المتهمين بواسطة قضاء مختلط ((بين القضاء السوداني وقضاة من المحكمة الجنائية الدولية)) . واذا كانت الحكومة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري غير مؤهلة قانونا ولا اخلاقا لتسليم المتهمين الي لاهاي فان المحكمة الجنائية نفسها غير مؤهلة لمحاكمة الرئيس البشير التي رفض كل المجتمع الدولي معاونتها في القبض عليه وتسليمه لها(( عندما كان في سدة الحكم)) وكان يشد الرحال الي كل دول العالم وتصدر محكمة الجنايات الدولية مذكرات تطالب الحكومات باعتقاله ولا تتم الاستجابة لها بل كان يجد التكريم والاحترام والمساندة من الدول ومن الاتحاد الافريقي الذي اصدر اكثر من بيان وقرار في قممه ومناسباته يدين فيه المحكمة الجنائية الدولية ويتهما بانها محكمة عنصرية وموجهة ضد الروساء الافارقة ولا تحاكم الاوربيين ولا الامريكيين ولو كانوا جنودا ناهيك عن كونهم رؤساء دول وحكومات.
ولا يحق للمحكمة الجنائية الدولية محاكمة البشير لكونها خصما سياسيا له وقال البشير وهو يخاطب جماهير دارفور قولته المشهورة المحكمة وقضاتها ومستشاريها تحت جزمتي وكانت هناك ملاسنات من قبل مدعي المحكمة الاسبق اوكامبو مع البشير مما يضعهم معه في خانة الخصومة السياسية التي تنافي العدالة. واخيرا القضاء السوداني اين موقعه من الاعراب وهل يفهم من هذا التماهي مع لاهاي ان القضاء السوداني لم يعد راغبا ولا قادرا علي محاكمة المتهمين في قضايا نزاع دارفور وهو الذي حاكم الرئيس وحكم عليه بالسجن ولا زالت القضايا مستمرة والقضاة يتعاقبون علي الرجل. واذا كان الغرض هو العدالة فقد تمت محاكمات لكثير من المتهمين فيما يعرف بجرائم دارفور فلماذا لا يتم البناء عليها والاستفادة من التجربة ام ان القضاء يجب ما قبله كما تفعل السياسة والاحزاب السياسية الحاكمة ضد الاحزاب السياسية المعارضة؟ عجائب.

المصدر: صحيفة الانتباهة

Exit mobile version