1
{ رحل عن دنيانا صباح أمس الرئيس الأسبق المشير “عبد الرحمن محمد حسن سوار الدهب”، القائد العسكري القدوة، والمثال الفريد والنادر في كل العالم، للزهد في السلطة والوفاء بالعهد في التخلي السلس عن العرش لصالح الديمقراطية.
{ ظلّ المشير “سوار الدهب” حالة استثنائية ونموذجاً وحيداً تستشهد به وسائل الإعلام العربية والدولية في تقاريرها المكتوبة والمسموعة والمصورة، طيلة العقود الثلاثة الماضية، وهي تحكي تجربة رئيس المجلس العسكري والقائد العام للقوات المسلحة السودانية الذي غادر القصر الجمهوري طوعاً، تماماً عند الموعد.. بعد عام واحد، فور تشكيل الحكومة الديمقراطية المنتخبة في العام 1986م.
{ يحقّ للقوات المسلحة السودانية أن تفخر على مدى العهود والأزمان بأن “عبد الرحمن سوار الدهب” هذا الصوفي.. العابد الزاهد المتبتل خرج للناس من رحمها الولود.
{ ويحقّ لشعب السودان أن يباهي بالمشير “سوار الدهب”، فقد كان بحق رجلاً بقامة الوطن، حكيماً.. وزعيماً.. وقائداً سياسياً وعسكرياً جديراً بالاحترام.
{ ألا رحم الله عبده الطاهر الأمين “عبد الرحمن سوار الدهب”.. وتقبله مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
{ (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).
2
{ وقبل رحيل “سوار الدهب” بيوم واحد، غادر الفانية حكيم كبير آخر من حكماء أهل السودان، هو الشيخ الجليل “حسن أبو سبيب” القيادي العريق بالحزب الاتحادي الديمقراطي ونائب رئيس هيئة (الختمية)، أحد رموز الاعتدال والثورية في آن واحد، فقد كان الشيخ “أبو سبيب” من ألد خصوم (الإنقاذ) وأشرسهم، غير أنه كان فطناً وواعياً، متوازناً في المواقف ومتمعناً في القرار، مصادماً من غير عنف، ومهادناً من غير وجل عندما يحتاج الوطن لهدنة تحفظ بقاءه واستقراره.
{ كان “أبو سبيب” مثالاً مختلفاً لرجل الدين السياسي الديمقراطي الذي أحبه الناس والتفوا حوله بجهده.. لا بجهد الاتحاديين، فقد فاز في انتخابات 1986 بدائرة أم درمان القديمة الغربية، على مرشح الحزب الشيوعي القيادي الكبير “التجاني الطيب بابكر” وبقية مرشحي الأحزاب رغم ترشّح قيادات اتحادية أخرى ضده، ورغم أنه لم يحظ بدعم زعيم الحزب في تلك الفترة.
{ رحل “أبو سبيب” وقد أحسن صنعاً في حياته الاجتماعية، وأبلى بلاءً حسناً في حياته السياسية.
{ تقبله الله مع النبيين.. والصالحين.