إســـراء عماد محمود
الخرطوم في 22-3-2021-(سونا)- وصف خبراء اقتصاديون واحصائيون التعداد السكاني السادس المقبل للعام 2022، بأنه سيكون الأكثر دقة وشمولاً في تاريخ البلاد قياساً ومقارنةً بظروف ونتائج التعدادات الخمسة السابقة له.
ويمتاز التعداد رقم ستة في تاريخ السودان عن سابقيه بإعتماده وثيقة محدثة حيث سيتم إقامته الكترونياً لأول مرة بالبلاد وسيوفر ذلك دقة وثقة أعلى في المعلومات، واستغراقه فترة زمنية قصيرة في جمع ونشر البيانات، كما ذكر (لسونا) مدير التعداد السكاني والمساكن السادس النعيم سليمان عباس.إضافة إلى أنه لن يستثني المناطق التي تقع تحت سيطرة بعض الحركات المسلحة في جبال النوبة والنيل الأزرق، و مناطق الاضطرابات الامنية والنزاعات. كما سيتم إضافة الحيازة الحيوانية والأراضي الزراعية للاستمارة لتقليل التكلفة.
وكان رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قد أعلن في فبراير الماضي عزم حكومته، إجراء تعداد سكاني وزراعي شاملين في البلاد وقالت الحكومة أنها تخطط لأنطلاقته في أبريل 2021 وحتى إبريل 2022.
ويقول مدير التعداد إن الميزانية الأولية للتعداد تبلغ 94 مليون دولار أمريكي فيما تزيد تكلفته الكلية عن 300 مليون دولار . وستوفر الحكومة حوالي 53% منها فيما سيوفر 47% منها المانحون والشركاء في التنمية من المنظمات الدولية والاقليمية والمحلية.
وقد بحث مدير الجهاز المركزي للإحصاء على محمد عباس بمكتبه الأثنين الماضي، مع نائب المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان كارينا نرسيسيان التحضيرات التي تمت لإجراء تعداد السكان والمساكن السادس والتعداد الزراعي الشامل إضافة للمسوحات الوطنية التي يخطط الجهاز لاجرائها والمتمثلة في مسح ميزانية الأسرة والفقر، المسح العنقودي متعدد المؤشرات، المسح الصناعي الشامل، المسح التتبعي لسوق العمل، مسح الشمول المالي ومسح الاستثمار الأجنبي.
وقالت كارينا نرسيسيان بأن إجراء هذه المسوحات سيوفر كثيرا من البيانات اضافة للتعداد الذي يعتبر الأهم للسودان في هذه المرحلة الانتقالية. وأكدت التزام الصندوق بتقديم الدعم الفني والمالي باعتبار أن تعداد السكان من ضمن برامج عمل الصندوق.
وقد عانت جميع التعدادات التي أجريت في السابق من عدم الشمول لجميع المناطق والسكان وعدم الدقة في المعلومات والنتائج المتوفرة في ذات الآن، لعدة أسباب منها صعوبة المواصلات وإرتفاع نسبة الأمية والحروب وعدم إستتباب الأمن في بعض المناطق واستخدام تقنيات غير حديثة في العد وتحليل واستخلاص النتائج.
وقد تم أول تعداد سكاني في العام1955- 1956 والبلاد تتنسم عبير الحرية والاستقلال، وكان عدد السودانيين حينها حوالي 10.2 مليون نسمة . واستغرقت عمليات جمع بيانات التعـداد الأول ١٩٥٥/١٩٥٦ أربعـة عـشر شهرا بـسبب صـعوبة المواصلات وقلة عدد القائمين على عمليات الحصر وارتفاع التكلفة المادية.وقـد نشرت النتائج النهائية لهذا التعداد في عام ١٩٦١ بسبب إنجاز جزء كبير من جدولة البيانات بالطرق اليدوية.
و في التعداد الثاني الذي أجري العام 1973، زاد عدد السكان إلى 11.1 مليون نسمة. و جمعت بيانات التعداد في نحو ثلاثة أسابيع، ونشرت نتائجه النهائية في عام 1980. أما في التعداد الثالث والذي نفذ في العام 1983، فقد وصل عددالسكان إلى 20.5 مليون نسمة. غير أن نتائجه الكلية لم تكتمـل إلا في عام ١٩٨٧ لتظهر نتائجه النهائية في عام ١٩٩٠.
يعتبر تعداد 1973، التعداد الأول على المستوى القومي وقد أجـرى بأسلوب العد الفعلي de facto أي عد السكّان في أماكن تواجدهم وقت التعداد ومع ذلك فقد رفضت الحكومة نتائج هذا التعداد لعدم اكتمالها وقد عولجت بياناته باستخدام الحاسب الآلي وحللت نتائجه ونشرت عام 1980.
كما اجري التعداد الرابع في العام 1993 ونفذ بطريقـة العـد الفعلـي de facto أي الـسكّان الفعليـين الموجودين في منطقة العد ومن ثم تضمن السكّان المقيمين والزائرين حيث وجدوا، كما تم عدّ السكّان الرحّل والسكّان بلا مأوى حيث وجدوا أيضا وغطى التعـداد شمال السودان بالكامل وحوالي ١٥ %من سكّان جنوب السودان ، وكان عددهم جميعا 25.1 مليون نسمة.
بينما التعداد الخامس كان قد تم والبلاد تترقب متوجسة وحزينة إنفصال البلاد في 8 يونيو 2009 ، وبلغ عدد سكان البلاد 39.1 مليون نسمة، يعيش 30.89 مليونا منهم (79%) بالشمال بينما يسكن 8.26 ملايين (21%) بالجنوب. ، لكنه لم يعطِ تفاصيل بشأن المناطق التي يعيش فيها السكان.
ويبين مدير التعداد السادس، أن عدد المشاركين في التعداد يبلغ (50.000) باحث، بواقع 200 أسرة لكل باحث .حيث يتم اختيار الباحث على حسب المعرفة بالتكنولوجيا و أغلبهم من الخريجين، وأساتذة المدارس، يخضعون لاختبارات ومعاينات، وتدريب مكثف على كيفية إجراء المقابلة، ويتم اختيارهم على حسب مناطق تواجدهم؛ كل ولاية مسؤولة من اختيار باحثيها. بجانب (10.000) مراقب ميداني.
ويضيف النعيم انه سيتم أستخدام تقنيات حديثة ومتطورة للحصول على بيانات و نتائج دقيقة مثل منظم المعلومات الجغرافية (GIS) و صورة عبر الأقمار الصناعية للسودان 50( سم) بدرجة رؤية عالية حيث تطابق الصورة مع خرائط الأقاليم ومجالات العد وتحديد حدودها. وسيكون هناك تعاون مع القوات المسلحة والسكان الرحل، بمرافقة شيخ القبيلة مع كل فريق
ويذكر أنه قد تم خلال المرحلة التحضيرية تعديل وثيقة التعداد بواسطة أعضاء من الجامعات والمنظمات الدولية وبدعم البنك الافريقي لهذه المرحلة. وتقدم منظمة الأمم المتحدة الدعم الفني بارسال خبير دولي يساعد في وضع الخطة الحديثة، و خبراء محليين ودوليين للتدريب،و في نهاية الفترة التحضيرية يتم مسح قبلي لمعالجة كافة العقبات والاشكاليات قبل موعد التعداد المحدد. وفي مرحلة جمع المعلومات يتم جمع المعلومة الاحصائية عن طريق: العدد الحقيقي والعدد النظري.
واوضحت رئيسة قسم الاقتصاد القياسي والاحصاء بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم سابقاً، بروفسور هدى محمد مختار أحمد، أن التعداد السكاني يعد عملية إجمالية لجمع وتصنيف وتقييم وتحليل ونشر البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية، في وقت محدد ، لجميع الأشخاص في بلد ما أو في جزء محدد جيدًا من بلد ما، حيث تتمثل أهــدافه في: إحصاء المنازل، والسكان الذين يعيشون في البلد، وتحديد خصائصهم الرئيسية (الجنس، والعمر، والنشاط، والمهن، وخصائص الأسرة، وحجم ونوع السكن، وحجم الهجرة وغيرها..) ، وأهميته فــي توزيع السلطة و الثروة من توزيع الخدمات ورسم السياسات المبنية للقطاع الحكومي والخــاص.
وترى أن التعدادات السابقة واجهت عددا من الأخطاء بسبب انعدام الأمن و الذي أدى إلى عدم امكانية الوصول لجميع المناطق بالسودان ، بالإضافة إلى نسبة الأمية العالية في ذلك الوقت؛ الأمر الذي أدى إلى عدم الحصول على معلومات دقيقة ، وتأخر عرض النتائج حيث يكون بعد فترة زمنية طويلة من بدء التعداد أحيانا يكون لاسباب سياسية، وتأخره لا يفي بالغرض الذي قام من أجله التعداد للمتغيرات التي قد تحدث.
وتؤكد بروفيسور هدى على امكانية الاستفادة من بيانات التعداد في البحوث العلمية ، إطار للمسوحات، والاسقاطات السكانية، حيث يتم الاستفادة منها في وضع الخطط والسياسات ؛والخطط التنموية المصاحبة للتغييرات الديمغرافية وتوزيع السلطة والثروة بدليل أن هنالك ولايات مكتظة بالسكان وهي من افقر الولايات ، بالاضافة إلى الهجرة من الريف للحضر ومن الحضر للحضر؛ الناتجة من عدم وجود تنمية متوازية.كما اوضحت بروفيسور هدى أن التعداد المقبل يعتبر أول تعداد بعد انفصال الجنوب عن السودان؛ وأول تعداد بعد السلام وأن انتشار الأمن سيمكن من الوصول لجميع المناطق وجمع معلومات دقيقة.
وكانت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي السابقة، هبة محمد علي أحمد قد أوضحت أن أهم أهداف الحكومة من إجراء الإحصاء الأسري، معرفة نسبة الفقر في عامة البلاد، ووضع الخطط اللازمة لمعالجته جذرياً. وأعتبرت إجراء «مسح الأسرة»، من أهم الخطوات للحصول على إحصائيات دقيقة بشأن نسبة الفقر في البلاد.
مشيرة إلى أن جميع الجهات المانحة أكدت رغبتها في تمويل المشروع وإكمال التمويل، بما في ذلك توفير الدعم الفني والعيني واللوجستي.
وكالة السودان للأنباء ” سونا ”