التحرير السياسي والاقتصادي وتحقق هيمنة المجتمع في الحكم وقيادته لمشروعات التنمية والنهضة الوطنية جوهر رؤية الحركة الإسلامية في قضايا السلطان وإدارة الدولة فالدولة الريعية نموذج للدولة الاستبدادية لأن عقد المساومة والتوالي بينها وبين المجتمع يرتكز على توفيرها للخدمات من غذاء ودواء ووقود وتعليم وصحة مقابل تنازل المجتمع عن الحق في الحكم ، فالعلاقة في الدولة الريعية علاقة سيد وحاكم مطلق وتابع.
المجتمع الواعي والمستنير والذي يخرج في ثورة ضد الاستبداد ورافعا شعارات الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية عليه الادراك ان إعادة قوامة المجتمع في الحكم تبدأ من تصدى ذات المجتمع لقيادة تنمية الحي الذي يسكن فيه، وبناء المؤسسات الخدمية، وبناء الروضة والمدارس والجامعات والمستشفيات، والمؤسسات الاقتصادية والعسكرية والثقافية والبحثية، وانتخاب قادة الأحزاب، وانتخاب القيادة التنفيذية العليا، وممثلي الامة في الجهاز التشريعي وعندها يغدو المجتمع هو المهيمن والقائد، والحكومة آلية فوقية تخطيطية لإدارة إرادة الدولة، وهكذا يحقق مجتمع المواهب القائد ذاته في الحكم ، وصناعة النهضة الحضارية.
قيم الثورة الوطنية الديمقراطية لا تتجزأ وتماثل سلوك المجتمع القائد مع شعارات الثورة، حرية وسلام وعدالة وقدة لاستمرارية الثورة، وان كان ذلك كذلك فعلى المغتربين ورجال المال والاعمال تحويل واجراء المعاملات المالية عبر النظام المصرفي الرسمي للدولة، لأن دور المجتمع الفاعل في تعافي الاقتصاد الوطني من وهدته مدخل استراتيجي لإنهاء نموذج الدولة الريعية الاستبدادية وبداية واثقة لاستعادة هيمنة المجتمع القائد على الحكم.
ان إنهاء حالة الاستقطاب الوطني الحاد،والثنائية المضرة والمتمثلة في (نحن صناع الثورة) ، والآخرون (أعداء الثورة) ، وتبيئة الثورة وطنيا وإبعادها من الوقوع في فخاخ الاستقطاب الإقليمي والدولي، وتشكيل الكتلة التاريخية الوطنية ، والوفاق الوطني الشامل مدخل استراتيجي لصيانة الثورة من الردة والاختطاف من قوى الثورة المضادة
القائد في التاريخ هو من يدفع ويلهم المجتمع نحو هذه الغايات فأين القائد الذي يلهم المجتمع نحو غايات وشعارات الثورة السودانية؟ وأيما ثورة بدون قائد ستعيش ضريرة وفي حالة حركة دائرية حتى يتم اختطافها من مستبد وطاغية جديد
كما سبقت إرادة المجتمع السوداني ، إرادة القوى السياسية الوطنية المنظمة في تفجير الثورة السودانية يقع على عاتق ذات المجتمع الذكي التشكل والاصطفاف والتداعي والضغط على القوى السياسية الوطنية لإبراز قيادات حقيقية وليست مجازية، تتجرد من نزوعات المصالح الذاتية، والانتماءات الحزبية والولاءات الجهوية والايديولوجية وتتصدى بحزم ووقار وطني لقيادة مهام ومطلوبات المشروع الوطني الديمقراطي، فالسودان في لحظة تاريخية فارقة تتساوى فيها حالة الانتهاض والبعث والارتقاء من جديد إلى دولة ناهضة وأمة عزيزة، وحالة التفكك والانهيار الشامل.
المصدر: صحيفة الانتباهة