بقلم السفير الصادق المقلي
.. المقال محاولة متواضعة.. للأجابة على سؤال مشروع الا وهو…. . ماذا استفادت فلسطين من المقاطعة و ماذا خسر السودان منها… و هل الحرب و العداء كان لهما اى مردود للقضية الفلسطينية و استعادة الحق الرئيس للفلسطينيين فى اقامة دولتهم… التى ظلوا يحاربون من اجلها منذ عام ١٩٤٨ تاريخ انشاء دولة إسرائيل…؟ و هل القضية الفلسطينية قد جنت اى ثمار من جمود العملية السلمية.. و هل التمترس فى المواقف التاريخية المعروفة هو فى صالح القضية ام لا….؟ ؟؟؟.. هذان السؤالان يجب اخذهما فى الاعتبار عند بلورة اى رائ سواء مؤيد او معارض للتطبيع فى ظل عالم.. يسود فيه معيار المصلحة فى العلاقات الدولية التى يحمكها نظام اسس بنيانه على عوار باين من ازدواجية المعايير و الكيل بمكيالين…و النفاق السياسي.!! ؟؟؟!
فيما يتعلق بالتطبيع…. فهذه الكلمة قد اخرجت من سياقها.. فالتطبيع يتم بين دولتين كانت العلاقة طبيعية بينهما.. و مثلا حصل حدث اضطر احد الدولتين بعد أن قطعت علاقاتها مع دولة اخرى.. قررت تطبيع العلاقات مع الدولة الأخرى..او أرادت دولة إنشاء علاقات دبلوماسية جديدة مع دولة اخرى.. يعنى اما انشاء او اعادة العلاقات الى طبيتها قبل قطعها… في حالة اسرائيل و من ناحية اجرائية فى منطوق القانون الدولي… و بما ان السودان في حالة حرب و عداء مع إسرائيل.. و لم يكن اصلا له علاقات قبل قمة لاآت الخرطوم الثلاث عام ١٩٦٧…عليه قبل كل شي.. ليس تطبيع علاقات اصلا لم تكن موجودة.. و انما ينبغى عليه اولا عقد اتفاق سلام مع إسرائيل و انهاء حالة العداء. و من ثم يقيم علاقات ثنائية مع إسرائيل… و ما حصل بالفعل منذ القمة الرباعية المعروفة هو ان السودان وافق على عقد سلام مع إسرائيل مثلما فعلت الإمارات و البحرين و المغرب.. لكن بالطبع شريطة ان يصادق على هذا الاتفاق جهاز تشريعى فى البلدين.. ثم من بعد ذلك يمكن للدولتين توقيع اتفاقيات للتعاون الثنائي بينهما.. …قصدت بهذه المقدمة مدلول كلمة التطبيع في حد ذاتها قبل ان ندلف الى تفاصيل المقال
هناك من ينظر إلى الأمر بمنظور دينى و هناك من يراها قضية سياسية اكتسبت بمرور الزمن أبعادها دولية و إقليمية و شكلت فزاعة لما عرف في الدوائر الغربية و الصهيونية بإعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط…. و لعله في إطار النزاع…. في بعده الإقليمي…. أن كان قدر السودان بحكم انتمائه للوطن العربي أن يكن جزءا من اللعبة الإقليمية… حيث دفع ثمنا لاهتمامه بقضايا الآخرين دون أن يجد منهم سندا في محنه و احنه و أزماته الداخلية…
اولا…. التطبيع من منظور ديني…
هناك من ينظر إلى الأمر بمنظور دينى و هناك من يراها قضية سياسية اكتسبت بمرور الزمن أبعادها دولية و إقليمية و شكلت فزاعة لما عرف في الدوائر الغربية و الصهيونية بإعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط…. و لعله في إطار النزاع…. في بعده الإقليمي…. أن كان قدر السودان بحكم انتمائه للوطن العربي أن يكن جزءا من اللعبة الإقليمية… حيث دفع ثمنا لاهتمامه بقضايا الآخرين دون أن يجد منهم سندا في محنه و احنه و أزماته الداخلية…
كما أن هناك خلاف فقهى حول مشروعية التطبيع مع إسرائيل فمن الفقهاءلر من افتى بعدم جوازها.. مثل مجمع الفقه الإسلامي.. الذى يرى في إسرائيل دولة ظالمة.. و هناك من افتى بجوازه.. مستندين على ما عرف بفقه الضرورة و منهم من يرى ان لا علاقة اصلا بين التطبيع و الدين في شئ. اذ ذهبوا الى القول ان التطبيع هو من مسائل السياسة الشرعية و.. هؤلاء كثر..
رئيس دائرة الفتوى بهيئة علماء السودان الدكتور الشيخ عبد الرحمن حسن حامد يفتي بالأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية بجواز التطبيع مع اسرائيل.
افتي الدكتور عبدالرحمن حسن حامد ان مسألة التطبيع هي عقد صلح وان عقد الصلح واعلان الحرب مسالة من مسائل السياسة الشرعية ولا علاقه لها بالعقيدة وانما العقيدة هي الولاء والبراء وذلك ان يتبرأ الإنسان من دين اليهود والنصارى الي دين الاسلام.. وأضاف قائلا إن عقد الصلح او إعلان الحرب منوط بحاكم المسلمين لانه هو الجيهة العليا التي عليها مراعاة مصالح العباد.. فإذا راء الحاكم ضعفا في المسلمين في زماننا هذا لاسيما في بلادنا حيث تعانى من الجوع والفتن والحروب الأهلية التي تنذر بذهاب دولتنا وانقسامها وتشظيها.. فإذا راء الحاكم مصلحتا في عقد صلح يجب أن يفعل ذلك حفاظا علي بيضة الاسلام….. ولو على مال يدفعه لغير المسلمين حفاظا علي دولة الإسلام وقد نص الفقهاء على ذلك، استدلالا بما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في الاحزاب حيث فاوض ثقيفا علي ثمار المدينة لمدة ثلاث سنوات ان هم تركوا الحرب.. هذا دليل على أنه في حال ضعف المسلمين يجوز لولي الأمر ان يعقد صلحا ولو لم يكن كله كما يريد الناس……. وفي اعتقادي أن ذلك معناه الدكتور محمد جمعة رئيس دائرة الإفتاء بمجمع الفقه الإسلامي الذي امن على فتوي المجمع بعدم جواز التطبيع، لكنه استدركه قائلا ان الفتوى ليست بملزمة على الحاكم وهي فقط معلنة وإذ راء الحاكم أن مايقدم عليه من خطواة لصالح المسلمين لا تتماشى وهذه الفتوى ولا غبار عليه ان فعل…… وقد أخذ الدكتور عبد الرحمن علي مجمع الفقه الإسلامي انه اختصر تحريمه التطبيع مع إسرائيل ولم يوقع ذلك على دول أخرى مثل أمريكا في غزوها للعراق و اضطهاد روسيا للشيشان والصين للاقليات المسلمة فيها سيما وان بلاد الإسلام كلها واحدة رغم مال للقدس من حرمة في فلسطين فليس من فرق بين الصلح مع إسرائيل والصلح مع هذهالدول. الثلاث…. واختتم دكتور عبد الرحمن قائلا اننا في حاجة لأهل فتوي ينزلون الوقائع علي الواقع ويدرسون واقع المسلمين
وتابع حامد “الصلح مع إسرائيل، كالصلح مع أمريكا، والصين وروسيا.. صحيح أن بيت المقدس له حرمة، لكن كل بلاد الإسلام لها حرمة كما لفلسطين”.
واختتم حامد حديثه بضرورة أن يقرأ علماء الدين الواقع، حتى يكون الحكم الفقهي مسايرا له.
و فى نفس السياق كان الداعية د. يوسف الكودة من المؤيدين. أشار في تصريح له أن مقاطعة إسرائيل موقف و ليس مبدأ… و ان المواقف تتبدل وفقا للمصلحة..و أضاف أننا جربنا اسلوب المقاطعة ردحا من الزمن دون جدوى بل تضررنا منه . لذا حان الوقت لاتخاذ طرق أخرى مثلما فعلت كل من تركيا. مصر. الأردن و قطر.. و كل ذلك جائز شرعا كم حكت عنه السيرة النبوية و قد اتفق الكودة مع د. عبد الرحمن حسن حامد من حيث.. عدم التمترس فى المواقف.. و ضرورة مراعاة انزال الوقائع الماثلة على واقع المسلمين..
و لعل التمرس فى موقف ردحا من الزمن حيال قضية معينة قد لا يحقق لنا في نهاية المطاف ما نصبو اليه.. و قد شرح هذا الطرح العقلانى الذي يأخذ في الحسبان تغير و المكان الداعية د. يوسف الكودة… الذى قال…. ان اهل العلم يقررون ( تتغير الفتوى بتغير الزمان و المكان)….و ذلك يدعم.. على حد قول الكودة… ما ذهبنا اليه من وجوب مراعاة الزمان و المكان فى حركة سير المجتمعات…و تأثرها بذلك تاثرا واضحا ومثال مايطال ذلك على سبيل المثال الحكم على الأشياء حكما قد يكون في زمان لاحق غير لتلك الحقبة التي بعده وتختلف في زمانها عنه مما يقتضي المراجعة ومن ثم الحكم بخلاف ماسار الناس عليه ازمانا طويلة كانت او قصيرة.
و للتمثيل حتى يكون المراد أكثر ايضاحا اجماع او شبه اجماع كل او غالب حركات العمل الإسلامي في وقوفها مع القضية الفلسطينية على سبيل المثال بصورة موحدة على موقف معين يقضي بأن شرط إعادة القدس من قبضة اليهود وانهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ثمن للتفكير في إنشاء صلح او هدنة مع إسرائيل وكذلك لا نية لدينا لتحسين العلاقة مع دول الغرب ولا سيما أمريكا لطالما هم يساندون اسرائيل ويقفون مواقف غير مشرفة تجاه الإسلام والمسلمين في بلادهم.
المصدر: صحيفة الانتباهة