حوار: هنادي النور
كشف الامين العام لاتحاد الغرفة الصناعية اشرف صلاح عن توقف كافة المصانع عن البيع بسبب الانخفاض المتسارع لقيمة العملة الوطنية وارتفاع التكاليف والعديد من أسعار السلع ومدخلات الإنتاج، وأضاف ان كل هذه الإشكالات بدأت خلال شهر يناير المنصرم، وقال إن العديد من مصانع الحديد والمواد الغذائية متوقفة عن البيع بغرض مراجعة التكلفة، مقراً بوجود معيقات قديمة متوارثة تواجه القطاع الصناعي، منها تدني سعر الصرف الذي أسهم في إحجام المصانع عن شراء المواد الخام بجانب تردي البنية التحتية للمناطق الصناعية بسبب انعدام شبكة الصرف الصحي، فضلاً عن الارتفاع الحاد في أسعار الكهرباء، والعديد من المحاور في هذا الحوار معه.
] كيف تنظر لعدم ثبات سعر الصرف وتأثيره في القطاع؟
ــ ان الاقتصاد الكلي بالبلاد آفته الرئيسة ومعضلته عدم استقرار سعر الصرف والانخفاض المتوالي للجنيه امام العملات الصعبة، وما ينتج من تضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات، مما ساهم في التأثير في كل القطاعات في القطاع الصناعي تأثيراً أساسياً، ورفع تكلفة المنتج مما اضطرنا لرفع الأجور للعاملين، ومن هنا اشيد بقطاعات صناعية كثيرة تحاول رغم الظروف التي تواجه الصناعة دون إلزام المحافظة على العمالة وعمل زيادات مطردة في أجور العاملين
] قراءة لواقع الصناعة في الراهن الحالي بالبلاد؟
ــ لعقود طويلة من قبل النظام البائد فإن القطاع الصناعي لديه معيقات ومشكلات لا حصر لها، وتفاقمت إشكالات القطاع خلال العهد البائد، ومنذ اندلاع الثورة وحتى الآن ــ مع الأسف ــ فإن القطاع يقف محلك سر، ولم نستطع اتخاذ خطوات عملية في شأن تصحيح الأوضاع المتردية في العملية الإنتاجية الصناعية، وهنالك بعض الاشراقات منها المسح الصناعي والدراسات التي قامت بها وزارة الصناعة وبعض الخطط والرؤى لتطوير البنى التحتية في المناطق الصناعية، ولكن نتمنى ان تدخل حيز التنفيذ، فمشكلات الصناعة متوارثة لفترات طويلة، وجزء كبير لا يقل عن ٣٠% من المصانع أغلقت ابوابها لأسباب مختلفة لفترات طويلة، ولا يوجد تفسير لاستمرار الوضع حالياً، فهنالك مصانع توقفت عن خلال الفترة الأخيرة من العام الماضي الذي كان استثنائياً على مستوى العالم بسبب جائحة (كورونا) وعاماً استثنائياً بالنسبة للسودان واضيفت له تعقيدات سياسية واقتصادية بجانب السيول والأمطار، وحقيقة يحدو القطاع أن يكون قاطرة الاقتصاد السوداني ولكن يعاني كثيراً.
] ما هو اثر زيادة الرسوم الجمركية ومناهضتكم لقرار هيئة الجمارك؟
ــ لعل إحدى مشكلات العملية الإنتاجية الصناعية تعدد وتشعب الرسوم والجبايات سواء الاتحادية او الولائية، والحقيقة أن الزيادة ليست في الرسوم على القطاع الصناعي وإنما تم استحداث رسوم الإنتاج، وشملت مصانع البلاستيك والسراميك ومصانع الصابون ومصافي الذهب والزيوت، وتقدر بحوالى ٢٠% في المتوسط، تتفاوت حسب الفئات، وهذا خلاف العام المالي الجديد الذي شمل زيادة في جميع الرسوم الاتحادية والولائية لمختلف الجهات، وهي عبارة عن (٤٧) رسماً وضريبة تستهدف قطاع الانتاج، وللأسف وزارة المالية وسلطات الجمارك لم تشارك أصحاب المصلحة، خاصة ان القطاع الصناعي جزء منها ممثلاً في اتحاد الغرف الصناعية، وشكلت الزيادة لأصحاب المصانع مفأجاة وتم اللجوء لوزير الصناعة مدني عباس الذي ابدى تفهمه بعد شرح الآثار السالبة لهذه الزيادة والأثر الضعيف الذي يمكن أن يعود للمالية منها، وأنها مدخل لفساد وممارسات سالبة، وايضاً تم التأكيد للوزير بتمسك اصحاب المصانع بحقهم في مناهضة القرار، وبدوره أكد تحديد موعد للقاء مع وزير المالية وسلطات الجمارك ومجلس الوزراء، ولعل آثار هذه الزيادة مثلاً في البلاستيك الذي يمثل من (١٠ ــ ١٥%) من تكلفة المنتج الغذائي باعتباره مادة التغليف الرئيسة، وعندما تتم مضاعفة أسعار البلاستيك بطريقة مباشرة تتم زيادة أسعار المواد الغذائية الضرورية بالنسبة للمواطن سواء في الزيت أو غيره، وكذلك الصابون رغم انه ليس سلعة غذائية ولكنه سلعة ضرورية، فالمصانع تدفع ضريبة للقيمة المضافة وتمثل ١٧% من سعر المنتج، وهذه ضريبة تؤخذ من المنبع في بورتسودان عند التوريد، اذا كانت المواد الخام مستوردة، والباقي يستكمل بالخرطوم بطريقة منظمة من ديوان الضرائب ومنصفة للمصانع، ولكن الضريبة المستحدثة عشوائية وتستلزم تكلفة إدارية عالية بالنسبة للجمارك لانهم مضطرون لتعيين ضابط جمارك لكل مصنع مما يعيق عمل المصنع في حال عدم وجوده، لجهة عدم تحصله على توقيع الجمارك او اللجوء للتهريب لعدم وجود ضابط جمارك، مما يستدعي وزارة المالية لإلغاء القرار، أو يمكن تجميده الى حين إجراء دراسة.
] ما هو أثر ارتفاع تكلفة التشغيل في القطاع؟
ــ جميع عناصر التكلفة تتسبب في زيادة المنتج من دولار وكهرباء، وحالياً المصانع لم تستفد من زيادة الاسعار بل بالعكس تضررت كثيراً منها وايضاً من التضخم. فكلما زاد السعر قل استهلاك السلعة وكلما قل استهلاك السلعة قلت الكمية المنتجة، وبالتالي يصبح هناك ضرر على المصانع، مما يعني أن ارتفاع الأسعار يقود إلى ركود السلع المحلية والضرر الأساسي يعود على المواطن وفي معاش الناس، وهذه المشكلة الرئيسة التي تواجه كافة القطاعات الإنتاجية بالبلاد سواء زراعية او صناعية، الا وهي ارتفاع تكاليف الإنتاج، ولديها أسباب عديدة منها التضخم وارتفاع سعر الصرف، وهنالك عوامل أخرى منها زيادة رسوم الكهرباء واستحداث رسوم وزيادة الجبايات الموجودة بنسبة عالية>
] ما هي أسباب توقف المصانع حسب ما ذكرت أنها متعددة فما هي؟
ــ هي أسباب متعددة، بمعنى ان هنالك أسباباً اقتصادية منها غياب التمويل، وهنالك مصانع متوقفة عاجزة عن توفير تكاليف التشغيل لأسباب متعددة منها ضعف التمويل، وهنالك مصانع متوقفة نسبة لتهالك الآليات الخاصة بها وليست لديها المقدرة على التجديد ومصانع متوقفة لاسباب الورثة، وحالياً وزارة الصناعة تعمل في إطار مسح كامل لتصنيف المصانع المتوقفة وتحديدها، وتقريباً مصانع النسيج في البلاد كلها متوقفة للأسباب التي ذكرت اعلاه، بجانب غياب المعدات الحديثة والمواد الخام نفسها، ولعل السبب الجوهري لانهيار قطاع الصناعة أنها لم تعد البيئة الجاذبة للمستثمر للتردي الكبير الذي لحق بها وببنيتها الأساسية في ظل جبايات عالية، فباتت الصناعة طاردة، وفضل البعض اللجوء للمضاربات وتجارة العملة وغيرها من النشاطات السهلة للحصول على الأموال التي ليست لديها التزامات ضريبية، فالصناعة عملية إنتاجية شاقة وصعبة ومعقدة، ولكن تظل الصناعة وستكون قاطرة الاقتصاد، لجهة ان السودان بلد زراعي ويحتاج الى الصناعات التحويلية ويمتلك فيها ميزة نسيبة.
المصدر: صحيفة الانتباهة