اخبار السودان لحظة بلحظة

السودان: العيكورة يكتب: الدكاترة والسياسة فهم أم عقدة؟

الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل

بقلم: صبري محمد علي (العيكورة)

كما ذكرنا في مقال سابق رأي صديقنا المتواضع التعليم أن موضوع إدخال الأطباء لكلمات (الانجليزي) في حديثهم أثناء المناسبات الاجتماعية و العائلية هو ما يأخُذه عليهم و (ياكل معاهو جمّبة) وتناولنا في ذات المقال الذى حقق على هذا الموقع [الانتباهة اونلاين] عدد قراء تجاوز الثلاثة الف خلال أقلّ من (24) ساعة من نشره وسأعود لموضوع الدكاترة مرة أخري في جزئية أنا كذلك لم يستوعبها (نافوخي) وهى (حكاية) السياسة نعم أقصد دخولهم لمضمار السياسة حكومة أو معارضة بأعداد مُقدره تاركين مهنتهم الاساسية وهى الطبابة وخدمة الحقل الطبي فكما هو معلوم أن السياسة هى مهنة من لا مهنة له ولن تعدم من يؤديها بتعدد مؤهلاتها (الموهوبة) فمنها العشيرة و (كبر الحلقوم) وبيع الكلام وهُدوء الصوت و بيع الاحلام عبر الاثير ورسم الصُور الوردية للمُستقبل بتشبيك الاصابع وإطالة النظر الى سقف (الاستديو) و الاكثار من تكرار (آآآ) في ثنايا الحديث و قد يكون الهندام والوجاهة أيضاً مُدخلاً لعالم السياسة. نعم قد نجد من بين الأطباء كسائر خلق الله من حباهُم الله بهذه الصفات ذميمها وحميدها فتسلق مع المُتسلقين ولكن يظل السؤال الجدلى ما الذي يجعل الطبيب أن يترُك مهنتهُ المُحترمة ويتجه نحو السياسة وهل المستشفى بحاجة للطبيب الطبيب أم للطبيب السياسي وهل (دكتور الهنا ده) لا يوجد أحد غيره فى المجتمع يسوس الناس أم أنهُ إحساس النُسُور التى لا ترضى إلاّ أن تنظُر للآخرين من علٍ أم أنها نظرة المُجتمع الصفوية لهذه الفئة منذ أن غادرنا المُستعمر تاركاً هذه المهنة (المقدسة) فأصبحت في مخيلتنا أن (الدكاترة) يفهمون في كل شيئ والمتتبع لمعظم الحكومات السابقة بإستثناء فترة الرئيس (نميري) يجد أن الأطباء كانوا في كل وادٍ يُهيمون حتى وزارة الزراعة و الخارجية و الثقافة و الاعلام لم تعافها نفوسهم كونها بعيدة عن التخصص والفهم فمثلاً ننتظر بيان من وزير الاعلام الدكتور (فلان الفلانى) لنكتشف أن وزيرنا أخصائي باطنية لو سألته عن أول صحيفة صدرت أو أول مُذيع أو بداية البث الاذاعي بالسودان لأكثر من (اللّولوات) ، فالسياسة عزيزي القارئ حتى ولو أنشئت لها الكليات والمعاهد تظل هى علم مرن ولزج لا يمكن أن نضع لها معايير وأسس للنجاح والفشل فما أكثر من درسُوها ولم يمارسُوها و ما أكثر من مارسُوها ولم يدرسُوها ولم نسمع في العالم بجامعة تمنح درجة (بالبكالوريوس) فى رئاسة الوزراء مثلاً ، فالسياسي (برأيي) لا يحتاج أن (يُذاكر) لينجح بقدر ما عليه أن يتخذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح (مع شوية تطبيل و دلوكة) والكلمة المناسبة في الوقت المناسب ويتحلي بأكبر قدر من مهارات التقدم والتراجع في قراراته و يخشى الفشل كما يتطلع للنجاح و أن يسبق تفكيره تنفيذه ولديه (شوالات) من الخطط البديلة لاي خطوة قبل أن يخطوها فهل الدكاترة هم فقط من يجيد هذه (المُباريات) أم عدمت سياسة (هانم) أن تجد هذه الصفات وغيرها إلا في دكاترتنا ؟ أم أن الدكاترة هم من يلهثون خلفها للمزيد من بريق السلطة والاعلام و (الشو) المُجتمعي ؟ لذا الدبلوماسية التى هي جُزء من السياسة تُعرف بأنها (فن المُمكن) أي لا مانع أن تُسقط أخلاقك طالما أن الممكن هذا هو الغاية المطلوبة فلا تلتفت للوسيلة فالمهم أن تصل ولو على أنقاض أخلاقك ، وهذا لا يتوافق مع مهنة الطب ذات (القسم) المُغلّظ و البروتوكولات التى لا تحتمل المُغامرة بصحة الانسان ، (برأي) لا مانع أن يهتم نُشطاء الأطباء بهموم مهنتهم و العمل على رفع درجة أداء الخدمة و الارتقاء بمستوي معيشة منسوبيها خلال نقابتهم وجمعياتهم المختصّة ولكن أن تجد طبيب وزير زراعة وحاكم اقليم وعارض وخطيب ! يا سيدي ما الذي يحدث لدينا بالسودان من هذه المفارقات ! عطاؤكم من صُلب تخصصكم هو ما يحتاجه الوطن أمّا السياسة فمارسوها (ناس هناي وأبوقردة) ، ذات مرة كنتُ جزءاً من نقاش مع (بروف) شهير في مجال هندسة الاتصالات غائص حتى (رُكبتيه) في السياسية والعلاقات الخارجية وسُبُل النُهوض بها فسألته اليس أفيد للسودان أن يُعالج لنا مُشكلة (عفواً هذا المشترك لا يُمكن الوصول اليه حالياً) وأنت تراهُ رأي العين أمامك ، أم أن يُحدثنا عن علاقاتنا بأمريكا ودول الغرب . فكذلك الحال فى مهنة الطب لن يؤديها بحقها المهني والاخلاقي إلاّ أهلها فإن ذهبوا الى السياسة إفتقدتهُم المستشفيات والمراكز الصحية فأتركوا السياسة ما تركتكم أيها الاطباء فإحياء النفس و رسم البسمة على وجوه المرضي لن يُعادلها بريقُ السياسة الكاذب و إن علا .

قبل ما أنسي : ــــ

تقول الطُرفة أن أحد أعمامنا كان يحملُ صُورة أشعة فطلب من حفيده وكان طبيباً حديث التخرج أن يفهمه ما بالصورة . فطفق الدكتور الحفيد يشرحُ للجد أن برأسه كذا وكذا وأن الجهة اليُسري من الجُمجمة تحتاج لصورة أشعة مقطعية . فجذب الجد الصورة من يده قائلاً له (يا ولدي دي صُورة رُكبتي ما صُورة رأسي) فيا معشر الاطباء شوفو لينا صُورة الاشعة ، السياسة برانا بنعرفها.

الاثنين ١٣/ يوليو ٢٠٢٠م

The post السودان: العيكورة يكتب: الدكاترة والسياسة فهم أم عقدة؟ appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد