اخبار السودان اليوم

إنه الاقتصاد يا …

(1)
إزاحة سبعة وزراء (فد دقة ) أي جملة واحدة لا يعتبر بأي حال من الأحوال تعديلا وزاريا عاديا، بل تغييرا حكوميا كبيرا وإذا علمنا أن هذا التغيير ليس لموازنة سياسية إنما يتعلق بضعف الأداء يبقى السؤال لماذا كان هذا الصبر الطويل ليصل العدد لهذا الرقم القياسي؟ بما أن البلاد كانت ومازالت في حالة ثورة يكون من الطبيعي أن يحدث إخفاق في اختيار الوزراء لشدة التجاذب بين الفرقاء ولاختلال المعايير والأهم عدم الإلمام بالكفاءات، فطالما ان الناس قد رفضت النظام الذي كان حاكما فهذا يعني أن الوزير يجب ان يكون من خارج القوى العاملة في الوزارة المعنية (استثناء وزير الري) وهذا جعل الوزير غريب الوجه والأداء في الوزارة المعنية مما يصعب مهمته إذ أصبح عليه ان يضع الأولويات ويختار أركان حربه ويرسم خطته وكل هذه مهام شاقة هذا مع تلهف المواطن للإنجاز فكل هذا يجعل الظروف الموضوعية هي التي جعلت الأداء فاتراً.
(2)
ما ذكرناه أعلاه لا يلغي السؤال , لماذا كان الصبر على ضعف أداء الوزراء الى أن وصلنا الى ذلك الرقم الكبير؟ في تقديري أن هذا يرجع لأسباب موضوعية وذاتية.
فالظرف الثوري الذي تعيشه البلاد يجعل إعفاء أي وزير في الأسابيع الأولى يعطي انطباعا بالفشل المبكر للحكومة، كما يحدث ربكة وعدم استقرار ويرسل رسالة محبطة في الثورة ذاتها، أما السبب الذاتي فيرجع لطريقة رئيس الوزراء فأغلب الظن أنه كان يرى انه لو فتح باب التغيير سوف يعرضه لضغوط من الجهات المتعارضة للمزيد من التغيير مما يحدث عدم استقرار لكامل الوزارة لأن سيف الإعفاء سيكون مشهرا فوق رؤوس كل الوزراء ويبدو كذلك أن حمدوك مجبول على جبر الخواطر وعدم جرحها لذلك قد صعب عليه إعفاء وزير في أسابيعه الأولى بدليل انه قام بتعيين وزراء دولة للوزارات التي اتهم وزراؤها بضعف الأداء أي عمل (تكالة) ثم الطريقة التي تم بها الإعفاء الجماعي بطلب الاستقالة من الجميع وقبولها من الذين يود تغييرهم فهذا يدل على رقي وحساسية زائدة في التعامل مع المرؤوسين. طبعا هذه مجرد قراءة للوقائع إذ لا معرفة لي شخصياً بالسيد حمدوك إذ لم أشاهده إلا من خلال التلفزيون.
(3)
نظرة أولى للتغيير الوزاري وان شئت قل التغيير الحكومي الذي نحن بصدده توضح بجلاء أنه تغيير للطاقم الاقتصادي (المالية , الزراعة , الثروة الحيوانية, الطاقة والنقل) ولم تبق الا وزارة الصناعة لأن وزارة التجارة وزارة خدمية وهي جماع كل الوزارات الاقتصادية، فتغيير الطاقم الاقتصادي كله يمكن اعتباره اعترافا كاملا بسوء الأوضاع الاقتصادية وبفشل السياسات الاقتصادية وهذا لا يحتاج الى أن ندلل عليه بالتغيير الوزاري بل (ما هو بائن في الصفوف) والصفوف ليست وليدة التسعة شهور الأخيرة إنما زادت فيها واستطالت وتلوت وسدت الطرقات وهذا يقلب الظرف الموضوعي ويخفف على الوزراء المقالين وإن شئت قل المعفيين ولكن لا يعفيهم من المسؤولية خاصة وزير المالية الذي طبق نظريات عليها خلاف كبير. فالسؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح: التغيير الحكومي القادم هل سيكون في شخوص الطاقم الاقتصادي فقط أم أن هناك سياسات اقتصادية جديدة؟.

Exit mobile version