
بكري المدني
انتشرت رسالة إسفيرية أمس على مواقع التواصل الاجتماعي تكشف عن ضبط مجموعة من شباب لجان المقاومة لنجل قيادي كبير في قوى الحرية والتغيير متلبساً ببيع وقود مدعوم في السوق الأسود وتم حمله في الحال لقسم الشرطة الذي فتح بلاغاً في مواجهته، ومن ثم طارت أوراق الشحنة والعربة كمستندات بلاغ هي الأخرى في الأسافير !!
كانت الإشارة إلى أن المتهم ابن قيادي في الحرية والتغيير عاملاً أساسياً للترويج للخبر والبحث خلفه لمعرفة من يكون والده الذي أصبح مطلوباً للمواقع هو الآخر وأكثر من الولد نفسه ؟! وجاءت رسالة الوالد الباردة من بعد أن ولده كان يشتري وقوداً للمولد الخاص به من تانكر مصرح له ببيع الوقود التجاري المستورد ومع ذلك-فهو- أي الوالد -لم يتدخل في أعمال الشرطة بل قال لهم حرفياً (اسجنوه لو لقيتوا عليه حاجة)!
نذكر قبل ذلك عمليات مشابهة لبعض شباب لجان المقاومة اتسمت بالعجلة أيضاً وسوء التقدير والتدخل في أعمال الشرطة ومنها تعطيل عملية نقل مولد كهربائي كبير من منطقة ( ألتي) بعد أن أحاط الشباب هناك بفريق النقل و(نفسوا)إطارات الشاحنة وسجلوا بلاغاً لمواقع التواصل الاجتماعي بإحباط عملية سرقة كبيرة ليجيء التصحيح سريعاً من وزارة الطاقة بأن ذلك الفريق من قبلهم وجاء لحمل المولد الاحتياطي من المنطقة بعد أن اقتضت الضرورة نقله لجهة أخرى!
قبلها كانت مجموعة من الشباب تحيط بكمية من (العجين) التالف أمام منطقة اركوريت والذي تخلص منه صاحب مخبز محترم نتيجة لقطوعات الكهرباء، ولكن أولئك الشباب تصوروا وصوروا تلك المسألة باعتبار أنها عملية متعمدة لدلق العجين على الطريق لخلق أزمة في رغيف الخبز!
وقبلها تمت مطاردة عربات تنقل نفايات بعض المؤسسات من بعض الظن أنها مستندات خطيرة لعمليات فساد كبيرة يراد التخلص منها، وفي كل المواقف كان البلاغ يصل مواقع التواصل الاجتماعي قبل جهات الاختصاص ويصور العربات والأشخاص مغلوبي الحيلة والذين تم ضبطهم وهم يقومون بأعمالهم المعتادة المملة!
وقبل ذلك كانت عملية اعتراض سفر مواطن في مطار الخرطوم والتبشيع به بتمثيله متهماً هارباً، والرجل كان قد وصل الخرطوم في إجازة قصيرة أراد العودة بعدها لمقر عمله في الخليج، ولقد نجحت محاولته الثانية للسفر وسط حشد وحماية من أهله المسيرية الحمر أو الزرق لا أدري!
وقبلها كانت مجموعة من شباب بعض لجان المقاومة بالخرطوم تحيط بمجموعة من عمال الكمائن الذين اضطرتهم ظروف الحياة والمواصلات للسير على أقدامهم وهم يحملون أدوات الحفر فتم اعتراضهم على أساس أنهم مجموعة من عصابات (النيقرز) وتصويرهم ونشر صورهم على هذا الأساس!
وأخيراً وليس آخراً كلنا يذكر بألم شديد عملية إيقاف أستاذنا الكبير إمام محمد إمام وتفتيش عربته مع التصوير والبلاغ السريع لمواقع التواصل الاجتماعي ولم يجدوا شيئاً في العربة لأنهم ببساطة أخطأوا التقدير، فالخطير الذي كان يحمله (إمام الصحافة) على رأسه وليس في عربته!
من الجيد أن يكون لشباب الثورة ولجان المقاومة دور في الأمن وحراسة الحق العام، ولكن ما لم يتم تحديد هذا الدور ورسم حدوده والتي يجب ألا تتجاوز إبلاغ الشرطة عند حالات الاشتباه فإننا نوشك أن نقع في خطأ وخطر كبير والشرطة قادرة بما لديها من إمكانات الوصول لأي مشتبه فيه مهما ابتعد خطوات وهي قادرة أيضاً بما لديها من خبرة التفريق ما بين الجرائم والأعمال المعتادة وكذلك التفريق بين المجرمين وسائر المواطنين.