اخبار السودان اليوم

المستشار الاقتصادي د. عثمان حسن محمود يعقب على د. خالد التيجاني النور

الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل

حقيقة كاتب المقال تناول كافة محاور الاقتصاد السوداني في مقال واحد للخروج بحل للازمة الاقتصادية واستعرض محاور غاية الاهمية الا انني اعتبره تناول فيه كثير من الاختزال باعتبار ان هنالك حزمة من الحلول المترابطه والمتداخلة للتوصل للحل في الكنز المنسي ( الانتاج ) على حد تعبير الكاتب والذي يمكن التوصل له في ظل الحكومات المنتخبه اذا شهدت استقرارا سياسيا هذا في اتفاقي مع الكاتب في الكثير من النقاط التي تناولها بمهنية عالية وان تعليقي عليها بعجالة على النحو التالي :
عنوان المقال :
الحل في الكنز المنسي وهو الانتاج هذا من المسلمات الاقتصادية غير المختلف حولها ولكن كيف وهل المرحلة الانية تسمح بذلك وكم الفترة الزمنية المطلوبة للخروج بالاقتصاد السوداني لبر الامان بعامل الانتاج والانتاجية بمفهومها الشامل وهل الانتاج وحده يكفي ؟
اولا : نبدأ بالشق الاخير من السؤال : هل الانتاج وحده يكفي …. كما ذكر د. عبد الله حمدوك في اول تصريح له ما لم نحول انتاجنا الخام الى مواد تصنيعية ويمثل لنا قيمة مضافة سوف نكون قابعين في مكاننا وهذا يعني انه مهما كان لنا ميزه نسبية في انتاج سلعة ما سواء صمغ عربي او انتاج حيواني او زراعي اخر واكتفينا بذلك فاننا نرسخ لمبدأ مفهوم الميزة النسبية وهو مفهوم مفاده تقسيم الدول الى دول تصدر منتجات صناعية واخرى تصدر موادا خام وتظل مستهلك اول للسلع الصناعية التي تشكل اساسا لمصدر موادها الخام وتتسع الهوه بين دخل هذه الدول اضعافا بسب الفارق في القيمة المضافة لتصنيع المواد الخام في وقت نحتاج فيه لتوفير مليارات الدولارات لسد العجز في ميزاننا التجاري وهو امر لايمكن تحقيقه بالعائد الحالي لصادراتنا كمادة خام مهما ارتفعت كمياتها .
ثانيا : ما هو نوع وكم الانتاج الذي يتحدث عنه الكاتب هل انتاج للاكتفاء الذاتي ام انتاج للتصدير وتحسين الاقتصاد السوداني ام سلسلة انتاج متكامل وبكامل السياسات الاقتصادية المطلوبة لحل جذور المسألة الاقتصادية ؟ في وقت يرتبط فيه تحسين الانتاج باصلاح المنظومة الكلية وتتطلب اعادة هيكلة بالكامل فشلت فيها على وجه التحديد حكومة النظام البائد والتي كانت الفرصة متاحه لها زمنا ومادة … نأمل ان تتاح فرصة كافية لهذا التغيير حتى نستطيع التقييم بشكل حيادي .
ثالثا : هل المرحلة الانية مناسبة لتبني الحل الكنز وهو الانتاج على اطلاق العباره …. اذا اخذنا عمر الفترة الانتقالية المحدود وقد كتبت مقالا سابقا تم نشره بصحيفة الصيحة ان هذه الفترة لا تمكنها من احداث اي نتائج لاصلاح بنية الهيكل الاقتصادي وعلى وجه التحديد البنية التحتية للانتاج بالمفهوم الواسع الانتاج التجاري او جذب الاستثمارات لاحداث انتاج تجاري يسمح ان يكون حلا للمسألة الاقتصادية وذلك نظرا للعديد من المعوقات الهيكلية للانتاج التجاري وبالتالي فإن اقصى نجاح لهذه الفترة هو التعامل مع الوضع الاقتصادي الراهن لحل الازمة الاقتصادية الحالية ( استقرار اقتصادي نسبي فقط ) وليس حل مشكلة الاقتصاد السوداني ، كما ذكرت ان اقصى نجاج يمكن ان تحققه هذه الحكومة هو تمديد المظلة الاجتماعية واصلاح بعض السياسات الاقتصادية للخروج من الازمة الاقتصادية لذا تبنت هذه الحكومة البرنامج الاقتصادي الاسعافي تداركا للوقت وتفاديا لتعقيد الازمة الاقتصادية الراهنة وهي للاسف نطلق عليها حكومة حل ازمات وليس نهضة وتطور وتنمية اقتصادية وبرنامج اقتصادي متكامل وهو واقع معاش لا نستطيع انكاره وان المواطن ينظر لاي تقدم دون انعكاساته السلبية بأنه نجاحا لهذه الحكومة وقد استغلت هذه الحكومة هذا الامر واستغلت عدم مراعاة النظام السابق لحياة المواطن البسيط واصبحت تعزف على هذا الوتر كسبا للزمن وكسبا للتأييد الشعبي .
الان كل ما تفعله الحكومة الراهنة هو الدوران في فلك الازمات التي خلفها النظام السابق والاخرى المصطنعة الناتجة من التوليفه التي تحكمنا الان في وقت يطالب فيه المستنيرين ان تقدم الحكومة حلا جذريا سريعا للمسألة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهو سقف عال لايمكن تحقيقه بالمعطيات الماثلة امامنا وفي هذا الزمن الوجيز ولكن في المقابل يحسب لهذه الحكومة انها تستند فعلا لبرنامج ورؤية طويلة المدى تعمل على ترسيخ مفهوم مبدأ التنمية الديمقراطية ويمكن ان تؤسس لحل جذور الازمة الاقتصادية وقد شرعت فيه وذلك من اطلاق للحريات السياسية والانسانية والفرص الاجتماعية وضمانات الشفافيه ومكافحة الفساد وتحقيق السلام لاحداث تنمية مستدامه ومتوازنة يحتاج الى مزيد من التوحد والاصطفاف والتمترس حوله بروح وطنية باعتباره احد اهم برامج الحلول الكنزيه .
رابعا : مؤتمر برلين
كما سمعنا سابقا الوعود من وزير المالية ان هنالك شراكات وشركاء سوف تمنح السودان اموالا وسمعنا ان الحكومة الفرنسية اول من تبنت مؤتمر للمانحين ولكن ماذا حدث والان المؤتمر مؤتمر برلين وليس باريس !!!
معروف ان اي تمويل دولي للسودان في ظل الوضع الحالي لا يأتي الا بموافقة صندوق النقد والبنك الدولي لذا نشاهد الان ذهاب وزير المالية وتبني سياسات الصندوق مجبرا اخاك لا بطل وذلك حتى يستطيع جلب موافقة الصندوق لنجاح المؤتمر ومنح اشارة الصندوق للدول المانحة لمساندة السودان بالتالي فإن المفاهمة الحالية مع الصندوق ليس لتلقي دعم مباشر من الصندوق بل لتنفيذ سياسات الصندوق والوصول الى مفاهمات حول سداد ديون السودان ( اصل الدين ) وضمان كيفية سداد المنح المتوقعة للسودان من الدول المشاركة في المؤتمر ومعروف حديثا ان الصندوق لا يفرض شروطا كما كان سابقا بل يطلب ضمانات لسداد القروض ونحن نتبرع بتنفيذ هذه الضمانات وان الضمانات المتاحه امامنا هي عباره عن سياسات لرفع الدخل للدولة من خلال تطبيق سياسة رفع الدعم وزيادة الضرائب وخفض العملة المحلية وتعويم الجنيه السوداني ومكافحة الفساد وما الى ذلك من سياسات ولتفادي الاثار السالبة لهذه السياسات تأتي سياسات الدعم المادي للاسر الضعيفه وزيادة المرتبات والتعاونيات ومراكز البيع المخفض وما الى ذلك ونتفق مع الكاتب ان حزمة الاصلاحات والسياسات والمعالجات السريعة ضرورية الا انها غير كافيه لمعالجة جذور الازمة وهو امر معلوم للقائمين على الشأن الاقتصادي ومن المتوقع ان نفاجأ بأن الدول المانحه سوف يكون دعمها ليس ماديا بل عن طريق استثمارات طويلة المدى وسوف تفرض شروطها الخاصة بتحسين البنية التحتية والسياسات الجاذبة للاستثمار ونقع في ذات الدائره وهي معوقات الانتاج والاستثمار لذا فان الحل يكمن في تحقيق السلام اولا وهو من اولويات الحكومة الانتقالية وخروج السودان من الدول الراعية للارهاب ( الرؤية الحالية للحكومة الانتقالية ) لفك العزلة وحل القيود المفروضة على السودان التي تعيق الانتاج والتصنيع المحلي بموارد محلية وتقنيات مستورده وتبني سياسات حالية لتحسين الميزان التجاري تتعلق بخفض الواردات وتحديدها كميا ونوعيا والعمل على زيادة صادراتنا بالامكانات الحالية ولك ان تتخيل انه منذ التسعينيات لدى السودان 100 سلعة صادر و من بين هذه السلع فقط 10 سلع تعتبر سلع صادر نشطه وعليه ان طاقتنا السلعية تشكل 10% فقط من طاقة الصادرات وهذا ادى لمزيد من العجز في الميزان التجاري وهذا يستدعي العمل على التنمية البشرية وزيادة انتاجية الفرد السوداني .
خامسا : التعامل المجزأ مع الازمة الاقتصادية :
هذا امر املته الضروره وقامت الحكومة بتكوين لجنه طارئة لحل الازمة الاقتصادية نظرا لواقع معاش هو سيطره المكون العسكري على مصادر الدخل الاساسية للدولة ( اقتصاد الجيش ) وتفاديا للصدام بين المكون العسكري والمدني فقد جاءت موافقة المكون المدني الضعيف على هذه الالية باعتبارها احد الاليات التي يمكن اتباعها لحل الازمة الاقتصادية او الطوفان وانهيار الفترة الانتقالية وعموما ارجو الا يتوقع عامة الناس بأن هذه الاليه سوف تقدم حلولا جذريه لمسألة الاقتصاد السوداني لان مهامها فقط ما هو الا ادارة لتخفيف الازمة تعمل في ظل الحلول العاجلة والاسعافية لذلك لا نستغرب ان توؤل رئاسة ادارتها لحميدتي ونائبه خبير اقتصادي بمستشاريه وهذا دليل ان حلول هذه الالية ليست من واقع سياسات اقتصادية !!!
ومما لاشك فيه ان اقتصاد الجيش يعد خطر على الاقتصاد وعلى عملية التحول الديمقراطي وخطورته تكمن في التوسع والخروج من هدف الامن الغذائي والاكتفاء الذاتي وتحسين المستوى المعيشي وخفض الاسعار الى السيطرة الكلية على الاقتصاد وعزل القطاع الخاص واحجام الاستثمار الاجنبي في ظل وجود منافسة غير متكافئة وعدم خضوع الشركات والمؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش لقوانين الشركات والتزاماتها وهذا يتناقض مع مبدأ تفعيل الدور القطاع الخاص للمساهمة في الاقتصاد الوطني وعليه لابد من ايجاد ضوابط لهذا النوع من الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار الاجنبي وليس محاربته
سادسا : برنامج الدعم الاسري وزيادة المرتبات ( نتائج عكسيه للتنمية الاقتصادية )
حاليا يعمل وزير المالية على سياسة التصبير وكسب الزمن لعل الله يحدث امرا حيث نجد تبني وزير المالية لسياسة الخداع النقدي وهي حلولا وقتيه ونتائجها كارثية في حال عدم وجود مصدر دائم للتمويل لهذه المرتبات والتي حدثت بصوره عاجلة بدليل ان وزير الماليه تفاجأ ان هنالك ترهل وظيفي لم يكن في الحسبان مما سبب مشكلة قانونية للتخلص من هذا الجيش من الموظفين والعاملين وحتى ان ارادوا التخلص من هؤلاء العاملين لابد من الايفاء بمستحقات نهاية الخدمة على اساس الراتب الجديد عموا للاسف ان وزير المالية يراهن على الدعم الخارجي وهو دعم غير مستدام ولا نستطيع ان نبني عليه ميزانيات وخطط تنموية اقتصادية واجتماعية وعليه نتفق مع الكاتب انه لابد من تعظيم عوائد مواردنا الطبيعية عبر استثمارها استثمار امثل للحصول على دخول دائمه للمجتمع وعليه ليس من المنطقي ان تعمل الدولة بكامل اجهزتها وامكاناتها لادارة الازمة الاقتصادية وحتى ان افلحت هذا لا يحسب لها نجاحا لان الازمات سرعان ما تتجدد بكافة جوانبها السالبة لذا لابد من البحث عن حلول مؤسسيه بنيويه جذريه
اما كون ان التحويلات النقدية قد تم تطبيقها في النظام البائد ولم تنجح هذا لا ينفي اهميتها ومحاولة اصحاح واصلاح تطبيقها وايجاد بنية فنية تحتيه لها بمساعدة برنامج الغذاء العالمي الى جانب الجدية والشفافية في تطبيقها وان المعطيات الان لنجاحها ماثلة مقارنة بالفترة السابقة ونجد ان وصف الكاتب لها بان هذه التحويلات اليه سلبية ومحدوة الاثر فيها تناقض وان استشهاد الكاتب ان يكون بديلا لذلك ضمان الحكومة لتوظيف كل من هو قادر وراغب في العمل غير صحيحا ويتناقض مع مبدأ الحل الكنز ( الانتاج ) والصحيح تعزيز ثقافة العمل الحر ودعمها من جانب الدولة بالتمويل وانشاء حاضنات ومسرعات العمل الحر لمشاريع الشباب الصغيره والمتناهية الصغر
نتفق مع الكاتب في كثير مما ذهب إليه ونختلف معه ان هنالك ما استدعى التعامل الحالي مع الوضع الاقتصادي بهذه السياسات بالرغم من انها ليست حلولا وسياسات نموذجيه لاحداث نقطة انطلاقة نحو حل المسألة الاقتصادية ولكن نقول لكل سياسة اقتصادية مبرراتها ونتائجها وان النهج الحالي يمكن ان نصل به لنتائج ايجابية ولكن ليست النتائج المأموله .

عثمان حسن محمود
مستشار اقتصادي
نائب الرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية
المملكة العربية السعودية – الدمام

The post المستشار الاقتصادي د. عثمان حسن محمود يعقب على د. خالد التيجاني النور appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version