اخبار السودان اليوم

مرشح لمنصب والي كسلا : قبلت نزولاً لرغبات المواطنين

سأنتزع حقوق الولاية من الأمم المتحدة

القانون غير رادع لكبح جماح التهريب

المرأة تعرضت للظلم بحكم الموروث الثقافي

 

ارتفعت وتيرة المطالبة بضرورة إسراع الحكومة المركزية في تنفيذ بنود الثورة بتعيين الولاة المدنيين حتى تكتمل الصورة التي رسمها الشعب السوداني بقيام الدولة المدنية التي يحلم بها الجميع.

في غضون ذلك، قدمت ولاية كسلا عدداً من المرشحين لتقلد منصب الوالي، وكان الأستاذ “الصادق آدم عباس”، المُشبع بالنضال الفطري ضد حكم الأنظمة الدكتاتورية من أبرز المرشحين؛ الذين دفعت بهم قوى نداء السودان ليكون مرشحاً للولاية، ودعمت مكونات مؤثرة ترشيحه، رغم رفضه لذلك مراراً وتكراراً إلا أن “عباس” رضخ أخيراً لرغبات وتطلعات وثقة أهل كسلا في شخصه.

ويُحظى الرجل الذي يتقلد منصباً رفيعاً في منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها، ويحفظ إنسان كسلا لعباس مواقفه المُشرّفة إبّان النضال الوطني الذي كان رفيق دربه منذ المرحلة الثانوية، ودفع من أجله فاتورة باهظة الثمن، إذ كان من أوائل الثوار الذين وطأت أقدامهم ساحة الاعتصام بالقيادة العامة للجيش؛ مناضلاً ومساهماً، وظل مرابطاً حتى ساعة إعلان تغيير نظام الإنقاذ.

وفي لقاء مع (مصادر)، أعلن “الصادق آدم”، عن خطط وبرامج يعتزم تنفيذها في حال تقلده منصب “والي كسلا”، وأشار إلى معرفته الدقيقة بكل مكامن الخلل بالولاية في شتى المجالات، وقال إن الخطط من شأنها المُساهمة في انتشال الولاية من وهدتها؛ بدءاً بالمشروعات الرائدة التي تعطلت إبّان العهد البائد، وأهمية إنشاء قاعدة بيانات تشمل كل المطلوبات لتنفيذ برامج النهوض بالولاية تنموياً؛ بداية من ترقية وسائل الخدمات الأساسية للإنتاج لتفجير الطاقات التي تذخر بها الولاية “بشرية ومادية”، وترتكز على تنمية مقدرات إنسان الولاية في إطار تعايش المكون الكلي للاستفادة من التنوع الإثني والثقافي في تشكيل قومية الولاية لتضخ الدماء في شريان الوطن الكبير انتماءً ووطنية وحُباً لتعود كسلا بذات الألق التي عُرفت به.

حوار : سيف آدم هارون

المولد والنشأة:

كانت صرخة ميلاد “الصادق آدم عباس”، بمنطقة الشجراب غرب في العام 1974م، وانطلقت مسيرته التعليمية بمدارس الشجراب، ومدرسة نهر عطبرة الغربية المتوسطة، ودرس الثانوية بمدرسة كسلا الثانوية، وهو خريج جامعة النيلين “كلية الآداب – لغة إنجليزية”، ودرس الاقتصاد والعلوم الإدارية بالجامعة الأهلية، وتلقى درسات فوق الجامعية بجامعة السودان.

وعمل بعد تخرجه في منظمة إيرلندية، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، وبعثة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة، وبعدها المندوب السامي لشؤون اللاجئين، وفي تلك الفترة تزوج، وأنجب عدداً من البنين والبنات.

النشاط السياسي:

ولج “الصادق”، العمل السياسي بحكم النشأة والبيئة منذ نعومة أظافره عندما كان في المرحلة المتوسطة، وتشكلّت في دواخله المذابح التي قامت بها الأنظمة العسكرية ضد الأنصار التي كان مسرحها الجزيرة أبا، وفي مناطق أخرى من بقاع السودان، ومن شرفاء أبناء شعبه الذين ذاقوا ويلات الأنظمة الدكتاتورية، ورسمت جرائم الأنظمة الاستبدادية الصادمة صورة قاتمة من خلال تاريخهم الأسود في قمع المطالبين بالحريات وحق العيش الكريم من أبناء الوطن.

ويقول الرجل، إن قصص وحكاوي أجداده عن مأساة الجزيرة أبا قد شكلّت شخصيته النضالية، فضلاً عن مشاركته في ثورة التغيير منذ اندلاع ثورة ديسمبر المجيدة، حيث كان يعمل في كسلا، ويذهب كل خميس خصيصاً للمُشاركة في التظاهرة التي كانت تخرج عقب صلاة الجمعة من مسجد الأنصار بود نوباوي، وعندما تم نقله إلى دارفور حضر عن طريق البر للمشاركة في اعتصام القيادة العامة حتى اقتلاع النظام.

منصب الوالي:

وفيما يتعلق بترشيحه لمنصب والي كسلا، أكد “عباس”، عدم حرصه على الترشيح، لجهة أن العمل في المنظمات الدولية أخذ من وقته الكثير، وقال إن ترشيحه لم يأتِ من منظور قبلي، وأن الذين قاموا بترشيحه هم مكون أساسي من المنظومة الاجتماعية بالولاية، منوهاً إلى قبوله بالترشيح نزولاً لرغباتهم وثقتهم الغالية في شخصه، بغية تحقيق تطلعات النهوض بالولاية وإنسانها في المجالات كافة، وأشار إلى أنهم يرون فيه الشخص الكفء الذي اكتسب خبرات من خلال عمله في مجال العمل الطوعي والإنساني والبُعد العالمي، ورغبة المواطن في الخروج من ظاهرة القبلية البغيضة.

النهوض بكسلا:

وبحسب الصادق، فإن ولاية كسلا لديها خصوصية، وهي من الولايات التي تأخرت كثيراً، بسبب الهجرات واللجوء في السودان؛ الذي شكلّ ضغوطاً كبيرة على الخدمات الحياتية، وأعاب على القائمين على أمر ملف السودان على المستوى الدولي فشلهم في أخذ حق الولاية من الأمم المتحدة، مؤكداً أنه سيتطرق لهذا الملف لكي ينال الشعب حقه؛ الذي بدوره سيضيف بُعداً تنموياً.

وقال “عباس”، إن المنطقة المُمتدة من الخزان وحتى نهر عطبرة كانت غابات، وتسبب القطع الجائر في أضرار جمّة بسبب الهجرات، علاوة على تدمير الغطاء الغابي، وتأثير اللجوء على القطاع النباتي والبيئي.

وأضاف :”كان على ممثل السودان في الأمم المتحدة المُطالبة بإعادة وصيانة الغطاء النباتي؛ الذي أثر في حياة المواطنين بشكل ملحوظ في تغيير حرفة البعض من الرعي إلى مهن لاتتناسب مع مقدراتهم، وأن الحكومة لم تستفد من اتفاقية جنيف في هذه القضية التي لم تُثار في الأمم المتحدة منذ عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري”، مؤكداً مقدرته على طرق هذا الملف بقوة، بغية استفادة مواطني الولاية من أموال الأمم المتحدة.

التهريب بالولاية:

وأبدى الصادق، انزعاجه من تفشي ظاهرة التهريب بولاية كسلا؛ التي رأى أنها “مقلقة” للحد البعيد، وأصبح البعض يمتهن تهريب البضائع المدعومة، منوهاً إلى أن القانون الموجود غير رادع، وأضاف :”الأخطر من ذلك أن المُهرِب لم يعد ملفوظ اجتماعياً، ولا يوجد إحساس بالخجل”، مُطالباً بإجراء دراسة متكاملة للمناطق الحدودية لتحديد الحاجة الحقيقة لتلك المناطق وضبط مظاهر التهريب.

عطبرة وستيت:

وصف الخبير الأممي الصادق آدم، مشروع سدي أعالي نهر عطبرة وستيت بالواعد، مُشدداً على ضرورة مُراجعة الاتفاق الذي تم بين النظام السابق والمملكة العربية السعودية وفقاً للمصحلة القومية العليا للبلاد، وقال إن المشروع يعتبر مخرجاً حقيقياً لآلاف الأسر وداعم كبير لاقتصاد الولاية، بجانب إعادة تأهيل مشروعي القاش وحلفا الجديدة برؤية جديدة تواكب الطفرة الزراعية التي شهدها العالم، وتقديم خدمات مُحفزة لمكونات المنطقة، خاصة مناطق مشروع القاش وإزالة المسكيت بصورة علمية على طريقة مشروع حلفا الزراعي، وتثبيت الحيازات، وأضاف :”هذا يحتاج لعمل كبير مع المكون المجتمعي، مع ضرورة مراعاة اختلاف المكون الاجتماعي بين المناطق”، مبدياً تفاؤله بالنجاح في هذا الجانب.

المرعى:

وأشار “عباس”، إلى الحدود المعروفة للمرعى منذ العام 1956م، منوهاً إلى أن المكون السوداني الأعظم هم رعاة؛ وتحوّل البعض منهم لاحتراف مهنة الزراعة بعد التعدي على مناطق الرعاة، لافتاً إلى وجود مناطق رعوية بحتة في القرقف وسند فور؛ تم التعدي عليها من قبل النظام البائد، وتحوّلت إلى مناطق زراعية، منوهاً الى تأكيدات دراسة أممية بأن هذه المنطقة تصلح للرعي وليس الزراعة، وقال إن الحكومة السابقة تعمّدت تحويل مجتمع كامل من الرعي إلى حِرف أخرى، وساهمت في تبديد الثروة الحيوانية.

هزة اجتماعية:

وتأسف الصادق، إلى ماوصل إليه الحال في ولاية كسلا، وقال إن النسيج الاجتماعي تعرض لهزة كبيرة، وهي أحد افرازات النظام الشمولي، مؤكداً أن الجانب الاجتماعي يحتاج لعمل كبير وإجراء مسوحات لمعرفة أسباب قيام الاشكالات التي حدثت في خشم القربة وكسلا بين قبيلتي النوبة والبني عامر، ولم يستبعد وجود أيادي خفية عملت على إشعال نار الفتنة، منوهاً إلى إمكانية إعادة رتق النسيج الاجتماعي بتضافر الجهود وتصالح الذات.

السياحة:

وقال “عباس”، إن ولاية كسلا واعدة جداً في مجال السياحة في حال انتهاء الأزمات واختفاء الظواهر السالبة التي تؤثر على قطاع السياحة، لافتاً إلى أنها تمتاز بمواقع سياحية طبيعية وجاذبة، وتحتاج إلى “لمسات بسيطة” وإضافات جديدة تخرج عن النمطية، وأضاف :”هذا القطاع بإمكانه المساهمة الفاعلة في دفع عجلة الاقتصاد”.

الفقر:

وأبدى الصادق، أسفه لتدني مستوى المعيشة وحالة الفقر في الولاية؛ والتي تحتاج لبرنامج مركزي متكامل وقاعدة بيانات، لجهة أن العالم قائم على التعداد السكاني الحقيقي، وأضاف :”لا توجد دولة تعمل بدون قاعدة بيانات”، لافتاً الى أن التعداد الحقيقي يُمكن الدولة من تقديم الخدمات والمساعدات للشرائح الضعيفة بصورة عادلة، ومعرفة الخلل، ومتابعة مصدر الأوبئة وغيرها، وقال :”إن من أولوياته هو إنشاء قاعدة بيانات متكاملة لقومية ولاية كسلا لتكون نواة حقيقية لأي عمل”.

ظلم المرأة:

وتحسر “عباس”، على الظلم الذي تعرضت له المرأة بحكم الموروث الثقافي، وقال :”هذا الجانب يحتاج لعمل مكثف”، وأضاف :”عملنا في المنظمات في جانب المخاطر التي تواجه تعليم المرأة، وأوقدنا شمعة أمل ساهمت في اللحاق بعدد منهن في المدراس”، وأشار إلى تحفظه الواضح في بعض جوانب اتفاقية سيداو، منوهاً إلى وجود جوانب مُشرقة، وأخرى تخالف الوجدان السوداني”.

التغيير:

وأكد الصادق آدم، في خاتمة حديثه لـ(مصادر)، أن قادة النظام البائد مازالوا يعملون في قيادة مؤسسات ولاية كسلا، وقال :”إن كسلا لم يطالها التغيير بالصورة التي تتوافق مع أهداف الثورة المجيدة”، ورأى في ذات الوقت أن الاختلاف بين مكونات قوى الحرية والتغيير ظاهرة صحية، منوهاً إلى مقدرة مكونات قوى التغيير على تجاوز الخلافات.


صحيفة مصادر

Exit mobile version