اخبار السودان اليوم

السودان: صديق البادي يكتب: ضرورة إعادة التموين والتعاونيات يا حكومة

الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل

الحديث عن فوضي وهمجية الأسواق والارتفاع الجنوني للأسعار أصبح حديثاً معاداً مكرراً ظل الجميع يرددونه مكرهين وهم يحسون بالغبن صباح مساء دون أن يجدوا اهتماماً رسمياً وآذاناً تسمع وذهبت جميع الصرخات أدراج الرياح كأنهم يحرثون في البحر ويؤذنون في مالطة وينفخون بلا جدوى في بالون مثقوب أو قربة مقدودة وتقع المسؤولية المباشرة علي الجهاز التنفيذي المتمثل في الحكومة الاتحادية ومجلس الوزراء وما يلي ذلك في سلم المسؤولية بتسلسل هرمي من القمة للقاعدة . ولا ندري هل يدرك المسئولون في الجهاز التنفيذي ما يدور ويمور في الأسواق من فوضي وهمجية وهم عاجزون عن تصحيح الأوضاع المختلة والمقلوبة رأساً علي عقب أم أنهم في واد آخر لا يكترثون ولا يعلمون بما يجري وهذه مصيبة كبيرة وربما يكون سبب جهلهم أو تجاهل بعضهم بما يجري عدم إحساسهم بما يدور لعدم معايشتهم للواقع البعيدين عنه كل البعد وبعضهم يردد تعليلاً غريباً مضحكاً هو أن الناس قد صبروا ثلاثين عاماً فلماذا يضيقوا الآن وقد أكملت حكومتهم عشرة أشهر فقط . وقد سقط النظام السابق لأن الأزمات بلغت ذروتها القصوى وحدث الانفجار الشعبي التلقائي العارم والآن فإن الأزمات قد استفحلت وأصبحت أسوأ وأردأ من تلك الأوضاع السيئة وتضاعفت الأسعار أضعافاً مضاعفة بسبب ضعف الإرادة وسوء الإدارة وعدم المراقبة والمتابعة وترك الحبل علي الغارب . ولو استطاعت هذه الحكومة أن تنجح في إعادة الأسعار للوضع الذي كانت عليه في يوم الخميس الحادي عشر من شهر أبريل عام 2019م تكون قد حققت نجاحاً باهراً تستحق عليه صوت شكر من الشعب السوداني الذي يعاني الآن من القفزات الجنونية السريعة المتوالية في أسعار كافة السلع . وبكل أسف إن موضوع فوضي الأسواق وارتفاع الأسعار يقابله المسئولون في الحكومة ببرود انجليزي عكس الاهتمام والهمة العالية التي تعامل بها الرئيس الأمريكي الأسبق ريغان الذي حركته دوافع إنسانية لتقديم مساعدات وكميات كبيرة من الدقيق والمواد التموينية في عام 1984م لسد الفجوة الغذائية والدوائية في مناطق الجفاف والتصحر والنزوح في السودان ولم يقتصر الدعم عليهم وحدهم بل وزع الفائض وهو كبير للمواطنين عبر اللجان الشعبية في شتي أنحاء القطر وشمل حتي المستطيعين غير المحتاجين ويردد البعض الآن أن حجم قطعة الزلابية التي أعدت بالدقيق والزيت الذي قدمه ريغان تساوي حجم قطعة الرغيفة الصغيرة التي تباع الآن بخمسة جنيهات وعلي ذكر الأسعار ( فإن سعر كيلو اللحم البقري ستمائة جنيه وسعر رطل اللبن بثلاثين جنيهاً وفي بعض المدن يباع بأربعين جنيهاً وربطة الخدرة بمائة جنيه وبضعة قطع من الطماطم بمائة جنيه … الخ ) أما بقية المواد التموينية فحدث ولا حرج . وما قدمه ريغان كان يقع في المسار الإنساني الذي لا علاقة له بالمسار السياسي في السودان الذي كلف بوش الأب نائب الرئيس وقتئذ بالإشراف عليه مع عدم الخلط بين المسارين . وقد تعامل ريغان مع موضوع الجفاف والتصحر والنزوح بهمة عالية بينما يتعامل مسئولونا الآن مع الأزمات المعيشية الطاحنة بهمة فاترة مع انشغالهم بقضايا انصرافية خارج اختصاص الحكومة الانتقالية ذات المهام المحددة وتلك القضايا الآجلة غير العاجلة هي من اختصاص الجمعية التأسيسية القادمة وفقاً للخيارات التي يحددها الشعب .
لقد كانت المواد التموينية توزع في الماضي عبر اللجان الشعبية في كل أرجاء القطر مع وجود جمعيات تعاونية في كافة أرجاء القطر في أماكن العمل أو السكن وساهمت تلك اللجان والجمعيات في استقرار الأسعار ومعقوليتها وفي الاستقرار المعيشي للمواطنين ولكن بكل أسف تم إلغاء توزيع المواد التموينية عبر اللجان الشعبية في العهد السابق وأهملت الجمعيات التعاونية وأضحت شبه معدومة وبغياب هاتين القناتين الهامتين وعدم توزيع المواد التموينية عبرهما برطع السوق الأسود الذي استأسد وتنمر الآن أكثر في ظل الغفلة الرسمية والإهمال الراهن ولا بد من إعادة توزيع المواد التموينية للمواطنين عبر لجانهم الخدمية ولا بد من إعادة الجمعيات التعاونية لتكبح اللجان والجمعيات السوق الأسود الجامح وتوقف الجشع والطمع المبالغ فيه . وأوضاع الوطن لا تحتمل استغلال الأزمات في انتهازية سياسية واستثمارها لإحداث فوضي وفي ذات الوقت فإن الأوضاع لا تحتمل التراخي والإهمال وفتور الهمة والفرصة لا زالت متاحة لإصلاح الاعوجاج وعلي من يري بأنه غير قادر علي تولي المسؤولية فليعلن ذلك بكل شجاعة وأمانة يشكر عليها وحواء والدة والوطن ملئ بأصحاب الكفاءات والمؤهلات الرفيعة والخبرات العالية وقوة الإرادة وصلابتها والقدرة علي العمل بأجندة وطنية لا حزبية ضيقة والالتزام بالبرنامج الانتقالي بلا زيادة أو نقصان .

The post السودان: صديق البادي يكتب: ضرورة إعادة التموين والتعاونيات يا حكومة appeared first on الانتباهة أون لاين.

Exit mobile version