اخبار السودان لحظة بلحظة

زاهر بخيت يكتب: الفكي أسمعوا كلام الببكيكُم ..!!

قال أحدهم لشيخ العرب ود أبوسن في زمان الإستعمار الإنجليزي
هسي يا شيخ العرب كان مليت ايدي دي وقشطت بيها المُفتش الإنجليزي ده كف شيتاً غير الكاتبو لي الله ببقى عليّ..؟
ردّ عليهو شيخ العرب بسخرية قائلاً له.
لا لا شيتاً غير الكاتبو ليك الله ما ببقى عليك
عِلا وكت الله يكون كاتب ليك البهدلة ترا بهديك لي جنس الفعايل دي
انقضى عام من عُمر الثورة (المُدهشة) والتي كم حلمنا فيها بتغيير جذري يتغيّر به السودان إلى وضعٍ يُمكنه من العودة بقوة إلى المُجتمع الدولي كدولة فاعلة تفرُض على غيرها الندية والتعامُل بالمثل ، ثورة تمنينا أن نخرُج بها من مُربعات الإنكسار والتذلُّل ونشفى بها من علل الدونية التي غرسها فينا من تنازلوا لغيرهم طواعية عن دور البطولة ورضوا بأن يكونوا مُجرد كُومبارس يُحركهم الغير بأصابعه أيّنما ومتى شاء ، هتفنا بفرح يوم رحيل الإنقاذ وتغنينا بالحرية والانعتاق وحررنا الأجنحة من (الجنّيح) لنُحلّق بها في فضاءاتِ الدُنيا الرحبة شأننا ومن امتلكوا قرارهم وحكموا أنفسهم ووصلوا.
حاولنا مراراً وتكراراً أن نُقدِم النُصح والنقد الهادف حتى لا تفترسنا الكواسر المُتربصة بالثورة الوليدة وتُفتّت عظام ثورتنا الهشّة الطرية ، فقط كُليمات (ناقدة) كُنا نُرسلها كُل حين باعتبار أن وجع الثورة وجعنا وحسسها يُصيبنا بالسهر والحُمى وخوفنا عليها يدفعنا للتقويم ، ولا بأس من أن نقشُط من يغيب عن الوعي كفاً لا للتشفي أو الكراهية ولكن لإعادة الوعي وتنظيم الصفوف وتذكير من ينسى أنّ الحصة وطن ، ولكن في كُل مُحاولة نقد (هادفة) لحكومة الثورة أو الاقتراب من حاضنتها السياسية (قوى الحُرية) نُقابل بردود فعل عنيفة وينبري من بينهم من يُبهدلنا بهدلة ما أظن أنّ المفتش الإنجليزي بتاع شيخ العرب سيفعل مثلها.
انشقاق تجمُع المهنيين وخروجه المُعلن عن قوى الحُرية والتغيير يدُل دلالة واضحة على أنّ نيران الخلاف داخل هذه الكيانات التي أوكلنا لها أمرنا تزداد اشتعالاً مع الأيام ، خلافات ليست وليدة اليوم كما أقر بذلك الأصم ورفاقه في الأيام الفائتة ، حاولنا كثيراً في أن ندلهم على شرارتها وعلى من اجتهد في نفخها ولكن مُكابرة البعض وحرصهم على سد المنافذ منّا جعلتها تشتعل وتتمدّد إلى أن خرج لهيبها بالنوافذ والأبواب وتصاعدت أدخنتها إلى عنان السماء .
مطلوب من قوى الحُرية أن تتواضع وتجلس لمُحاسبة نفسها ، ولتقييم آداء من دفعت بهم للمُشاركة في الحُكم خلال الفترة المُنصرمة ، وتُحاول بجد وبسُرعة أن ترُدم حُفر الخلافات قبل أن تتسع ويصعُب ردمها ، وحتى لا ينسى السادة الحُرية والتغيير نُذكرهم بأنّ الثورة ليست ملكاً لهُم وحدهم ، ولذلك عليهم المُسارعة في تجفيف برك الصراع والعودة لقيادة البلاد برؤية (مؤسسية) لا مكان فيها للشخصنة والعنتريات ، وإلّا فالمصير معلوم.

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة الجريدة

اترك رد