اخبار السودان اليوم

الان تتهاوي اعمدة الفساد، فهل من مدكر ؟

ان ما تطالعنا به لجنة ازالة التمكين هذه الايام من معلومات وبيانات عن فساد العصبة الانقاذية، لامر يدعو الي الدهشة والتساؤل، ماذا الذي كان يبغيه اهل الحكم من تكديس هذه الثروة والامكانات الهائلة في ايديهم .

اموال واصول ومدخرات تكفيهم وذويهم لقرون وعشرات السنين فهل امنوا ان يعيشوا كل تلك الأجال وعلي مدي اجيال ؟ .

ان شهوة تملك المال متمكنة في نفس الانسان ولكن الطامة الكبري والمصيبة العظمي التي لا علاج لها هو الاستيلاء الكامل للمال والسلطة والسلاح وهو ما نجح في الحصول عليه اركان الدولة الانقاذية.

لاشك ان تلك العناصر الثلاثة تكمل بعضها (مال+سلطة + سلاح) وضرورية للاستمرار في السلطة والتمتع بخيراتها حسب ذهنية الاستبداد.

ان التمكين وفكرته الذي انبنت عقلية الانقاذ كان ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب لان بالمال يمكنك اغراء الناس وتضليلهم وبالسلاح يمكنك اخافتهم وبالسلطة يمكنك اخضاعهم ولكن كل ذلك الي حين.

لقد تحولت فكرة حيازة السلطة والتمكن منها من فكرة سامية ونبيلة لخدمة الناس سدا لجوعتهم وضمانا لامنهم وسلامتهم في الابدان والاموال، تحولت عند الكثيرين وعلي مر العصور الي مدخل للثراء والمجد الشخصي والتمرغ في ملذات الدنيا.

بالطبع ونحن نتابع غزوات لجنة ازالة التمكين الانقاذي نتوقع ان تتوفر موارد مالية هائلة تكون بحوزة الحكومة الانتقالية لتواجه بها المشكلات الملحة التي يعانيها الشعب في مجال الخدمات من صحة وتعليم وكهرباء ومياه ولا بد ان ينعكس ذلك سريعا على حياة المواطن حتي نحافظ علي احساسه بالامل والتفاول والتغيير الي الاحسن الذي يرافق ثورة ديسمبر المجيدة.

لقد ظهر اثر نشاط لجنة ازالة التمكين قبل شهرين في تحسن ملحوظ في رواتب العاملين في القطاع العام خاصة المعلمين وقد راينا الحماس الدافق والهمة العالية التي اظهرها دكتور البدوي وزير المالية وهو يبذل جهده لخدمة مواطنيه الاكثر حوجة ونتمني ان ينجح في انفاذ برامجه الطموحة والمدروسة لتحسين حالة الاقتصاد وسد الحاجات الاساسية للمواطن.

لقد استباح الانقاذيون البلاد كلها واصبحت ضيعة لهم ولمؤيديهم وخدمة مشاريعهم واوهامهم ، وقد ظل المواطن يسمع بذلك الفساد ويرى اثاره ويحس بوطاته ولكن لا يدري سبيلا لمحاربته وايقافه عند حده حتي بلغ السيل الزبي.

السلطة الحاكمة الغاشمة بدات ذلك الفساد والتمكين في اول يوم استيلائهاعلي دست الحكم ولكن ذلك لم يكن مرئياومعروفا وظاهرا لمعظم الشعب.

لقد فعلت الالة الاعلامية في الشعب فعلته والقت في روعه انها جاءت لخدمته وما فتئت
تعد الشعب صباحا ومساء بالخير الذي اقبل وبالطهر الذي انزل وبالاخلاص في خدمة الشعب من بنين جاؤوا من صلبه ومن ازقة الحارات وبيوت السكن العشوائي ومن ابناء فقراء المدن والارياف، وفي خاتمة المطاف تمخض الجمل فولد فارا وفقرا.

لقد كانت غلطة الشعب واغلب النخب تصديقها لكل تلك الاقاويل والدعايات الفارغة بينما كان مطلقوها يزدادون كل يوم تمكينا وبناء سور من الفولاذ يحميهم من غضبة المارد اذا صحي من نومه وانكشف له الكذب الصراح واخذت الازمات بخناقه. علي لجنة ازالة التمكين ان تستمر في عملها لضرب اوكار الفساد وتهديم صروحه ومحاكمة مرتكبيه، وعليها ان تكون مثالا للامانة والنزاهة والاستقامة الاخلاقية، فللمال بريقه الاخاذ الذي يمكن ان يغري ويفتن العالمين. لقد انتبهت الامم المتحضرة وفطنت وبعد تجارب الي اهمية وجود مؤسسات وجهات ترصد حركة الاموال عامة وخاصة وتراقب من يمسكون بها ويديرونها لان الناس ليسوا ملائكة ، فكانت هناك منظمة الشفافية الدولية تكتب التقارير عن اي انتهاكات وسرقات وسوء استخدام المال العام في كل بلدان العالم. لقد قامت هذه المنظمة العالمية Transparency International بتصنيف الدول ودرجة وكمية الفساد المالي الذي ينخر في جسدها، فكان سودان الانقاذ في ذيل القائمة في ذلك التقييم السنوي. الدرس المستفاد مما جري في زمن الانقاذ من فساد هو ان الحاضن الرئيسي له هو الدولة ذات النظام السياسي العسكري الشمولي.

مهما تحدث عن الطهر والنقاء وخدمة الشعب عند استيلائه علي الحكم، لذا وجب علينا رفض والتصدي لاي اتجاه او فكرة تزكي مجيئ العسكر والشموليين الي السلطة مرة اخري بدعاوي التنمية والبناء وحفظ الامن ووحدة البلاد والتصدي للفوضي والفساد لانه قد ثبت كذب وتهافت وفشل كل تلك الدعاوي التي اخذت اكثر من 50 سنة من عمر السودان المستقل. نعم للحكم الحزبي الديمقراطي مشاكله وعيوبه واخفاقاته الكثيرة ولكن اخفاقات العسكر والشمولية والاستبداد تفوق ذلك بكثير.

حنانيك ان بعض الشر اهون من بعض .
ليكن الكل جادين وحادبين علي ديمومة النهج الديمقراطي التعددي الذي نتداول السلطة فيه سلميا عن طريق الانتخابات بدون اراقة دماء ولا تمرد فهو ترياق الفساد المالي والسد المنيع ضد فكرة التمكين التي لا تزدهر الا في ظلام . كما علينا تجنب اي تمكين اخر يتم علي مرأي ومسمع من حكومة الانتقال لان في ذلك خيانة لخيارات وفعل مستهجن يشبه فعائل الانقاذ المباد وتكرار لاخطائها وجرائمها
. لقد كان في قصصهم عبرة فهل من مرحب معتبر ؟ .

Exit mobile version