اخبار السودان لحظة بلحظة

هل بيننا “محمد يونس” آخر

 

الدموع السخية التي ذرفها حملة الطباشيرة والقلم المعلمون وهم  يستلمون رواتبهم المعدلة والذين وصفهم الشاعر احمد شوقي ” كاد المعلم أن يكون رسولا ” قبل ان تجور عليهم الحياة ويخنقهم ضنك العيش، هذه المشاهد حركت كثيرا من الأوجاع عن حال الفقراء والأسر المتعففة فكيف تقف أمة على أرجلها والمعلم معدم كسيح في ظل ظروف ضاغطة لامست الجميع.

ان  زيادة المرتبات ربما كالعيدية أدخلت الفرح والسرور لكثير من البيوت وقرار زيادة المرتبات خرج من فك الأسد لتعارض كثير من الآراء  كفلسفة اقتصادية ونظرية تبناها وزير المالية وسط موجة من الآراء المخالفة، برغم ذلك وجدت الترحيب والقبول من آخرين ويكفي ان احد أقوى المعارضين والمشاكسين للدكتور البدوي وزير المالية لا اذكر اسمه كسر قلمه واعتذر عن كل ما كتبه اعتراضا على السياسة الاقتصادية فقط لان دموع ذلك المعلم كانت كالسهام الذي تخترق قلب وجوف المشاعر وتغير الموازين العلمية الصارمة إنها الأوجاع الإنسانية .

محمد يونس حامل جائزة نوبل للسلام العام ٢٠٠٦ ومؤسس ” بنك الفقراء ” تقول سيرته انه في الفترة التي كانت مجاعة طاحنة تحصد أهالي بنغلاديش ١٩٧٤  وهو   يحتل مقعدا علميا مميزا كرئيس لقسم الاقتصاد بجامعة شيتاجونح كان يونس يدرس طلبته الاقتصاد ونظرياته العميقة التي نال عليها شهادة الدكتوراه من جامعة فاندربيلت بولاية تينيسي الأمريكية وفي لحظة مفصلية وقف يونس متأرجحا ما بين النظريات الاقتصادية  بدفتي الكتب والمجلدات وواقع حياة الفقراء وأكل عيشهم، فقد ذكر انه كره نفسه حين كان يقود طلابه لدروس ميدانية وفي إحدى القرى حاور امرأة كانت تصنع كراسي البامبو حينما عرف أنها تقترض المال وتشقى وتكد وتعمل طيلة اليوم وبرهق ومثابرة لتحصد أقل القليل بعد ان يسترد المدين دينه فركب وتلامذته الصعاب لتلامس نظرياتهم مزيدا من بقع الفقر فطافوا قدرا من القرى عايشوا الواقع عن قرب للدرجة التي أقرض جملة من النسوة الكادحات مبالغ بسيطة من مصروفه الخاص وبدون فوائد او سياط على ظهورهن لرده وكان ذلك مدخلا لتبنيه بنك الفقراء والذي حقق نجاحات مشهودة قادت محمد يونس لمنصة استلام أكبر وأعظم جائزة عالمية ” نوبل ” للسلام والإنسانية .

مرت بالأمس الذكرى الأولى لثورة ديسمبر المجيدة وما زالت مؤشرات إحلال التنمية ورفع الرهق عن كاهل الغلابة الكثر بعيدة المنال وتطلعات الشباب تكاد تنحني رغم قوة الإرادة لتحقيق أهداف الثورة على أنقاض دولة كانت فاسدة بسياسة التمكين واستحلاب المؤسسات الاقتصادية لصالح فئات مختارة بعناية .

رفع المرتبات هو نصف الكأس الحلو او كما ذكرنا هو العيدية التي لابد أن يلحق بها الشق الأهم والجرعة الأكبر من الكأس ألا وهو استنهاض الهمم لطرح مشروعات تنموية وتمليك الشباب أدوات الإنتاج وتبني دراسات الجدوى المبتكرة والتي تدخل الشرائح الضعيفة والاسر المتعففة لحلبة الانتاج والعمل الجاد ان الوقت مواتٍ للاستفادة من المنظمات المعنية بالتنمية المستدامة وتطوير القدرات واستنهاض الطاقات خاصة وان السودان غني بموارده الطبيعية ومكوناته البشرية واستعداد مكونات الحراك الثوري لترجمة شعار سنبنيه. فهل حواء السودان أنجبت محمد يونس آخر .

 

 

 

 

 

اترك رد