أنهى زعيم الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي، الإمام “الصادق المهدي” الجدل حول عودته من منفاه الإجباري بالعاصمة البريطانية لندن، التي وصلها بعد رفض القاهرة استقباله، عقب مشاركته في اجتماعات قوى نداء السودان ببرلين، بالرغم من أنه لم يحدد زمنا قاطعا لعودته، كما لم تقرر مؤسسات الحزب بالداخل الزمن الرسمي لتلك العودة، قال “المهدى” إنه قرر العودة إلى السودان بعد غياب استمر لنحو (9) أشهر قضاها متجولاً بين القاهرة وعمان ولندن.
وهذه ليست المرة الأولى التي يختار المهدي الإقامة في المنفى بعيداً عن الخرطوم، ففي يوليو من العام 2014م غادر “المهدي” الخرطوم للمشاركة في اجتماعات قوى نداء السودان بالعاصمة الفرنسية باريس، وكانت بمعيته نائب رئيس الحزب “مريم الصادق”، وبعد عودتها للخرطوم، اعتقلت وتم التحقيق معها، فاختار الإمام “الصادق” البقاء بالقاهرة، خاصة بعد توعد النظام بمحاسبته.
وقال النائب الأول لرئيس حزب الأمة القومي، اللواء “فضل الله برمة ناصر”، في حديثه لـ(المجهر) إنه من الطبيعي أن يعود رئيس حزب الأمة لبلده، ويعيش وسط قواعد أنصاره، وأضاف برمة نحن ظللنا نقول باستمرار إن “المهدي” خرج لمهام خارجية ومتى ما انتهت سيعود، والآن قد انتهت وقرر العودة للبلاد مشيراً إلى أن مؤسسات الحزب ستحدد ميعاد وصوله للبلاد، وستدرس الزمن المناسب، ولم ولن تعطي أهمية للبلاغات التي فتحت ضده من قبل جهاز الأمن والمخابرات باعتبار أنها بلاغات كيدية وسياسية، واستبعد وجود صفقة أو اتفاق مع المؤتمر الوطني حول عودة الإمام “المهدي” ، وأشار “برمة” إلى أن السودان في حاجة إلى كافة أبنائه وعليهم الإحساس بالمسؤولية الوطنية، مؤكداً أن الإمام بخبرته السياسية يستطيع أن يخرج البلاد من أزمتها الحالية.
والتقى “المهدي” رئيس تحالف (نداء السودان) بالعاصمة البريطانية لندن، أمس الأول (الأحد)، بوفد رفيع من حزب المؤتمر السوداني، ضم كلاً من “أبو بكر يوسف بابكر” الأمين السياسي للحزب و”حمزة فاروق” رئيس فرعية الحزب بالمملكة المتحدة وأيرلندا و”أبو القاسم محمد صالح” و”الرضي علي إبراهيم”.
وقال الحزبان في بيان صحفي مشترك إن الاجتماع ناقش الأوضاع الوطنية العامة، وأوضاع تحالف (نداء السودان) والعلاقات الثنائية بين الحزبين.
وحسب البيان، فإن الحزبين اتفقا على التأكيد على موقف نداء السودان من تطورات مسار الحل السياسي التفاوضي، وحمل الحزبان الحكومة كامل المسؤولية إزاء وصول مسار الحل السلمي إلى طريق مسدود بالتملص من التزامها بخارطة الطريق، وأكد الحزبان على أهمية العمل الجماهيري ودعم الحراك المنتظم،وأبلغ “المهدي” قيادة المؤتمر السوداني بقراره العودة إلى البلاد، طبقاً للبيان.
وقال “المهدي” في رسالته الأسبوعية التي اعتاد نشرها أسبوعياً إنه على مدى الشهرين الماضيين اتصل به (10) أشخاص من مفاتيح النظام، الذين صاروا يدركون أن الحل في السودان هو إصلاح سياسي يحقق السلام والتحول الديمقراطي، ويعتقدون أن لي دوراً مهماً في هذا المجال، لذلك يناشدوني العودة للبلاد، ولو كمعارض. وعندما أفلحت في إبرام اتفاق مع الجبهة السودانية الثورية في باريس في أغسطس 2014م، إعلان فحواه العمل معاً لنظام جديد بوسائل خالية من العنف لسودان موحد بلا حاجة لتقرير مصير، مشيراً إلى أنه عندما استطاع إعادة هيكلة نداء السودان باعتباره تنظيماً مدنياً يحقق أهدافه بوسائل سلمية، سارع بعض قادة النظام بفتح (10) بلاغات ضدي بموجب القانون الجنائي وقانون مكافحة الإرهاب. إنهم يعلمون أن حركة تحرير السودان “مني” وحركة العدل والمساواة والحركة الشعبية – شمال، حركات تحظى باعتراف دولي، وأفريقي، والحكومة نفسها تتعامل معهم وتحاورهم، وتتفق معهم، وأنني صاحب شرعية تاريخية وشرعية دستورية، وشرعية شعبية، ومعروف دائماً بالعمل للسلام والتحول الديمقراطي ونبذ العنف، حقائق يؤكدها لهم أشخاص معهم الآن.. مع ذلك اتهموا علاقتي بتلك الحركات، مع أنها مجيرة للعمل المدني ومبرأة عن أية مساهمة في أعمال مسلحة تبرر لهم هذه الاتهامات ضدي. وأبان “المهدي” لقد كتبت منذ شهرين لمؤسسات الحزب في الداخل بأنني عندما خرجت في فبراير الماضي خرجت لأديس أبابا تلبية لدعوة “ثامبو أمبيكي”، وبعدها كانت لي مهام هي: تفعيل عمل منتدى الوسطية العالمي، وتفعيل مبادرة نادي مدريد حول التطرف والإرهاب، والتعاون مع مبادرة المجلس العربي للمياه حول الأنهار المتعدية للحدود القطرية، وهيكلة نداء السودان لبيان تكوينه المدني وأهدافه السلمية والترحيب بتأييد الجبهة الثورية لهذه الأهداف، واعتبارها أن تكوينها المسلح يمثل مساراً يخصها ولا يخص نداء السودان المبرأ من أية أنشطة عسكرية.
وتابع “المهدي” بعد الفراغ من هذه المهام الخمسة أبلغت المؤسسات باستعداد العودة للوطن، وينبغي الاستعداد لمواجهة مكايدات النظام وذلك بتكوين آلية حقانية من المحامين لتولي قومياً مهمة الدفاع في المحاكمة المتوقعة، ونتطلع أن تكون محاكمة عادلة وعلنية لنحاكم النظام عبرها على جرائمه.
مؤكداً مخاطبته لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والترويكا والاتحاد الأوربي بل الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن لمراقبة هذه المحاكمة.
وفي الخامس عشر من شهر يونيو الماضي اتفق حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر الوطني خلال مباحثات تمت بالقاهرة، على تهيئة المناخ والالتزام بخارطة الطريق الأفريقية كآلية لبحث القضايا الوطنية، وقال بيان ممهور بتوقيع الإمام “الصادق المهدي” عن حزب الأمة، والفريق “الهادي عبد الله” عن وفد المؤتمر الوطني، إنه وبعد استيضاح متبادل لوجهات النظر، تم الاتفاق على ضرورة تهيئة المناخ وأهمية الالتزام بخارطة الطريق كآلية لبحث القضايا الوطنية، واتفق الطرفان على “مواصلة التشاور حول إيجاد وسائل لمتابعة التنفيذ الأمثل لإجراءات تهيئة المناخ وخارطة الطريق وبهدف تحقيق الوفاق القومي والشامل الذي لا يهيمن عليه أحدا ولا يستثني منه أحدا في مسيرة الوطن الهادفة لسلام عادل شامل، وتحول ديمقراطي كامل بوسائل سلمية خالية من العنف، وبحسب البيان المشترك فإن وفد المؤتمر الوطني قدم مبادرة خلاصتها أنهم لجنة مفوضة للحوار مع حزب الأمة القومي لبحث القضايا الوطنية، وأهمها استكمال مسيرة السلام على أساس خارطة الطريق، والمشاركة في اللجان القومية لإعداد الدستور الدائم وبحث مخرجات الحوار الوطني.
تقرير : وليد النور
الخرطوم (صحيفة المجهر السياسي)