اخبار السودان لحظة بلحظة

السودان: صديق البادي يكتب: بين الأستاذ سر الختم الخليفة ودكتور عبد الله حمدوك

الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل

 

صديق البادي

   إن النظام الحاكم الحالي الذي أعقب سقوط نظام الانقاذ أمضي ثلاثة عشر شهراً وبضع أيام شهد فيها الوطن لا سيما في العاصمة هرجاً ومرجاً وصخباً ومظاهرات وهتافات وشعارات لم تحول لبرامج تفصيلية . وبعد شد وجذب وأخذ ورد ومشاورات شارك فيها وسطاء من الخارج تم التوصل لاتفاق كون بموجبه مجلس سيادة مناصفة بين العسكريين والمدنيين . وعين رئيس وزراء وشكلت الحكومة في شهر أغسطس من العام المنصرم وأمضت حتي الآن تسعة أشهر في الحكم وبدلاً من أن يتم تقدم للأمام حدث بكل أسف تقهقر للخلف . والأزمات الحادة التي فجرت غضب الشعب الكامن وأدت لثورة التغيير اشتدت الآن وتضاعفت أضعافاً مضاعفة وحدث انفلات في الأسواق وغياب تام للسلطة لم يسبق له مثيل ولو استطاعت الحكومة الآن إعادة الأسعار والأوضاع في الأسواق لما كانت عليه في يوم الخميس الموافق 11 أبريل عام 2019م تكون قد حققت إنجازاً باهراً تستحق عليه صوت شكر .. وخلاصة القول إن الأوضاع الآن ليست علي ما يرام وتسير كل يوم من سيئ لأسوأ ومن ردئ لأردأ والقواعد العريضة من الشعب ليست لها حسابات سياسية أو اطماع في الحكم والسلطة ولكنها تجأر بالشكوى لأنها تعاني والأزمات تشتد عليها والحكومة تسجل غياباً وانصرافاً تاماً عن همومها وقضاياها وتشغل نفسها بقضايا إنصرافية ويخشي الجميع في ظل هذه الأجواء المعتمة المظلمة التي انعدمت فيها الرؤية وغاب الدليل ( أن ينط فيها عسكري مجهول الهوية أو عسكري ينفذ انقلابه بتخطيط وتدبير من فصيل سياسي واحد أو عسكري يكون ارجوزاً تحركه في مسرح العرائس السياسي قوى أجنبية يكون لها مجرد مخلب قط ) وإذا حدث ذلك فإن المعاناة الحادة والأزمات سيضاف لها كبت وقهر وجبروت وهذا خيار أليم لئيم مرفوض شعبياً . والحكومة كانت تعول علي الدعم المالي الخارجي وثبت بالدليل القاطع أنها تنتظر السراب وماء الرهاب ولم تجد دعماً خارجياً يذكر طوال تسعة أشهر ولم تدعم إلا ببعض الفتات الذي لا يذكر استجابة للسؤال الملحاح وبعد كل هذا الفتور والصد الذي قوبلت به فأنها لا زالت تنسج في خيوط الخيال والأحلام الوردية وتتصور أن التدخل الأممي الذي طلبته بنفسها تحت الفصل السادس سيأتيها بمليارات الدولارات لتنفقها في إعادة التوطين اللاجئين والنازحين و …الخ ولكن أثبتت تجارب دول أخري تم اختراق سيادتها الوطنية ان كل مهمة تقوم بها البعثة الأممية وقواتها تخصم تكاليفها من موارد البلد المضيف وإن كان شحيح الموارد يمكن شراء سيادته الوطنية باقامة القواعد العسكرية وغيرها وبالنسبة للسودان عندما يحين ذلك الأجل يمكن استرداد وأخذ استحقاقاتهم من موارده ( يورانيوم وذهب ومعادن أخري ونفط وأراضي زراعية تؤخذبملكية عين أو بعقودات طويلة المدى … الخ .

   والحل في العودة للخيار الأول الذي لم ينفذ وهو تكوين حكومة خبرات وكفاءات وطنية عالية في الفترة الانتقالية .. ودكتور عبد الله حمدوك يمكن أن يلعب دوراً مهماً لإخراج البلاد من وهدتها (وورطتها) الحالية ويتخذ موقفاً شجاعاً مثل الذي اتخذه الأستاذ سر الختم الخليفة رئيس وزراء حكومة أكتوبر الأولي الذي قدم استقالته لمجلس السيادة وحل حكومته عند ادراكه أن الشعب غير راض عن ادائها وعن تكوينها ومكوناتها وهيمنة الحزب الشيوعي وفئة قليلة علي كل فئات ومكونات الشعب مع سعيها لتمديد الفترة الانتقالية لفترة طويلة تتيح لها بسط سيطرتها وكانت الخدمة المدنية راسخة وقوية وكانت أوضاع المواطنين المعيشية مستقرة أما الآن فان الخدمة المدنية في أضعف حالاتها والازمات في الضروريات في قمتها . ولأن الأستاذ سر الختم كان مستقلاً فقد كلف بالتراضي بأن يكون رئيساً لوزراء حكومة اكتوبر الثانية التي كانت قومية وأختير فيها ثلاثة وزراء من حزب الأمة وثلاثة وزراء من الحزب الوطني الاتحادي وثلاثة وزراء من حزب الشعب الديمقراطي ووزير واحد من جبهة الميثاق الإسلامي ووزير واحد يمثل الحزب الشيوعي الذي كانت له أغلبية في الحكومة التي تم حلها وتم اختيار ثلاثة وزراء من جنوب القطر وقامت الحكومة القومية بإجراء انتخابات عامة في نهاية تكليفها وسلمت السلطة لحكومة مدنية منتخبة .

 والأستاذ سر الختم الخليفة كان مستقلاً ودكتور عبد الله حمدوك له توجهاته الفكرية وارتباطاته العقدية المعلنة علي الملأ بصورة جلية واضحة . ويوجد في الساحة صراع حول اعتلاء المواقع وتلهف علي اقتسام مواقع الولاة والحكومات الولائية أما المواقع علي المستوى الإتحادي فامرها عجب والدليل علي عدم القدرة علي اتخاذ بعض القرارات فان الاستعدادات لبدء الموسم الزراعي الصيفي قد بدأت ومع ذلك لم يتخذ رئيس الوزراء قراراً بتعيين محافظ لمشروع الجزيرة وهذا مجرد مثال وإذا مضت الأمور بوضعها الراهن ولم يحدث تريث في اتخاذ بعض القرارات في قضية السلام وهي من أهم القضايا وتحولت لمجرد محاصصات فالمؤكد إن صراعاً حاداً سينفجر حول اقتسام السلطة بين قحت والجبهة الثورية والحركات المسلحة ودكتور حمدوك يسعي لارضاء الطرفين وكسب ودهما بعلاقته الودودة مع قحت التي يتجنب مخالفتها والاحتكاك بها مع وصفه للحركات المسلحة بأنها حركات كفاح مسلح وبمناسبة وبدون مناسبة تحدث عدة مرات عن ضرورة اعادة هيكلة القوات المسلحة السودانية وسيادته يضع يده اليسرى في حنو علي كتف قحت ويضع يده اليمني في حنو علي كتف الجبهة الثورية والحركات المسلحة ولا أتحامل علي الرجل ولكني أصف واقعاً ماثلاً وشاخصاً أمام الجميع وربما يكون للرجل عذره لأن القوى التي رشحته وأتت به هي التي تمسك باللجام وهو الآن رئيس وزراء لحكومة تحكم كل الشعب السوداني الذي يعاني الآن ويجأر بالشكوى من الازمات الحادة المستفحلة وينتظر منه الحل وقبل وبعد كل شيئ فان الأمر كله بيد الله سبحانه وتعالي وقدرته ومشيئته .

The post السودان: صديق البادي يكتب: بين الأستاذ سر الختم الخليفة ودكتور عبد الله حمدوك appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد