اخبار السودان لحظة بلحظة

أحمد يوسف التاي يكتب: وزير الصحة

كنتُ قد انتقدتُ وزير الصحة د. أكرم في تعامله مع إحدى الزميلات الصحافيات المهنيات بطريقة مهينة حيث بنى احكامه على مجرد انطباع فقط، فتلك الواقعة هي مأخذي الوحيد عليه، وفيما عداها نشهد له كمراقبين بأنه صاحب الأداء التنفيذي الأفضل من بين وزراء حكومة الثورة، والحقُّ يقال أننا لم نجد على الرجل مايبرر الحملة المسعورة التي تستهدفه الآن ،فهو في رأيي وبحسب متابعتي للأحداث وقاريء للمشهد لم يرتكب خطأ يستوجب المطالبة بإقالته، أو على الأقل لم تتوفر لدي حتى هذه اللحظة أسباب منطقية تعزز المطالبة بإقالته ممايجعل الأمر أشبة بالكيد السياسي، فإذا كان الأمر يتعلق بالأداء التنفيذي فإن جائحة “كورونا” التي اجتاحت البلاد ضمن كل دول العالم ،وفي ظل ميراث الرجل لنظام صحي منهار ومتهالك،فإن أداءه هو الأفضل من بين الوزراء رغم تساهله في باديء الأمر في مسألة فتح المطار دون تجهيز أماكن للحجر الصحي وعدم التشدد في إجراءاته، وذاك درس استفاد منه كثيراً واستلهم منه العِبَر…
ارتكب المجلس السيادي ومجلس الوزراء خطأ فادحاً في الاستجابة للإقالة دون مبرر مقنع ونشر خبر الاجتماع الثلاثي وسحبه،ثم اعادة نشره مرةً اخرى وماصاحب ذلك من إثارة لكثير من البلبلة واللغط على نحو غذى الشائعات…هذا الخطأ الكبير وماترتب عليه من نتائج وانطباعات سالبة يتحمله المجلس السيادي ومجلس الوزراء،وهو مؤشر سيء لمعركة داخلية وصراع مكتوم طابعه اشبه بتصفية الحسابات الشخصية…
فلنفترض أن هناك أخطاء ارتكبها وزير الصحة تستدعي إقالته، وأن هناك أسباب منطقية ومقنعة لاتخاذ مثل هذا القرار، فلماذا لايكشف المجلس السيادي عن هذه الأسباب ويخرج قراره للرأي العام بغير هذه الطريقة المخجلة ،ومالم تكن هناك اسباب مقنعة للرأي العام لاتخاذ مثل هذه الخطوة سيظل الأمر في نظر الشارع محاولة لتصفية حسابات شخصية اُستخدمت فيها مؤسسات حكومة الثورة واُستغلت في الإنتصار للذات وحسم الخلافات الشخصية وهذا ما لايليق بثورة الوعي وشعاراتها (حرية سلام وعدالة)، مما يضع الشارع والثوار أمام مسؤولياتهم في الدفاع عن شعارات الثورة وأهدافها قبل الدفاع عن الأشخاص…
مابين نشر الخبر الذي بثه إعلام المجلس السيادي وسحبه وإعادة نشره سالت كثير من الأحبار والروايات والشائعات والبلبلة مما أوجد مناخاً مشجعاً ومحفزاً للثورة المضادة التي قدم لها المجلس السيادي ومجلس الوزراء مالم تكن تحلم به، فالمستفيد الوحيد من هذه البلبلة هم فلول النظام المخلوع الذين يبحثون دائما في مثل هذه الظروف عن جزء يسير من الحقيقة ليقيموا عليها صروح الوهم من الشائعات لضرب وحدة الثورة وتماسكها ونسف اهدافها،فلماذا اعطاهم المجلس السيادي ومجلس الوزراء هذه الفرصة…
ثم تبقى الحقيقة المجردة التي لاخلاف عليها وهي أن أية خلافات بين مكونات الحراك الثوري وقواه الحية هو بمثابة الحبل السري الذي يغذي جنين الثورة المضادة والفتن التي يسعى اليها الفلول، وهي – أي الخلافات – ستبقى هي الرافد الأقوى لتغذية الشائعات التي يتسلح بها فلول النظام المخلوع، ولقد علِمْنا مالهم حيلة سواها…
إن لم يرتقِ قادة حكومة الثورة إلى مستوى المسؤوليات الملقاه على عواتقهم، ويتخطوا خلافاتهم وصراعاتهم حول المواقع ومحاصصاتهم و”الحفر”، وتصفية الحسابات ويتركوا التكتلات السياسية والشلليات، فإن نظام الفلول سيعود بشكل أو بآخر ولن يعدم من يقف وراءه من الخارج اقليمياً ودولياً ويشكل له الحماية ويشحذ له التأييد طالما أن المصالح مازالت تحكم العالم وتتحكم في مصائر الشعوب، وطالما يوجد من هو مستعد لبيع كل الوطن وشعبه مقابل الكرسي، ف-(الجبهجية) عبر بعض (رموزهم الامنية) التي تفاوض بالخارج قد يكونون مستعدين الآن لتسليم البشير للجنائية وبيع كل شيء مقابل ان يستعيدوا السلطة،ليقطعوا الطريق أمام التفكيك والمحاسبات والمحاكم التي تنظر الكثيرين منهم … فانتبهوا وتيقظوا وخذوا حِذْركم…
أخيراً أعود وأقول لا مأمن من هذا السيناريو الأسوأ ولامخرج من ضياع الثورة إلا بتماسك قوى الثورة الحية وتجاوز الصغائر والخلافات والصراع…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة الانتباهة

اترك رد