الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
<
p style=”text-align: justify;”>
(برأيي) أن لا مجلسنا السيادي المؤقر ولا مجلس وزرائنا المُهيب إستطاعا الإنعتاق من عقلية أن حُكُم السُودان لا يعني حُكم الخُرطُوم ! ولا يُساورني أدني شك أنّ قراءتهُما لواقع الأحداث لا يتجاوز الريف الشمالي والشرقي للخرطوم أو أمبدة غرباً وسوبا جنوباً ، أترك لك عزيزي القارئ حُرِيْة أن تُواصل القراءة أو أن تكتفي بهذه السُطور فهذا بإختصار ما سأتحدث عنه و سأحاول فقط تناول أحداث الأيام الماضية فى ولاية كسلا وجنوب كردفان وولاية الجزيرة وردّة فعل الخرطوم إتجاهها ، وبعيداً عن الوقوف الميداني والتفاعُل مع الاحداث المؤسفة والجلوس مع أطراف النزاع ، فدولة رئيس الوزراء إكتفي (كعادته) بالشجب والإدانة و الترحم علي الضحايا عبر حسابه (بالفيسبوك) نعم تصور عزيزي القارئ دماء زكية تُسفك ورئيس وزرائنا يخاطبنا عبر (الميديا) ! المجلس السيادي ليس لديه سوي العصا الطويلة (أرسلوا) قوات لضبط الأمن ! ثم ماذا؟ ليس لديه رؤية لمُخاطبة جُذور المُشكلة فكُلما إندلع نزاعٌ هُنا وهُناك لوّح بالسبابة مُذكراً الناس بقُدسية الأمن الوطني وضرورة التعايُش السلمي ثُم ماذا؟ لا خطوات لاحقة لا جلوس تحت ظل الرواكيب في الفرقان والحواكير مع أطراف النزاع .
أمّا مجلس الوزراء فلأ أظنه معنيٌ بالأمن (حسب فهمه) وليته نجح في الإقتصاد والرغيف فدعك من نجاحه في الأمن ، وزير الدفاع (المقعد الشاغر) اليس هو عضوٌ في مجلس وزراء (حمدوك) ! هل عقد المجلس إجتماعاً طارئاً لمُناقشة تلك الاحداث المؤسفة ووضع الحلول العاجلة والمعالجات اللازمة لعدم تكرارها هل (فكّر) حمدوك أن يُشكل لجنة مساعٍ حميدة والدفع بها لرأب الصدع ، هل حاول إستنهاض الإدارة الأهلية ومُخاطبة المُكون القبلي والعرقي لتلك الأطراف؟ يا سيدي هل أرسل مندوباً فقط إذا كان هو يخشي مُغادرة الخرطوم (وهذا أغلب ظنيّ في الرجُل) ليأتيه بتقرير ويعكس رؤية الأطراف المُتناحرة ! لم يفعل حمدوك لا أعلي من ذلك ولا أدني وقناعتي أنه لن يفعل طالما أنْ هُناك (تيوتر) و (فيسبوك) . من كان يُصدق أن نزاعاً بالاسلحة البيضاء وعلي عينك يا تاجر يحدث بالجزيرة ذات النسيج المتآخي المُسالم عبر تاريخها الطويل من كان يُصدق في عهد حكومة (قحت) أن القُري الوادعة يسهر شبابها بالسلاح لينام كبارها فأين هيبة الدولة يا سادتي؟
(برأيي) أن المجلس السيادي تنقصه الخبرة السياسية بشقيه العسكري و المدني ويحتاج لطاقم من المُستشارين الوطنيين في كل المجالات أو علي الأقل حالياً في حل النزاعات القبلية فأستاذ الفيزياء الذي يجهل التاريخ والحواكير والرعي ومواسم الأمطار وتاريخ هجرة ونزوح المكونات الاثنية والعرقية داخل السودان لن يفيدنا وحملة الشهادات الغربية لن ينجحوا في هذا الملف ! ما سينجح هو الخطاب الوطني الجامع القوي الذي يجب أن يصدح به الفريق البرهان و ما ينجح هو دور الإدارة الأهلية وزُعماء القبائل وشُيُوخ الطرُق الصُوفية والحُكماء والعُقلاء وما أكثرهم في بلادنا ، ولكن أين الحكومة التي تُبادر و تستنهِض وترعَي وتبارك وتوقع وضامن للإصلاح بين الناس ! أين الرجال الذين يدخُلون الحريق قبل ان ينطفئ أين فوارس الصُلح والصوتُ الجهُور للأسف لا أري في حكومة (الصِبية) شيئاً من هذه الصفات!
وما يجب أن يُدركه الجميع خُطُورة هذه الأحداث إذا أهملت فأعظم النارِ من مُستصغرِ الشررِ وما ستتركه من أثر سيئ مُتوارث فى نسيج هذا الوطن سيصعب رتقه إن لم يتم تداركه بسرعة لبسط هيبة الدولة . لا أريدُ أن أقفز فوق الأحداث بأن مثل هذه الأحداث (المعزولة) إذا اُهملت ستُعزز من مبررات سرعة وصول البعثة الأممية للسودان وتزيد من فرضية وقوف (طرف ثالث) خلفها لذا يجب أن يتحرك العُقلاء وسريعاً لوأد هذه الفتن المُظلمة حتي لا نبكي غداً علي وطنٍ (كان) إسمه السودان . وقناعتي أن الحُلُول العسكرية والأمنية تظل مُسكنات مؤقته لن تصمُد طويلاً مما يستدعي التحرك الوطني العاقل كونه الأكثرُ إحتراماً وقُبُولاً لدي السودانيين . كما يجب أن لا نغفل أن الرهان العسكري الذي بات هو خيار الحُكُومة كقوات الدعم السريع والجيش حقيقةً هو إستنزاف للطاقات العسكرية في أمورٍ كان يُمكن حلُها لو جلس الناسُ تحت ظِلّ شجرة وما أكثر النماذج الناجحة في دارفور .
قبل ما أنسي :ـــ
مع كامل التقدير لمجلسي السيادة والوزراء وليقبلوها منّا بصدرٍ رحِب : أن الأرواح أغلي ما يملك الوطن وأن نارٌ هنا ونارٌ هُناك في ظل غياب الدولة تعني ذهاب الوطن و أن الفريق أول البرهان هو المسؤول الأول بصفته الوظيفية عن كل قطرة دمٍ سُفكت إهمالاً وقُصوراً . وأن الفترة الإنتقالية لا تعني أن ما لحمدوك لحمدوك وما للجيش للجيش فالوطن ليس ملكاً حصرياً لأحد وسلطة الدولة لا تنتهي بأطراف العاصمة.
وأخيراً :ــــ
يُقالُ للرجل الشهم الواصل لأرحامه حلاّل العُقد الشامخ الكريم العطّاي ذو العقل الراجل طفاي النيران يوصف بجملة واحده : (كان للفَرَقْ البَعِيد جَمّاعْ) فأنزلو من عليائكم يا حُكامنا وتفقدوا مواطنيكم ولو أن بغلةٌ عثُرتْ بأرض العراق ليس المَعْنيُ بها الفارُوق عُمرٌ وحده يا بُرهانْ. حفظ الله وطننا من كُلِ سوء.
بقلم: صبري محمد علي العيكورة
The post السودان: العيكورة يكتب: الأحداث خارج الخُرطُوم .. هل الحُكُومة تَقْرأ؟ appeared first on الانتباهة أون لاين.