اخبار السودان لحظة بلحظة

مواطن جبرة (ارفع راسك هيبة وجبرة)

بقلم: سعيد عباس
سئل كريم العرب حاتم الطائي عن شخص استطاع ان يتفوق عليه في الكرم، فقال غلامٌ يافعٌ لم يبلغ الحلم بعد ، له تسع شياه جئته عابر طريق بليل ولم يكن يعرفني فذبح شاة واحدة ، وعندما اكلت وشبعت قلت له اعجبتني مهارة طهيك للراس، فإذا بالصبي يخرج بضعا من الوقت ويأتي برأس آخر فكررها عدة مرآت ، فلما خرجت وهممت بالذهاب وجدت الدم كثيرا حول بيته.

وقلت له ماهذا فقال ذبحت كل الشياه لآتي لك بالراس الذي تحبه منها، فقلت له ولكنك قضيت على كل ماعندك من الماشية، فقال الغلام نحن نكون اكثر فرحا عندما يفرح ضيفنا بضيافتنا له ، وانت اعجبك الرأس فكيف لأ اطهو لك كل الرؤوس حتى تكتفي فعندنا في البادية من الجبن أن تبخل على الضيف بشيء اعجبه ، فقيل لحاتم وبماذا كافأته؟ قال بخمس مائة من الماعز ومثلها من الابل، فقالو له إذا انت اكرم منه فقال لا الغلام اكرم مني لانه جاد بكل ماله دون ان يعرفني وانا جدت ببعض مالي وانا اعرفه.

لذلك نقول لأهلنا واحبائنا في جبرة من سلالة حاتم الطائي والذين فتحوا بيوتهم وديارهم ليقدموا المأكل والمشرب لملائكة الرحمة والجيش الابيض بمركز العزل بجبرة تكونوا بذلك اعطيتم درسا بالمجان لمن رفض معالجة الغير وتضميد جراحه وتقديم يد العون له ، ومن حرق في سبيل ذلك (لستكا) كنوع مع المعارضة.

 

انتم الآن لم تحرقوا (لستكا) انتم حرقتم قلوب الطابور الخامس الذين رفضوا التعاضد والتعاون في قوله تعالي ( ومن أحياها كأنما أحيا الناس جميعا)هم بلا حياء فقد جاء في اﻷثر النبوي الشريف (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)، ولم يشهد التاريخ الانساني الطويل أن يوما ما قد انتصرت نزعة الحقد والانانية على رغبة الخير والانسانية ، حاربتم نزعة التطرف والشر بجرعة الوعي والضمير الانساني الحي فلهيب (لستك) في الهواء ودخانه يتصاعدان وينتهيان ولكن لقمة في بطن صائم كجبل احد وكذلك لك من الاجر مثل ما له ولا ينقص من اجره شيء.

بذلك تكون جبرة من اوئل الاحياء التي دقت مسمارا في نعش الطابور الخامس والمندسين، فالبرغم من ضيق العيش في هذه الايام وقلة الاموال الا أن ذلك لم يؤثر في اهالي جبرة بشيء بعد أن حددوا يوما لكل مربوع لإطعام مقر الحجر، ولكن ما اكثر الخارجين عن الترتيب الذين يتسابقون في فعل الخيرات ويأتون بموائدهم حتى في الايام التي كانت خارج وجداولهم ليتسابقوا في فعل الخير.

شح في الوقود وانعدام المواصلات وارتفاع جنوني في أسعار السلع وندرة في غاز الطبخ وبعد كل هذا يتسابق اهل جبرة لإطعام اهل المركز، ونعلم شظف العيش في هذه الايام، بيد أن جبرة من الاحياء الشعبية العادية إلا انهم يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ، اهالي جبرة لم يسبوا الظلاميين ولم يلعنوهم ولكنهم بددو ظلامهم بنور اخلاقهم كأنما ارادو أن يقولوا إن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام وقاتل الله الظلاميين.

ويسألونك عن ملائكة الرحمة والجيش الابيض بمركز العزل بجبرة، ولكأني اراهم يافع حاتم الطائي الذي فاقه في الكرم ، فهم يعملون ليل نهار دون منِ او اذى، ويقدمون العون والمساعدة ويزرعون الابتسامة ويحيون الامل من غير أن يعرفوا الشخص الذي يقدمون له تلك الرحمات تماما كذلك الصبي، فقط يستلذون عندما يعيدون الصحة في اجساد الآخرين. فطبيعة الانسان العادي انه يسعد عندما يُعطَى ولكن ملائكة الرحمة وبطبعهم الملائكي هم يسعدون عندما يَعطون لا أن يُعطُوا فهذا اختلاف مع الطبيعة البشرية العادية لذلك استحقوا ان يلقبوا بالملائكة .هم لايعطون جهدهم فحسب لانهم كالشموع يحترقون ليضيئوا للآخرين ، وكثيرا ما اعطوا من صحتهم ليصح غيرهم . بل قدموا اراواحهم رخيصة بين العدوى والفايروس وتواضع المعينات الصحية ليحيا غيرهم ، وهم اول العارفين بأن ارواحهم قاب قوسين او ادنى الى أن ترتفع الى بارئها في هكذا اوضاع، انا شخصيا اردد قول اسماعيل حسن (لو ماجيت من زى ديل وا اسفاي وا ماساتي وا ذلي) وانا ارى من يجود بماله وقوت عياله ايام الحظر لمن يجود بروحه وصحته في نفس الغرض فسجل ياتاريخ.

شعب تقول نساؤه (لو اتراخيتو ياجماعتنا ادونا الدرع هاكم رحاطتنا) لهو شعب جدير بالاحترام وشعب تقول اخواته قبل مئات السنين لامرتة ترى اخاها يشنق وتنشد (لوكان بالمراد واليمين مطلوق ما كان اتشنق ود اب كريق في السوق) وو د ابو كريق هو ود حبوبة لهو شعب متفرد وشعب تقول فيه امراة لأخيها الذي مات بعيدا عن ساحات الوغي (ما دايرالك الميتة ام رمادا شح – دايراك يوم لقي بدميك تتوشح) لهو شعب يفترض الا تنحنى راياته لأي معضلة او جائحة ، فالاوباش الذين كانوا يُحرّضون على عدم قيام العزل الصحي ماهم الا طفح جلدي هامشي على سطح جسد تلك الامة ذلك الجسد النقي الطاهر.. وسيزول بأول مضاد حيوي مُركّز بجرعة الوطنية الحقة واخيرا اتمنى من كل الاحياء أن تحذو حذو ثورار جبرة وهذا ليس ببعيد
صورة عظيمة
فريق العمل بمركز العزل بجبرة ( نستميح الشمس عذرا ان يكون لها ضياء)
صورة مشرفة
لأنك من جبرة ارفع راسك هيبة وجبرة

اترك رد