اخبار السودان لحظة بلحظة

السودان: أحمد يوسف التاي يكتب: جريمة بكل المقاييس

ما أشقى فوأد المحبين والمشفقين على حكومة الثورة، فهم مابين ثورة الإحباط التي ينفخ فيها الشانئون والخصوم، والأداء المحبط لمسؤولين استعصى عليهم الإرتقاء إلى مستوى الثورة وعظمتها…
مابين هذا وذاك أكاد أسمع بكاء المشفقين بقلب صديع، وشماتة المرجفين خلف ابتسامات خبيثة…
عندما يرى المشفقون ولاية الخرطوم بكل مدنها ومحلياتها غارقة في الأوساخ والقمامة، والمحليات تتفرج، بينما وزارة الصحة في الضفة الأخرى تقاتل وحدها عدواً سجدت تحت ركائبه أكبر قوة في العالم، حينها يحقُّ للمشفقين أن يبكوا بقلب صديع، ويحق للشامتين أن يضحكوا كيفما شاءوا ، لأن المحليات كلها انحازت إلى صف “كورونا” بأن هيأت لها ظروفاً مواتية للقضاء على الأمة السودانية بالغرق في مستنقع النفايات القاتلة، ومن لم يمت بـ “كرونا” مات بالأوبية الأخرى مثل الكوليرا والاسهالات المائية ونحوها..
وعندما يرى المشفقون الخلافات تضرب قوى الحراك الثوري الفاعلة، وتتحول الكفاءات إلى محاصصات وصراعات، ويترآءى التشاكس المكتوم بين العسكر والمدنيين، حينها يحق للمشفقين على مستقبل ثورتهم أن يبكوا بقلب صديع وكبدٍ منفطر، وخواطر منكسر، ويحق للشامتين أن يرقصوا “القردية”..
وعندما يرى المشفقون عجز وزارات مثل التجارة والصناعة، والطاقة عن حسم فوضى الدقيق، والوقود، والغاز وتراكم الصفوف في زمن “كرونا”، يحق لهم أن يبكوا بقلب صديع ودموع عصية على الظهور، ويحقُ للشامتين أن يمدوا السنتهم بالسوء للنيل من عظمة الثورة، وزرع الاحباط في النفوس..
سؤال كبير ومهم ما الذي يجعل المحليات تتفرج على تلال النفايات والقاذورات الملقاه على الطرق الرئيسة، وهي التي تملك من الآليات والموظفين والعمال مايفوق حد التصور؟!….
كنتُ اتوقع أن تستغل محليات الخرطوم أيام الحظر وإغلاق الاسواق وخلو الشوارع لتعيد الخرطوم إلى سيرتها الأولى في الستينات حينما كانت شوارعها تغسل بـ “الديتول” صباح كل يوم،لكن للأسف زاد الحال سوءاً، وصرف العمال والموظفين رواتبهم، والتزموا بيوتهم ونام المديرون التنفيذيون والوالي على مقربة من طنين الذباب ، والحركة المُموَّجة لديدان القمامات، ولم نسمع لهم ركزاً…
كنتُ اتوقع الا يقل دور المحليات في النظافة عن دور الجيش الأبيض حامي الثغور بالمستشفيات، لكن بكل أسف أن شيئاً من هذا لم يحدث، فعمال الصحة ومسؤوليها لايقلون دوراً عن الأطباء، فالصنف الأول يكافح الجائحات والأوبية قبل حدوثها، والثاني يتعامل معها بعد الواقعة، فهل تنتظر المحليات تفشي الكوليرا والاسهالات حتى تنهض من نومها الذي هو الآن جريمة بكل المقاييس…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

اترك رد