اخبار السودان لحظة بلحظة

نعم أخطأنا.. لا للترصد

النور احمد النور
نشرت صحيفتنا الجمعة الماضي مقالاً للكاتب العمدة الحاج علي صالح بزاويته «ترحال»، وللأسف احتوى المقال عبارات غير لائقة وحمل كلمات لها دلالات بغيضة.
نقر بأن نشر المقال بالعبارات السيئة التي حملها خطأ ما كان له أن يمر من تحت أنف الرقيب و»كلب الحراسة» الداخلية، لأنه يناقض السياسة التحريرية للصحيفة وتوجهها القومي، وحرصها على الوحدة والتماسك الاجتماعي والتعايش السلمي، ويصادم ما نؤمن به من فكر ومعتقد يرفض التفرقة بين البشر حسب أصولهم ولونهم. فأول من نادى بالعنصرية هو إبليس، حيث قال حينما أمره الله تعالى بالسجود لآدم: «أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين».
العنصرية على مر التاريخ نالت من كثير من المجتمعات، التي لم تستطع إيجاد حلول حقيقية تخلصها من عواقب هذه الظاهرة، ما مكّنها بعد ذلك من بناء أمجاد عتيدة، بعد أن آمنت بالمساواة في الحصول على الفرص، وأيقنت أن التفوّق ليس حكراً على فئة محددة، فصهرت جميع الإمكانات المتوفرة في أبنائها لترسم أجمل صور التكافل والتكاتف في الطريق إلى الحضارة.
لم تنتظر إدارة التحرير طلباً لمعالجة الخطأ أو تقاعست فبادرت بشجاعة اعترافاً به والاعتذار عنه وإيقاف الكاتب عن الكتابة وشكّل الناشر لجنة تحقيق لتحديد مسؤولية ومحاسبة من قصر في مهامه، كما وجه اعتذاراً صريحاً للرأي العام وقراء الصحيفة الأوفياء.
وأكد الناشر أن إدارة الصحيفة لا تقبل أبداً نشر أو احتواء مواد تحريرية على عبارات عنصرية أو تكون مدخلاً لإثارة النعرات والفتنة.
وعزز ذلك اعتذار ثالث من أسرة الكاتب العمدة الحاج علي صالح عمدة عموم نهر عطبرة التي اعتبرت عباراته المسيئة خطأً في التعبير وليس الإساءة إلى أي جهات أو أشخاص.
الأخطاء التي تقع في الصحف أمر وارد الحدوث، ولكن العبرة التعاطي معها بالطرق التي تكفل معالجة آثارها وتجاوز تداعياتها، وهو ما فعلته صحيفتنا بكل شجاعة مهنية وأخلاقية وإدارية، ويمكن بعد ذلك اللجوء إلى القضاء الطبيعي إذا رأى أي متضرر أن المعالجات لم تنصفه أو تجبر ضرره.
ولكن ما يثير الارتياب هو محاولة بعض الجهات توظيف ما حدث سياسياً للنيل من «الانتباهة» لتصفية حسابات قديمة واستثمار النشر بطريقة كيدية لتعطيل الصحيفة بكلمات حق يراد بها باطل، خصوصاً من سماسرة السياسة الفاشلين الذين يصطادون في المياه العكرة، ويسرقون لسان مجموعات محددة واستدرار عواطف بعضهم بدموع التماسيح وعبارات مشروخة ظلوا يرددونها كالببغاوات.
نعتقد أن مؤسستنا اتخذت كل التدابير الممكنة لمعالجة ما جرى، ولكنها لن تسكت أو تستكين لمن يعتقدون أنهم وجدوا فرصة ذهبية للنيل من منبرنا الصحفي الشامخ ويحاولون استخدام «خناجر» صدئة لغرسها في جسم صحيفتنا لإيذائها والنيل منها، ودفع جهات رسمية لتبني تدابير إدارية وسياسية تصادم روح الثورة وتنافي قيم الحرية والعدالة.
قناعتنا أن معالجة أخطاء الممارسة في مناخ الحريات بمزيد من الحريات والتنافس الحر، والاحتكام إلى مؤسسات العدالة الطبيعية، والالتزام بالمواثيق الأخلاقية، وتعزيز قيم المهنية، وليس التهريج والتهييج السياسي لإثارة غبار يسمح بتمرير أجندة سياسية مكشوفة الدوافع، لن يكتب لها النجاح مهما حاول أصحابها التدثر بالمصلحة العامة ورفع لافتات كذوب بدعاوى حماية المجتمع والوطن.

The post نعم أخطأنا.. لا للترصد appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد