اخبار السودان لحظة بلحظة

وحي الفكرة-عصر الصحافة المغتصبة والثقافة السائلة

نشر اﻷستاذ عثمان كباشي الخبير في مجال اﻹعلام و الصحافة المتقدمة خبرا مهما عن مذكرة عاجلة رفعها مايزيد عن 280 محررا صحفيا وكاتبا يعملون بصحيفة وول استريت جورنال الامريكية لناشر الصحيفة يطالبون فيها بضرورةالتفريق بين الرأي والمحتوي اﻹخباري ، وقد جاء في الرسالة ان مواد الرأي التي تفتقر إلي الشفافية والتي لا تخضع الي عمليات التحقق من دقة الوقائع، والتي تتجاهل اﻷدلة الواضحة تساهم في تقويض ثقة القراء في الصحيفة…إنتهي خبر الخبير عثمان كباشي..

وما اورده الأستاذ كباشي الخبيربمركزقناةالجزيرة القطرية للصحافة المتقدمة ، يجب أن يقرأ بإهتمام يدفعنا لمراجعة واقعنا الصحافي والثقافي في ذات الوقت ، إذ ان ما انتبه اليه صحفيو وول إستريت جورنال اﻷمريكية يعد بكل المقاييس وضعا مطلوبا في المؤسسات الصحفية المحترمة وواجبا حتميا علي الصحفي المهني المؤهل، ولكن اين نحن وصحافتنا من تلك الصرامة اﻷخلاقيةو المهنية الرفيعة؟؟

يبدو أننا نحن في السودان أصحاب المبادرة بتخليق جرثومة التجاوز المهني الذي لايفرق بين الرأي والمحتوي اﻹخباري بل وتختفي طرق التحرير الصحفي بل وتستباح فيه اللغة بجرأة مخيفة..

وكأنما نحن رواد ظاهرة الصحافة المغتصبة والتي ربما تكون قد وصلت مؤخرا الي وول إستريت جورنال في الولايات المتحدة اﻷمريكية فأثارت حفيظة صحفييها وكتابها مما دفعهم لرفع مطالبتهم للناشر بضرورة مواجهة تسلل آفة التجاوز الذي يهدد مهنية الصحيفة بل وينسف وجودها ولطالما للقراء خبراتهم المكتسبة للتميز بين اﻷداء الصحفي المسئول والهرجلة التي تهدد المهنة وتعجل بنهاية عصر المهنية وأعني بها عصر نظرية المسئولية اﻹجتماعية التي تسيدت العالم لعقود طويلة.

والصحافة المغتصبة هي صحافة تعرضت لهجوم كاسح من عاطلي المواهب وعديمي الخبرة ومستعجلي الشهرة فأرغموها علي التنازل عن اساسيات المهنة وأجبروها علي التخلي عن اخلاقياتها ومهامها لتتحول الي وسيلة لﻹرتزاق الرخيص..

ولربما تأثرت صحافتنا المعاصرة بموجة اخري دعنا نطلق عليها الثقافة السائلة هي تلك المنشورات المرتجلة والشائعات المنتشرة عبر وسائط التواصل اﻹجتماعي فهي مجهولة المصدر وغامضة الغرض.

صحافتنا المغتصبة تزدحم بكتابات تحت مظلة الرأي وهي في الحقيقة مجرد خواطر وانطباعات فطيرة تعوزها الفكرة والجرأة والنقد والسند المنطقي واﻷدلة الدامغة…

بل وصل الحال الي مستويات خطيرة لبعض كتابها الذين يجيدون صناعة اﻷكاذيب وتصديقها ومن ثم ترويجها كحقائق وهي في الواقع مجرد اوهام واكاذيب مختلقة…

اترك رد