اخبار السودان لحظة بلحظة

عبداللطيف البوني يكتب: في وداع ابراهيم البدوي

(1 )
في عالم اليوم الذي يقوم على الاعتماد المتبادل لاتوجد دولة يمكنها الاستغناء عن المجموعة الدولية فأي دولة في الدنيا (العايشين فيها دي) مهما اوتيت من امكانيات لابدل أن تكون متداخلة مع هذه المجموعة الدولية . في حكاية المجموعة الدولية لابد من وقفة اذ يجب ان لاتخدعنا الكلمات ذات البريق الزائف فالمجموعة الدولية تعني الجماعة المسيطرة , الجماعة المتحكمة في مصير العالم بعبارة ثانية في الدنيا (العايشين فيها دي) لاتوجد علاقات متكافئة بل هناك دوما سيدا ومسيود تابعا متبوع لن نقول اننا في عالم يحكمه قانون الغاب (القوي ياكل الضعيف) ولكننا في عالم يحكمه قانون ينظم سيطرة القوي على الضعيف في نهايته القوي سياكل الضعيف ولكن (كله بالقانون) فلطالما أن هناك قانونا وتنظيما فهذا يعني انه امام الضعيف هامش لتكون له يد في الطريقة التي يؤكل بها لكى يبقى منه ما يمكنه من استعادة حياته ليقلب الطاولة فيما بعد على اكله فالايام متداولة بين الناس اذ لاتوجد قوة مطلقة ولاضعف مطلق فأقوى اقوياء العالم يحمل في احشائه بذور فنائه
(2 )
في فترة الحرب الباردة كانت هناك مجموعتان دوليتان وهما المجموعة الرأسمالية الغربية والمجموعة الاشتراكية الشرقية وهذا اتاح لدول العالم الثالث هامشا للمناورة فالدولة التي تختار النهج الرأسمالي اي سيطرة القطاع الخاص تجد دعما من المجموعة الغربية والدولة التي تنتهج الاشتراكية اي سيطرة القطاع العام تجد دعما من المجموعة الشرقية . اها بعد نهاية الحرب الباردة 1990 انعدم هذا الهامش فاصبح محكوما على الجميع ان يسير في ركاب النهج الراسمالي والاهم انه قد اصبحت هناك مجموعة دولية واحدة وهي امريكا وصويحباتها (نهاية التاريخ) وفي هذا الوقت أصبح السودان على الانقاذ فقررت السير في ركاب المجموعة الدولية الموجودة (سياسة التحرير الاقتصادي 1991 ) ظنا منها ان جواز المرور هو الاقتصاد فقط فما كان من المجموعة الدولية الا ان اعطتها (بالصرمة) فكان ما كان من حصار اقتصادي ودعم معارضة مدنية ومسلحة وقائمة ارهاب ومحكمة جنائية وحاجات تانية حامياني ف(حدث ما حدث)
(3 )
الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك والبدوي في المالية كانت مدركة للعبة الدولية جيدا وانه لا انطلاق للسودان في الدائرة المرسومة للضعفاء الا باسترضاء المجموعة الدولية فبشرت وهزت الحكومة بثورة السودان وهي فعلا ثورة جديرة بالبتبشير بها وخاطب حمدوك الجمعية العامة للامم المتحدة والاتحاد الاروبي وكان مؤتمر برلين الشهر الماضي فمدت المجموعة الدولية كفها لمصافحة السودان ولكنها لم تفتح له احضانها اذ وضعت قائمة شروطها التي تعيد السودان ليس لما قبل الانقاذ انما لما عليه الحال في 1 \ 1 \ 1956 ليكون التسليم من الخواجة الى الخواجة طبعا مع مراعاة فروق الوقت حيث ان الرجوع سيكون بهيكلة جديدة للاقتصاد اصلاح قانوني اصلاح سياسي اصلاح اجتماعي واصلاح هنا بمعايير المجموعة الدولية
(4 )
السيد ابراهيم البدوي اخذ قائمة المطلوبات الاقتصادية (الهيكلة ) وانطلق بها لا يلوي على شيء وهاك يا رفع دعم وزيادة رواتب بنسبة 600% ودعم نقدي وتوجه لتحرير ما يسمى بالجنيه السوداني وحاجات تانية حامياني لكن المجموعة الدولية خذلته ولم تقدم له اي (مخدة) لكي يضعها تحت راسه ولاحتى (بشكير) انما منديل على اكثر تقدير ومن جانبه لم يحاول البدوي نفض الجراب المحلي الذي لايخلو من بقية متعلقات اكان قطن اكان سمسم اكان ثروة حيوانية اكان صمغ اكان دهب (الاشقاء) عربا و(الاصدقاء ) شرقا اخذوا يتفرجون وربما في شماتة و(الثوار) يسيرون المسيرات يقيمون التروس ويحرقون اللساتك وحاضنة سياسية تهتف (لن يحكمنا البنك الدولي) فتمحقت الامور على البدوي فكان الانهيار الاقتصادي المتمثل في جنيه اقل من وزن الريشة ورغيفة بثلاثة جنيهات وغير موجودة وصفوف جازولين حدها حسن وموسم زراعي متعثر ورواتب تقوم على طباعة العملة فقط فتضاعفت متوالية الجوع والمرض والفقر ولو لابقية نبض في المجتمع السوداني لكنا اليوم في خبر كان وقالت الحكومة (الروب) وتمثل ذلك في التعديل الوزراي وخروج البدوي
(5 )
يبقى السؤال الحكومة الجديدة القادمة والخالية من الدكتور ابراهيم البدوي او حتى بابراهيم البدوي (اذا نجح السيد الصادق في اعادته) هل ستعود بما مضى من سياسات ام بامر فيه تجديد ؟ والسؤال مستوحى من عيد المتنبئ .وتتفرع من هذا السؤال المركزي عدة اسئلة هل سوف تستطيع الحكومة الجديدة الحصول على مخدة من المجموعة الدولية (باي هوك اوكورك) ؟ هل ستننجح في استجلاب دعم من الاشقاء والاصدقاء ؟ طبعا كله بتمنه . هل سوف تنقب في الجراب المحلي من ذهب وقطن وسمسم وخرفان والذي منه عسى ولعل ؟ هل ستقنع الثوار بترك ما هم فيه والتوجه للانتاج ؟ هل ستقتنع الحاضنة السياسية بان يحكمنا البنك الدولي ؟ الله يكون في عونك ياحمدوك ففي عونك عون السودان.

 

 

 

 

صحيفة السوداني

اترك رد